شتَّان ما بين الاثنــــين، لكنهما يشتركان في خاصية واحدة هي الاكتشافات حـــتى وإن جاءت متأخـــرة. يعتبر أرخميدس من أعظم علــــماء الرياضيات في العصور القديمة، وهو أيضاً فلكي وفيــــزيائي ومخترع ، يوناني الأصل ولد سنة 287 قــبل الميلاد في بلدة سرقوسة الواقعة على الساحل الشرقي من جزيرة صقلية، أكمل تعليــــمه في الإسكندرية عندما كانــــت قبــــلة الدنــــيا في العلم والتعلـــيم، ثـــــم عاد إلى بلدته سرقوسة ليقضي بقية حياته في الأبحاث والتجارب والاختراعات وحل المعضلات التي تواجه الدولة والمجتمع آنذاك. في يوم من الايام وبعد تتويج الملك الجديد، شكك هذا الملك في أن الصائغ الذي صنع له التاج قد غشه، ومزج مع الذهب الخالص كمية من الفضة وطمع ببقية الذهب لنفسه. عندها طلب من أرخميدس ان يتحرى الأمر ليتأكد من صحته من دون إتلاف التاج نفسه. كان أرخميدس يغتسل في حمام عام، ولاحظ أن منسوب الماء قد ارتفع في الحوض عندما انغمس فيه، وأن للماء قوة دافعة على جسمه ترفعه إلى الأعلى، فخرج الى الشارع عاريا يجري ويصيح (أوريكا، أوريكا)؛ أي وجدتها.. وجدتها لأنه اعتقد – وكان محقا في ذلك- من أن هذا الاكتشاف سيحل معضلة التاج الملكي التي كانت تؤرقه لفترة طويلة. اشتهرأرخميدس بنظرية الأجسام الغاطسة في السوائل، والماء منها. فقد وجد أن جسده أصبح أخف وزناً عندما نزل في حوض الماء، وأن الانخفاض في وزنه يساوي وزن الماء المزاح الذي أزاحه جسمه، وتحقق أيضا من أن حجم الماء المزاح يساوي حجم الجسم المغمور. وباستعمال العلاقة الرياضية بين حجم الجسم ووزنه يمكن حساب كثافته النوعية، وهكذاعرف أرخميدس مكونات التاج المغشوش مقارنة بوزن قطعة ذهب خالص مساوية للوزن المفترض للتاج ككتلة ذهب خالص، أي غير مغشوش. لأن كثافة الذهب تختـــــلف عن كثافة الفضــــة، والنتيجة كانت هي أنَّ الصائغ قد فقد رأسه وحصل العلم والعالم على قاعدة أرخميدس للاجسام الطافية التي ساهمت في الكثير من الاخــــتراعات العلمية والهندسية. أما نوري المالكي رئيس مجلس الوزراء (العراقي) فيعتقد بأنه من أكثر الحكام هيمنة على مرافق الدولة التي يدّعون أنها ديمقراطية، فهو رئيس مجلس الوزراء والقائد العام للقوات المسلحة، وزير الدفاع، والداخلية، والاستخبارات، والمخابرات، والأمن الوطني، ويهيمن على مقادير البنك المركزي، والمحكمة الاتحادية، والرقابة المالية، ولجان النزاهة، والمساءلة والعدالة، وحقوق الانسان، والمصالحة، ومفوضية الانتخابات وغيرها، وكلها وظائف مهمة وحيويـــــة في إدارة البــــلاد، لكنه افشلها كلها ولم يحقق شيئا لا للدولــــة ولا للشـــــعب، غير الفساد والقتل والاعتقالات العشوائية والتدهورالأمني الفظيع، وانتشار الميليشيات الإرهابية الطائفية بكافة أنواعها واستمرار نزيف الدم العراقي. فمنذ مجيئه إلى المنطقة الخضراء ولغاية اليوم أضحى الوضع في عمــــوم العراق مأساوياً ومظلماً، وبات العراق أسيراً لمخططات ايران بعد ان الحقهُ المالكي والتحالف (الوطني) الذي ينتمي اليه بسلطة ولاية الفقيه في ايران. وما تحذيرات منظمة الامم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية الأخرى من الوضع المأساوي في العراق وتدهور الخدمات والأمن بعد عشر سنوات عجاف، إلا دليل على فشل المالكي وسلطته، وتخبطه لانه انتهج سياسات ترقيعية بائسة، أدت الى ترحيل الكثير من الكوارث والأزمات المزمنة الى الزمن القادم، مما خلق أجواء طائفية مسمومة ووضعا أمنيا كارثيا، ازدهر فيه الإرهاب القاعدي ونما لكي يدعم إدعاءاته – والتحالف الذي يقف خلفه – بانه رجل المرحلة القادر على دحر الإرهاب. كل ذلك من اجل الهروب من الإخفاق المريع في ملف الخدمات الضرورية لعموم الشعب العراقي وانعدام الأمن بصورة تامة. خرج المالكي قبل أيام وأطلق تصريحات عجيبة وكأنه يحاكي أرخميدس عندما قال وجدتها! فإذا به يعلن ان مشكلة توفير الطاقة الكهربائية بمراحلها الثلاث – الإنتاج والنقل والتوزيع والاخفاقات المتكررة سببها حسين الشهرستاني نائبه لشؤون النفط والطاقة، لانه يعطيه أرقاما لإنجازات وهمية غير صحيحة، يعني بالعربي الفصيح (يكذب عليه) ويرد حسين الشهرستاني ويقول بان الأرقام تأتيه من وزير الكهرباء، اي ان مصدر الكذب هو وزير الكهرباء، وهذا بدوره يقول ان اللوم يقع على المديرين العامين للأقسام المعنية وهكذا، والعراقيِّون في هذه الدوامة منذ عشر سنوات. المعروف عن أرخميدس انه ساهم في حل الكثير من المعضلات والمشاكل التي كانت تواجه الجهد الدفاعي والعسكري لبـــلده في ذلك الزمن البعيد، واليـــكم واحــــدة من هذه المعضلات؛ كان الأسطول البحري يعاني من تجمع ميــــاه الأمطار في قعر السفـــــن، ويحتاج إلى وقت طويل وجهود كبيرة لتفريغها في البحر، استعان الملك بأرخميدس ليجــــد له طريــــقة أسرع واقــــل جهـــداً لنقل المياه من قعـــر السفينة وتفريغها في البحر. وكما هي عادته وكأنه صاح مرة أخرى وجدتها.. وجدتها! توصَّل الى صنع آلة ميكانيكية لهذا الغرض، انها (طنبور أرخميدس) وهي عبارة عن أسطوانة طويلة لها يد ومرفق بطرفها العلوي وبداخلها لولب مجوف، وتوضع بمستوى مائل بحيث يمتد طرفها السفلي أسفل سطح الماء (في هذه الحالة قعر السفينة) وحينما تدور فإنها ترفع المياه إلى أعلى السفينة ومنها الى البحر. وقد استعملت أيضاً في تجفيف الأراضي، واستعملها المصريون في ري أراضيهم الزراعية. وتدلُّ كتب التأريخ الى أن هذه الآلة او ما يشبهها، استعملت في ري الجنائن المعلّقة في بابل القديمة قبل 300 عام من ولادة أرخميدس. أما نوري المالكي وفي آخر تصريح له وكأنه وجدها… أي وجد الحل في القضاء على (الارهابيين) والحفاظ على أرواح المواطنين وممتلكاتهم ومستقبلهم (الزاهر) في ظل حكومته الرشيدة، قال.. إنَّ الاعتصامات والتظاهرات التي يشهدها العديد من المدن والمحافظات العراقية منذ ثمانية أشهر هي من فعل أُناس مرتبطين بأؤلائك المعتصمين المخربين في مصر. وإنَّ الأعمال الإرهابية التي يشهدها العراق هي نفسها التي تحدث في مصر وبالتالي فانه سوف يتخذ نفس الإجراءات التي اتخذتها سلطات مصر في فض الاعتصامات والتظاهرات، وسوف لن يسمح لأية انتقادات أو اعتراضات على حملته في ملاحقة الإرهابيين والمعتصمين. وكأنَّ المالكي يقول، لماذا على مصر حلال وعليَّ حرام؟ أرخميدس قدَّمَ للعالم حوالي أربعين اختراعاً سهّلت حياة الناس على مدى 2000 عام، ونوري المالكي يقدم الأعذار والتبريرات على خيبته وعقم حكمه وسذاجة تصرفاته التي جلبت الويلات والكوارث لشعب الرافدين من اجل ان يبقى على كرسي الحكم، لانه الرجل المناسب جداً لتمثيل هذه العملية السياسية الكارثية التي أوجدها المحتل الأمريكي وشاركه في الرعاية والشرعنة الجارة إيران، يحتاج العراقيون إلى وقفة موحدة وشجاعة وانتفاضة عارمة تقلع المالكي وأعوانه لتعيد العراق إلى أهله ومحيطه والى أمجاده ودوره الكبير في صناعة التاريخ.