ليس باستطاعة نتنياهو أن يكون أكثر وضوحاً في مقابلات العيد التي أجراها معه أمنون لورد في “إسرائيل اليوم” وحاجي سيغل في “ميكور ريشون”. سينفذ الضم مطلع تموز، مع أو بدون تأييد إدارة ترامب. يفضل أن يكون مع، لكنه سيضم بدون أيضاً. لا يصغي إلى تحذيرات رؤساء الأجهزة الأمنية. ويعرف أن الأردن قد يلغي اتفاق السلام، وأن الدول العربية السنية المعتدلة مثل السعودية ومصر ودول الخليج تعارض الضم، وستضطر إلى الرد.
ويعرف أيضاً أن السلطة الفلسطينية قد تنهار. وإن لم تنهر فإن التعاون الأمني مع أجهزة أمنها سيوقف أيضاً وقد تندلع انتفاضة. كما يعرف أن مواطني إسرائيل قد يموتون في هجمات إرهابية، وأن الاتحاد الأوروبي سيرد بفرض عقوبات. ويعرف أنه إذا انتخب بايدن رئيساً لأمريكا في تشرين الثاني سيتسبب هذا الضم بأزمة قاسية في العلاقة بين إسرائيل والولايات المتحدة.
يعلن على رؤوس الأشهاد بأن الـ 50 ألف فلسطيني الذين يعيشون في الغور لن يحصلوا على المواطنة الإسرائيلية بعد الضم. ضليع في التاريخ، ويعرف ما حدث لمصير البنتوستانات التي أنشأها جنوب أفريقيا تحت نظام الأبرتهايد، وماذا كانت مساهمتها في التحريض ضد الاستبداد الأبيض. ويعرف أن هذا الضم سينفذ على خلفية ركود شديد وضائقة اقتصادية واسعة وعميقة، غير مسبوقة في حجمها، ليس فقط في إسرائيل، بل في السلطة الفلسطينية أيضاً. ويعرف أن حماس تنتظر فرصة كهذه وأنها ستنضم إلى العناصر الإرهابية المتطرفة في الضفة.
يعرف أن هذا الضم سينفذ على خلفية حرب سايبر تجري بين إسرائيل وإيران، وأن حزب الله قد يستغل هذه الفوضى العنيفة التي ستنشأ لإطلاق صليات من الصواريخ على الجبهة الداخلية في إسرائيل. هو يدرك أن إسرائيل قد تجد نفسها معزولة عن العالم، ومهاجمة من كل الجهات، في حين أنها غارقة في ضائقة مالية صعبة.
هي حرب ستكلف أموالاً طائلة لا تملكها إسرائيل، وليس لديها أموال لميزانية الدفاع لخطة متعددة السنوات، هذا من غير الحديث عن أموال تحتاجها حرب في جبهة واحدة أو أكثر. الإرهاب سيصعب عملية انتعاش الاقتصاد. يعرف نتنياهو أنه سينفذ الضم على خلفية خوف من تفش ثان لكورونا. مواجهة كورونا قد يقدم هبوط نسبة الحرب في الشرق الأوسط بسبب مصالح مشتركة لإسرائيل وأعدائها في اجتثاث الفيروس، ولكن نتنياهو يعرض هذه التفاهمات للخطر بشكل متعمد.
إن إغلاقاً آخر قاتلاً من ناحية اقتصادية ولا حاجة إليه من ناحية صحية، قد يظهر مثل الحل الأكثر نجاحاً لموجة إرهاب ستندلع. عندما تفرغ الشوارع والمطاعم والحافلات من الأشخاص ستزيد صعوبة قتلهم. ربما يتم القضاء على الانتفاضة القريبة بإغلاق سيخرب الاقتصاد. فأنا غير متشائم ولا أشعل الرعب. هذه الأمور واضحة للجميع، هذه النقاط يشير إليها نتنياهو نفسه. وأنا أمداً خطاً معقولاً بينها. هذا هو التنبؤ المعقول للصيف.
مواطنو إسرائيل يسيرون في المسيرة الحمقاء التي تقود إلى هذه الكارثة مباشرة، مثل الجنود الأمريكيين الذين يسيرون نحو الطائرة التي ستنقلهم إلى فيتنام في فيلم “شعر” – لكن يبدو لهم أنهم يظهرون في إعلان لـ “يس” من بطولة نوعا كيرل. والواقع الحزين هذا الذي ينتظرهم هو فيلم غير مرتبط بهم. هو مرتبط بهم. ومن هذه الرحلة الجوية سيعودون في التوابيت. ومقابلات العيد التي أجراها نتنياهو مثل معزوفة على الكمان ولهيب النار بأداء القيصر نيرون. سيمفونية الضم.
بقلم: روغل الفر
هآرتس 31/5/2020