لندن – “القدس العربي”:
تساءلت مجلة “نيوزويك” في تقرير أعده بتير إيتكن عن إمكانية خسارة المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس الانتخابات الرئاسية بسبب أصوات المسلمين في ميشيغان. وقال فيه إن هاريس تواجه على ما يبدو معارضة واضحة من الناخبين العرب والمسلمين حيث تستمر في خوض منافسة محتدمة في ولاية ميشيغان وفي الأسابيع التي تسبق الانتخابات الرئاسية لهذا العام.
وتعتبر ميشيغان من الولايات المتأرجحة ذات أكبر تركيز للناخبين المسلمين، وهي المجموعة التي دعمت الديمقراطيين بأغلبية ساحقة في السباقات الرئاسية الأخيرة. ومع ذلك، فقد ابتعدت شرائح كبيرة من هؤلاء الناخبين عن الحزب الديمقراطي، بسبب تعامل إدارة بايدن-هاريس مع الأزمة الإنسانية في غزة.
وقد وقفت إدارة الرئيس جو بايدن بحزم مع إسرائيل ومنذ هجمات حماس ضدها في 7 تشرين الأول/أكتوبر، وقتل في الرد الإسرائيلي على الهجمات أكثر من 42,000 فلسطيني. وفي مؤتمر الديمقراطيين بميشيغان في آب/أغسطس حظي دعم هاريس للدولة الفلسطينية بحفاوة كبيرة، مع أنها أكدت في خطاب قبوله ترشيح الحزب أنها ستواصل دعمها لإسرائيل والتزامها بأمنها إلى جانب معالجة الوضع الإنساني الناجم عن النزاع.
وقالت: “إن الرئيس بايدن وأنا نعمل على إنهاء هذه الحرب حتى تصبح إسرائيل آمنة، ويتم إطلاق سراح الرهائن، وتنتهي المعاناة في غزة، ويتمكن الشعب الفلسطيني من إدراك حقه في الكرامة والأمن والحرية وتقرير المصير”. وفي بيان عبر البرد الإلكتروني من حملة هاريس إلى مجلة “نيوزويك” جاء: “أدلت نائبة الرئيس بالعديد من التصريحات العامة التي عبرت فيها عن وجهة نظرها وموقفها بشأن الحرب في غزة منذ أن أصبحت مرشحة. وتعمل الحملة على التواصل مع المجتمع المسلم والعربي الأمريكي على الأرض، وتلتقي بهم حيث هم”.
وذكرت حملة هاريس قائمة من الدعم الذي تلقته من جماعات مسلمة مهمة ومسؤولين بارزين بمن فيهم نائبة ولاية مينسوتا، إلهان عمر وكذا المدعي العام للولاية كيث إيلسون. كما وتلقت دعما من الناشط العربي الأمريكي في ميشيغان، إسماعيل أحمد والسناتور الديمقراطي عن نيوجيرسي، جورج حلمي.
وحظيت هاريس بدعم مجموعة مناصرة “إيمغيج” وهي الجماعة التي تعمل “على تعليم وحشد الناخبين المسلمين الأمريكيين”، وكذا مجلس قيادة المسلمين السود ومن اللبنانيين الأمريكيين، من بين عدة جماعات.
وتشير أحدث استطلاعات الرأي في جميع الولايات المتأرجحة، والتي تشمل ميشيغان بهامش خطأ، إلى أن هاريس تتقدم على الرئيس السابق دونالد ترامب، مرشح الحزب الجمهوري، بنحو 3 نقاط في ميشيغان (49 إلى 46 في المئة)، وفقا لأحدث استطلاعات كوينيبياك وبلومبيرغ / مورنينغ كونسلت، وبنحو نقطتين فقط (49 إلى 47 في المئة)، وفقا لأحدث استطلاع أجرته واشنطن بوست وشار سكول للناخبين المحتملين.
ولم تسجل شركات تراكم الاستطلاعات نيت سيلفر في سيلفر بوليتن وفايف ثيرتي إيت في إي بي سي وريل كلير بوليتكس، متوسطات أكثر صرامة بنسب 0.8% و0.7% و0.2% بالمئة على التوالي.
وتعلق المجلة أن كل مرشح لديه تاريخ مضطرب عندما يتعلق بالناخبين المسلمين الأمريكيين، ذلك أن دعم الديمقراطيين للحرب ضد غزة أدى لخسارتهم مكانتهم ودعمهم، بينما أصدر ترامب فور توليه الرئاسة عام 2017 أمرا حظر فيه دخول مواطني سبع دول عربية ذات أغلبية مسلمة تقريبا إلى الولايات المتحدة.
وفي الوقت نفسه، أدى الاستياء بين الناخبين المسلمين في ميشيغان بسبب الطريقة التي تعامل بها بايدن وهاريس مع غزة إلى تصويت احتجاج أثناء الانتخابات التمهيدية فيما عرفت بحركة “غير ملتزم”. وخسر بايدن أصوات سكان ديربورن ذات الغالبية المسلمة. وقال مكتب رئيس عمدة ديربورن عبد الله حمود إنه “ليس لدينا تعليق أو رؤية” عندما تم الاتصال به. وقالت مجموعة “تخلوا عن هاريس” والتي تشمل على تحالف من الحقوق المدنية في أمريكا إن سياسة الإدارة من “الموت في غزة” هي الدافع الرئيسي “لمعاقبة هاريس”. وقد دعمت المجموعة مرشحة حزب الخضر جيل ستاين.
ودافعت حملة هاريس في تعليقات للمجلة بأن المرشحة الديمقراطية “سلطت الضوء على الأزمة الإنسانية في غزة” وحثت إسرائيل على “اتباع القانون الإنساني”، وأن إدارة بايدن-هاريس قدمت وضع الحماية المؤقتة وتصاريح العمل لآلاف المواطنين اللبنانيين المؤهلين. إلا أن ترامب حقق تقدما مفاجئا وسط العرب الأمريكيين في ميشيغان والفضل يعود إلى عمدة هامتراك بولاية ميشيغان، عامر غالب، وهي المدينة الوحيدة في الولايات المتحدة التي تضم إدارة مسلمة بالكامل وغالبية سكانها من المسلمين. وقد نشر غالب، وهو ديمقراطي، على فيسبوك أن “الوضع يبدو جيدا” بالنسبة لترامب عندما أعلن عن “دعمه وتأييده للرئيس السابق، ونأمل أن يكون الرئيس القادم للولايات المتحدة”.
وفي الوقت نفسه، قالت حملة هاريس إنها حصلت على دعم ثلاثة من أعضاء مجلس بلدية هامتراك وهم محمد السميري ومحمد حسن ومحيث محمود، وكلهم قالوا إن حملة ترامب تواصلت معهم عدة مرات خلال الأشهر الماضية على أمل الحصول على دعمهم، وذلك حسب “ديترويت نيوز”.
ويبلغ عدد المسلمين في الولايات المتحدة، حسب الإحصاء الوطني 4.5 مليون مسلم، يعيش ربعهم في ميشيغان.
وفي الانتخابات الرئاسية لعام 2016، ذهبت ميشيغان لصالح ترامب بهامش أقل بقليل من 11,000 صوت، بينما فاز بايدن بالولاية في عام 2020 بفارق حوالي 154,000 صوت. وتعتبر ميشيغان واحدة من ولايات “الجدار الأزرق” التي صوتت بشكل مستمر للديمقراطيين على مدى 30 عاما حتى بدا أن ترامب حطمها في عام 2016، وفاز بولايات ويسكنسن وميشيغان وبنسلفانيا، وقد استعاد بايدن هذا الدعم في عام 2020.
ويرى المحللون السياسيون هذه الولايات مرة أخرى على أنها المسار الأكثر وضوحا للفوز لهاريس. إن الفشل في الفوز بهذه الولايات من شأنه أن يجعل من الصعب جدا على هاريس الفوز في الانتخابات الرئاسية. وتواصل حملة هاريس زيادة استثماراتها المالية من ستة أرقام في التواصل الرقمي مع الناخبين المسلمين والعرب الأمريكيين بما في ذلك واتساب ومشاركة رسائل الحملة والإعلانات المستهدفة للوصول إلى نفس هؤلاء الناخبين عبر الإنترنت.