لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا أعده كل من ديفيد إي سانغر وجوليان إي بارنز وإريك شميدت، قالوا فيه إن الولايات المتحدة تحاول البحث عن طرق لوقف إيران عن تقديم المسيرات القتالية إلى روسيا.
وتأتي هذه الجهود تعبيرا عن قناعة لدى المسؤولين الأمريكيين من أن الحرب الطاحنة والمستمرة في أوكرانيا قرّبت روسيا وإيران نحو تحالف مصلحة.
ولمنع إيران من مواصلة إنتاج المسيرات، مضت إدارة بايدن في خطة تعكس خطواتها منذ سنين لحرمان طهران من الحصول على التكنولوجيا النووية.
وفي تحقيق أجراه الصحافيون وقابلوا فيه مسؤولين في الاستخبارات والأمن القومي والدفاع من الولايات المتحدة وأوروبا والشرق الأوسط، تحدثوا عن البرنامج الأمريكي لخنق قدرات إيران على إنتاج المسيرات القتالية “كاميكاز” والحدّ من قدرتها لتزويد روسيا بها واستخدامها في الحرب الأوكرانية، ولو فشلت هذه الجهود، فستزود الولايات المتحدة، أوكرانيا بالقدرات العسكرية لكي تسقط المسيرات وهي في الجو.
وتشير الصحيفة إلى أن الجهود الواسعة للإدارة الأمريكية بدت واضحة خلال الأسابيع الماضية، عندما سرّعت من جهودها لحرمان إيران من المكونات المصنّعة في الغرب، حيث كشفت الفحوصات لحطام المسيرات التي تم اعتراضها، أنها معبأة بتكنولوجيا أمريكية.
وتقول الصحيفة إن القوات الأمريكية تساعد الجيش الأوكراني على استهداف مواقع إطلاق المسيرات من روسيا، وهي مهمة صعبة؛ لأن الروس يحركونها من ملعب كرة قدم إلى موقف سيارات. بالإضافة لتزويد الأوكرانيين بالقدرات العسكرية لاستهداف أسراب المسيرات وهي في الجو، والحد من تأثيرها، إلى جانب قدرات أخرى تعطيهم المجال لضرب أي شيء من قذيفة إلى صاروخ. وتشير الصحيفة إلى أن الجهود تعاني من تحديات عميقة، فالمحاولة لمنع وصول الأجزاء الضرورية لبناء المسيرات تشبه المحاولات على مدى العقود الماضية لمنع إيران من الحصول على المكونات الضرورية لبناء أجهزة الطرد المركزي اللازمة لتخصيب اليورانيوم.
وبحسب الاستخبارات الأمريكية، فإن الإيرانيين يستخدمون في تصنيع المسيرات، نفس الأسلوب الذي استخدموه في تصنيع أجهزة الطرد المركزي، أي استخدام التكنولوجيا ذات الاستعمال المزدوج وشرائها من السوق السوداء لتجنب القيود على التصدير.
وفي الحقيقة، فواحدة من الشركات الإيرانية التي حددتها الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا كمصنّع رئيسي لنوعين من المسيرات التي اشترتهما روسيا، هي “قدس للطيران”، وظهرت على قوائم الأمم المتحدة التي تزود برامج إيران النووية والصاروخية. ووسعت الشركة التي يملكها الجيش الإيراني، خطوط إنتاجها رغم العقوبات.
وتتزامن الجهود الأمريكية مع مرحلة حرجة من الحرب، حيث يستخدم الأوكرانيون مسيّراتهم لاستهداف العمق الروسي، بما فيها العملية الأخيرة ضد قاعدة عسكرية تحتفظ روسيا فيها بمقاتلاتها الاستراتيجية. وتأتي أيضا في وقت يقول المسؤولون الأمريكيون والبريطانيون، إن إيران ستزود روسيا بصواريخ. وهناك قناعة لدى أفراد التحالف الغربي، أن روسيا وإيران اللتين تعانيان من العقوبات الدولية، أقامتا تحالف مصلحة.
وقال مسؤول عسكري بارز، إن الشراكة قد تطورت سريعا بعد موافقة إيران على تقديم المسيرات لروسيا في الصيف، حيث “أنقذت بوتين”. وتضيف الصحيفة أن إدارة بايدن التي فقدت الأمل في إحياء الاتفاقية النووية عام 2015، باتت تضيف كل عدة أسابيع عقوبات جديدة ضد إيران. وكشفت الصحيفة أن إدارة بايدن تستعين بحليف ظل يعمل على منع إيران من الحصول على السلاح النووي، هو إسرائيل.
وفي بيان للبيت الأبيض قدم فيه ملامح عن اجتماع عُقد عبر الفيديو يوم الخميس الماضي، ناقش فيه مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان مع كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين في إسرائيل “علاقة إيران المتطورة مع روسيا، بما في ذلك نقل الأسلحة التي ينشرها الكرملين في أوكرانيا، واستهداف البنى التحتية المدنية، ومنح روسيا التكنولوجيا العسكرية لإيران مقابل ذلك”. ولم يشر البيان إلى تفاصيل عن طريقة معالجة الموضوع. لكن حقيقة طرح الولايات المتحدة موضوع التعاون العسكري الإيراني- الروسي في اجتماع دوري لمناقشة عمليات الحد من قدرات إيران النووية، أمر بارز. فإسرائيل والولايات المتحدة لديهما تاريخ في عمليات تعطيل التهديدات التكنولوجية النابعة من إيران. ومن ذلك تطويرها لفيروس “ستاكسنت” الذي عطل أجهزة الطرد المركزي الإيرانية.
ومنذ ذلك الوقت، لم تخف إسرائيل محاولاتها لتخريب مراكز تخصيب اليورانيوم الإيرانية. واعترفت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي، أدريان واتسون، بالجهود التي تقوم بها الإدارة لمواجهة إنتاج المسيرات الإيرانية من خلال “العقوبات والتحكم بالتصدير والحديث مع الشركات الخاصة التي تستخدم قطعها في الإنتاج”.
وتعود جهود إيران إلى عقود سابقة حيث كانت تبحث عن طرق لمراقبة ومضايقة جيرانها في الخليج، فطائرة “مهاجر1” قامت بأول تحليق لها عام 1986. وكان التقدم بطيئا، إلا أن المساعدة جاءت بطريقة غير مقصودة من الولايات المتحدة عام 2011، فقد أخذت وكالة الاستخبارات الأمريكية الطائرة بدون طيار “أر كيو-170” من أسطول البنتاغون في أفغانستان، بهدف تصوير ورصد مئات الأنفاق التي حفرتها إيران لإخفاء نشاطاتها النووية، إلا أن عطلا فنيا أدى لسقوطها في الصحراء الإيرانية.
وفي ذلك الوقت، فكّر باراك أوباما بإرسال فريق من قوات “نيفي سيلز” للبحث عنها وإنقاذها، لكنه قرر عدم المخاطرة، وبعد أيام استعرض الإيرانيون الطائرة في الشوارع كغنيمة انتصار. واكتشف المسؤولون العسكريون الأمريكيون، أن الطائرة كانت بمثابة دفعة للصناعة الإيرانية التي قامت بتعديل عملها. وفي عام 2016، أعلنت إيران عن خطط لإنتاج المسيرات القتالية بالتعاون مع روسيا، وقدمت بعضها للحوثيين في اليمن، الذين استخدموها في حربهم مع التحالف الذي تقوده السعودية. كما استخدمت إيران أسرابا من المسيرات بطريقة فعالة في الهجوم على منشآت تابعة لشركة النفط السعودية، أرامكو، عام 2019.
وقال المسؤولون الأمريكيون إن سنوات من التجربة أعطتهم فكرة عن المسيرات القتالية الإيرانية التي استخدمت ضد السعودية وفي سوريا، حيث تم وضع قنبلة متفجرة في مقدمة المسيّرة.
إلا أن الحرب الأوكرانية، كشفت عن جهود إيران لإنتاج المسيرات القتالية بشكل واسع النطاق. وزاد القلق مع التقارير عن إنشاء طهران قاعدة إنتاج لها داخل روسيا. لكن البرنامج الإيراني لم يكن بدون مشاكل، فالإمدادات ليست مستمرة، كما جرى تعديل المسيرات لكي تعمل في شتاء أوكرانيا. وتواجه إيران مشاكل تتعلق بسلاسل التوريد، وهي مشكلة تحاول الولايات المتحدة مفاقمتها.
ورغم العقوبات الأمريكية على القطاع العسكري، إلا أن إيران واصلت إنتاج مسيّراتها. وعندما انتشرت صور للمسيرات الإيرانية التي تحطمت في أوكرانيا وكشف عن أجزائها المصنعة في أمريكا، سارعت الإدارة الأمريكية للاتصال مع الشركات المصنعة لها، وكان الجواب واحدا: “هذه قطع للاستخدام المزدوج ومن الصعب تقييدها”. إلا أن إدارة بايدن تحاول عمل هذا. ففي أيلول/ سبتمبر، شددت إدارة بايدن من العقوبات، وتحديدا ضد الشركات المشاركة في صناعة المقاتلات الروسية. وتبع ذلك في تشرين الثاني/نوفمبر، تحرك ضد شركات مثل “سافيران لخدمات المطارات” وهي شركة إيرانية تقوم بنقل المسيّرات نيابة عن روسيا.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر، فرضت وزارة المالية الأمريكية، عقوبات على شركتين مقرهما في الإمارات بتهمة التعاون مع سافيران. ويرى مايكل كوفمان، من مركز “سي أن إيه” في فيرجينيا، أن العقوبات ليست حلا سريعا، فهي تؤخر الحصول على المكونات، لكن الدول المصممة، تستطيع الحصول على القطع المطلوبة أو تعديل القطع التي تملكها للاستخدام، حتى وإن لم تكن فعالة.
وتحاول أمريكا على المستوى الدبلوماسي، حيث تضغط مع فرنسا وبريطانيا وألمانيا على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش لفتح تحقيق فيما إن كانت روسيا وإيران قد خرقتا القيود على حظر تصدير التكنولوجيا لطهران. إلا أن غوتيريش أكد أن أولويته هي تأمين صفقة نقل الحبوب الضرورية لتخفيف الأزمة العالمية في نقص المواد الأساسية، وأن الوقت ليس وقت تحقيق في الادعاءات الغربية.
ويبدو أن إيران ترسل مسيّراتها إلى روسيا عبر الطيران التجاري، مما يعني أن محاولة ضربها وهي على الأرض مخاطرة. وحتى شهر، كان مركز إطلاق المسيرات الإيرانية في القرم، ثم اختفت، وبعد ذلك ظهرت في منطقة زاباروجيا، وذلك حسب الاستخبارات الأمريكية والبريطانية. ويعرف الروس أنهم مراقبون، ولهذا يحركون راجمات المسيرات من مكان لآخر، ويمكن تحميلها على أي شيء من الشاحنات والسيارات.
وتتهم بريطانيا روسيا بأنها تريد تقديم تكنولوجيا عسكرية متقدمة لإيران مقابل شحنات من المسيرات. وفي كلمة ألقاها وزير الدفاع البريطاني بن والاس أمام البرلمان، قال: “أصبحت إيران أهم داعم عسكري لروسيا.. ومقابل تقديم إيران 300 مسيرة كاميكازي، تريد روسيا الآن تقديم مكونات عسكرية متقدمة لإيران بشكل يقوض أمن الشرق الأوسط والأمن الدولي، ويجب علينا فضح الصفقة”.
وقالت الصحيفة إن عددا من الشركات الأمريكية مثل إدجسورس كوربوريشن وبلو هالو، قدمتا تدريبا أو تكنولوجيا للكشف عن المسيرات الروسية. وتبرعت إدجسورس بمليون دولار في الأنظمة، أحدها يطلق عليه ويندتوكر، لمساعدة أوكرانيا في الكشف ومتابعة المسيرات الروسية. وقدمت الولايات المتحدة مساعدات تكنولوجية لأوكرانيا ضمن حزمة مساعدات عسكرية أعلن عنها في 9 كانون الأول/ديسمبر، بـ275 مليون دولار، بدون تقديم تفاصيل عنها.
هذه المسيرات الايرانية وغيرها من الأسلحة تكشف مدى انتشار التكنولوجيا للصناعات العسكرية والتي كانت حتى وقت قريب حكرا على بعض الدول فقط والذي ينعكس بدوره علىانتشار وعدم احتكار القوة والسلطة في العالم وانه اصبح متعدد الاقطاب بعد ان كان قطبا واحدا متمثلا بامريكا والغرب!
على الدول ان تسارع بدراسة التكنولوجيا وبناء المصانع لانتاج الاسلحة بالتعاون مع الدول التي توصلت الى تلك التكنولوجيا للدفاع عن نفسها ضد من يحاول العبث بأمنها الوطني كما تفعل ايران وتركيا ودول اخرى!
أين المشكلة؟ الولايات المتحدة تزود اوكرانيا بما تريد وإيران تزود روسيا
أمريكا اللعينة الخبيثة تستنجد بربيبتها إسرائيل يا للعجب العجاب مالذي يحدث