لندن-“القدس العربي”- من إبراهيم درويش:
تساءلت الصحافية كارولوتا غال في صحيفة “نيويورك تايمز” عما حدث للصحافي السعودي جمال خاشقجي الذي دخل قنصلية بلاده ظهر الثلاثاء ولم يخرج منها بعد. وأشارت أن عدم ظهور معلومات عنه تزيد الغموض حول ما جرى له وفيما إن كان قد اختطف وأعيد خفية إلى السعودية.
وأضافت أن خاشقجي الناقد الحاد للقيادة السعودية ذهب إلى القنصلية لغرض الحصول على وثيقة ضرورية لكي يتزوج من جديد ولم يخرج منها حسبما قالت خطيبته وأصدقاؤه المقربون.
إلا أن الحكومة السعودية قالت يوم الأربعاء إن الصحافي المعروف دخل القنصلية وخرج منها، فيما تؤكد الحكومة التركية تقول إنه لا يزال داخلها، وكذا تقول خطيبته وأصدقاؤه إنه لا يزال داخلها. وقالت خطيبته خديجة التي طلبت عدم ذكر اسم عائلتها حتى لا تتعرض حياته للخطر أنها انتظرته في الخارج حتى ما بعد منتصف ليلة الثلاثاء وعادت عندما فتحت القنصلية ابوابها يوم الأربعاء. وقالت إنها لم تسمع منه أو تشاهده منذ دخوله القنصلية في حوالي الساعة الواحدة والنصف يوم الثلاثاء وتعتقد أن الحكومة السعودية قامت باحتجازه. إلا أن الحكومة السعودية اعتبرت التقارير عن اختفاء خاشقجي داخل القنصلية السعودية “غير صحيحة”.
وقال مسؤول سعودي: “زار السيد خاشقجي القنصلية وطلب أوراقا تتعلق بوضعه الزوجي وخرج منها بعد ذلك”، وتحدث المسؤول هذا بشرط عدم ذكر اسمه. وقال إن خاشقجي “ليس في القنصلية ولا محتجزا لدى السعودية”.
وتعلق الصحيفة أن اختفاء الصحافي يضع السلطات التركية أمام تحد دبلوماسي حاد، خاصة أن العلاقات بين البلدين ليست سلسة منذ أن وقف الرئيس التركي رجب طيب أردوغان مع قطر في أزمة الحصار الذي قادته السعودية والإمارات إلى جانب البحرين ومصر في العام الماضي.
وفي يوم الأربعاء نقلت تقارير صحافية عن مستشار أردوغان لشؤون الأمن القومي، إبراهيم قالين قوله إن السلطات التركية تتابع القضية. ونقل عنه قوله: “تتابع الوحدات المعنية الموضوع” و “بحسب المعلومات التي لدينا فهذا الشخص وهو مواطن سعودي لا يزال في القنصلية السعودية بإسطنبول”.
وقالت وزارة الخارجية الأمريكية أن الولايات المتحدة تتابع القضية عن قرب وتطلب معلومات عنها.
وتجمع الصحافيون الدوليون يوم الأربعاء امام القنصلية المكونة طابقين والمحاطة بجدار من كل الجوانب وتقع في حي راق بالمدينة. ووضعت الشرطة الحواجز وأغلقت الشارع. ولا تزال خطيبته تحمل هاتفين تركهما معها وتنتظر خروجه. وقالت: “لم يقل ذلك إلا أنه كان قلقا”. وقالت إن القنصلية كانت متعاونة ومؤدبة إلا أن خاشقجي كان “حزينا ومتوترا” لأنه مجبر على الدخول على القنصلية للحصول على الأوراق. وأخر صديقا له أنه يخشى من تعرضه للإختطاف ونقله إلى السعودية لو دخل القنصلية. وقال أعضاء في الجمعية العربية-التركية التي كان خاشقجي عضوا فيها إنهم لا يزالون يعتقدون أنه لا يزال في داخل القنصلية. وحسب توران كيسلاتشي، صديق الصحافي ورئيس الجمعية، فقد قامت الشرطة التي توفر الأمن والحماية للقنصلية بفحص الكاميرات التي لم تظهر خروج خاشقجي من المبنى. ولكنه قال وغيره إن السيارات الدبلوماسية كانت تتحرك داخلة وخارجة من المبنى يوم الثلاثاء. ومن هنا فالخوف أن يكون الصحافي الذي يعيش في منفى اختياري منذ العام الماضي قد تم إبعاده خفية إلى السعودية.
ومع قيام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بتدعيم سلطته قام باعتقال المئات من العلماء والناشطين ورجال الأعمال حيث اعتقل بعضهم قسرا ونقلوا إلى المملكة من الخارج.
وكان خاشقجي مستشارا لمسؤولين لسعوديين بارزين والنخبة الحاكمة حتى انشقاقه العام الماضي. وأصبح ناقدا ناشطا للحكومة السعودية من واشنطن حيث استقر. ولأنه طلق زوجته التي بقيت في السعودية فقد ذهب للقنصلية للحصول على وثيقة طلاق تثبت أنه غير متزوج ليتزوج خطيبته التركية.