نيويورك تايمز: الأطباء كانوا القوة المحركة للثورة في السودان

إبراهيم درويش
حجم الخط
1

لندن- “القدس العربي”: ترى صحيفة “نيويورك تايمز” في تقرير لها، أن القوة الحقيقية التي تقف وراء حركة الإحتجاج السودانية التي أطاحت بعمر البشير هم الأطباء.

وجاء في تقرير أعده جوزيف غولدستين، أن ناشطا تحدث عن ملاحقات قوات الأمن للناشطين المطالبين بالديمقراطية بطريقة الصياد الذي كان يفرح لو صاد سمكة. وعندما سألوه من أنت؟ كان يجيبهم بأنه عامل، ولكن ما لم يكن يريد الكشف عنه هو أنه طبيب لأن الأطباء كانوا محلا للملاحقة من سلطات الأمن، فقد لعبوا دورا مركزيا إلى جانب المهنيين السودانيين في الحركة التي أطاحت بنظام عمر البشير.

وقال محمد ناجي الأصم أحد قادة الحراك السوداني، “لعب الأطباء دورا ولا يزال لهم دور عظيم في هذه الثورة”، ففي السودان الذي واجه فيه النظام وقوات الأمن ثورات مسلحة في غرب وجنوب البلاد أجبرت جماعات غير مسلحة وتحالفا شبه سري من الأطباء والمحامين والمهندسين والأساتذة، الذين تجمعوا تحت عنوان عام وهو “تجمع المهنيين السودانيين” لحث النظام على الرحيل.

وترى الصحيفة أن الأطباء لعبوا دورا هاما في تشكيل حركة الاحتجاج، وكان الأصم أحد قادتها وأحد ضحاياها طبيب قتل وهو يحاول معالجة جراح المحتجين، كما لعب الأطباء من خلف الأضواء على تشكيل الحركة التي بدأت كاحتجاج على زيادة أسعار الخبز، إلى حركة شعبية قوية منظمة لديها قائمة من المطالب، واستطاعت النجاة من قمع قوات الأمن على مدى الشهور الماضية.

ويعكس دور الأطباء ثورة شاركت فيها الطبقة المتوسطة المتفككة حول الخرطوم، وقبل مشاركتها في الثورة برز التجمع العام الماضي من خلال دراسة عن الحد الأدنى من الأجور والتي نشرها العام الماضي، وأصبح التجمع الآن في مركز العمل السياسي وتقع عليه مهمة توحيد التجمعات السكانية التي يمثلها، والحركات السياسية المتباينة والمتفرقة من اليسار إلى الأحزاب السياسية والجماعات المسلحة، حول أجندة سياسية واحدة.

والمهمة الأولى هي التعامل مع الزمرة العسكرية التي سارعت وتسلمت أمور البلاد بعد الإطاحة بنظام البشير.

وتعلق الصحيفة قائلة إن الأطباء لعبوا أدوارا مختلفة في الحراك السياسي بالبلاد على مدار العقود الماضية، فبعد وصول البشير عام 1989 عبر انقلاب دعمه الإسلاميون نظمت نقابات الأطباء إضرابات سرعان ما قامت قوات النظام الجديد بقمعها، ومات أحد الأطباء في المعتقل وحكم على آخر بالمؤبد قبل تدخل المجتمع الدولي للإفراج عنه.

وقال مأمون حسين في مكالمة هاتفية: “منذ ذلك الوقت، شكلت الحكومة هذا المفهوم وهو أن الأطباء يعارضونها”، وقال حسين البالغ من العمر، 84 عاما “ولهذا كانت معاملتها للأطباء بناء على هذا الرأي”.

وبسبب قمع البشير ومحسوبية نظامه غادر الأطباء البلاد بشكل تفوق عدد من يعملون في الخارج على أطباء الداخل، وتمكن بعض من تعاون مع النظام من بناء ثروات كبيرة وتجاوزوا زملاءهم في المراكز الصحية الرفيعة، إلا أن تدهور الأوضاع زاد من السخط بدرجة دفعت البقية للمعارضة العلنية.

وقضت ندا عبد الله، (48 عاما) سنوات عدة في إنكلترا قبل أن تعود إلى السودان.

وبدأت الإمدادات الصحية بالنقصان لدرجة تعود فيها الأطباء على إرسال عائلات المرضى إلى الصيدليات لشراء الشاش والقفازات والأدوات الصحية الأخرى منها.

وقد أدى الوضع الصحي المتردي لتشجيع الأطباء عبر السنين على تنظيم اتحادات سرية وتنظيم إضرابات، مما أهلهم لقيادة الانتفاضة الحالية.

وفعل المهنيون في الوظائف الأخرى نفس الشيء، بحيث شكلوا تجمع المهنيين السودانيين، وعندما اندلعت التظاهرات أقاموا عيادات سرية لمعالجة الجرحى من الغاز المسيل الدموع وطلقات الرصاص، ووثقوا حالات الوفاة لمنع الحكومة من التستر على الجرحى.

وقال مهند محمد حامد (28 عاما) والذي قاد فريقا من الأطباء لمعالجة الجرحى، إن الحكومة حاولت دفع العائلات على توقيع سجلات مزورة عن حالات الوفاة، وتم تسجيل حالة وفاة متظاهر على أنها نتيجة غرقه في النيل، مع أن رئتيه كانتا خاليتان من الماء وظهرت على جسده آثار التعذيب.

كل هذا جعل الأطباء هدفا لقوات الأمن التي داهمت العيادات وملأت المستشفيات بالغاز المسيل للدموع، ففي كانون الثاني (يناير) قتلت قوات الأمن الطبيب بابكر سلامة، (27 عاما)، وأصبح بابكر الذي ينتمي لعائلة غنية رمزا أجج حماس المتظاهرين، واعتقل الأطباء وتم التحقيق معهم حول زملائهم.

وقال الأصم “بالطبع كنت متوقعا الإعتقال” بعدما وافق على وضع اسمه على “فيسبوك”، فبعد ثلاثة أيام جاءت عناصر ميليشيات ونقلته إلى سجن كوبر. وظلت حركة الاحتجاج في مد وجزر قبل أن يطلب التجمع من المحتجين الاعتصام أمام مقرات الجيش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول محمد شهاب أحمد / بريطانيا:

    عندي زميل سوداني هنا لا ديدن له إلا المجادلة في مساوية نظام البشير …أكيد أنه جذل الآن
    و المؤسف أن كثير من الأطباء في بلادي العراق ساروا في ركاب الغزاة…بعدها أصبحوا يتفلسفون بالشفافية الإشيقرية و اللا أدري العلاوية!

إشترك في قائمتنا البريدية