لندن- “القدس العربي”:
عشية الانتخابات، حثت صحيفة “نيويورك تايمز” في افتتاحيتها الأمريكيين على التصويت في انتخابات يعد كل صوت وكل ولاية فيها مهمة.
وقالت إن السنوات التي يختار فيها الأمريكيون رئيسا عادة ما تجذب اهتمام كل الأمة، مع أن هناك 469 سباقا هذا العام لاختيار من يمثلون الشعب في واشنطن.
وتعتبر هذه الانتخابات ضرورية لحكم الولايات المتحدة بقدر أهمية السباق لاختيار رئيس في البيت الأبيض. فبالإضافة إلى صياغة قوانين الأمة، يقوم الكونغرس بتخصيص الميزانية الفيدرالية ويوافق على القروض الحكومية وينظم تجارتها.
كما يمتلك سلطة شن الحروب والتصديق على المعاهدات، وتأكيد المعينين من المسؤولين في الإدارة، ومحاسبة المسؤولين الفيدراليين من خلال التحقيقات وعملية العزل. وبعبارة أخرى، فإن الكونغرس هو الهيئة التي تمنح السلطة أو تقيد أجندة البيت الأبيض.
ولن تتغير هذه المسؤوليات الأساسية، بغض النظر عمن سيفوز يوم الثلاثاء، فإذا أعيد انتخاب دونالد ترامب رئيسا، فإن مجلس النواب ومجلس الشيوخ سيكونان بمثابة ضوابط حيوية لما يمكنه القيام به في منصبه.
وقد أظهر ترامب أنه يفتقر إلى الشخصية والمزاج والالتزام بالدستور كي يكون محلا للثقة في السلطة، وتولي مسؤولية الرئاسة.
وجرت محاولتان لعزله في ولايته الأولى بسبب أفعاله التي خرقت بشكل صارخ واجباته. كما تم اتهامه بتهم جنائية تتعلق بجهوده لقلب نتيجة الانتخابات عام 2020.
وتقول الصحيفة إن أسوأ غرائز الرئيس السابق لم تنجح في ولايته الأولى، وهذا ليس لأنه خفف من طبيعته المندفعة بمجرد وصوله إلى السلطة، كما يشير بعض أنصاره المترددين الآن.
وترى أن العامل الأكثر أهمية في الحد من الضرر الناجم عن دوافع ترامب كان دائما هو تدخل الآخرين لمنعه، بدءا من المعينين من قبله إلى أعضاء مجلس النواب ومجلس الشيوخ. وقالت الصحيفة إن أهم واجب للكونغرس هو التأكد من نقل السلطة بطريقة سلمية.
وسيؤدي أعضاؤه القسم في 3 كانون الثاني/ يناير 2025. وقبل 3 أيام من التأكيد على نتائج الانتخابات، وتأكيد الرئيس الفائز، أي في 6 كانون الثاني/ يناير.
وأثبت الجمهوريون في عام 2021 أنهم ليسوا أهلاً لهذه المسؤولية الأساسية.
وتورط حلفاء ترامب في الجهود الرامية إلى تغيير نتائج انتخابات 2020. ورفضت أغلبية الجمهوريين في مجلس النواب التصديق على الانتخابات. وكان رئيس مجلس النواب الحالي، مايك جونسون، أحد مهندسي المخططات لقلبها. ورفضت أغلبية الجمهوريين في مجلس الشيوخ إدانة ترامب لدوره في محاولة الانقلاب تلك، بما في ذلك اقتحام مبنى الكابيتول.
وأشارت الصحيفة إلى إصلاح قانون إحصاء الناخبين. وتم إقراره بأغلبية الحزبين في عام 2022، وقطع شوطا طويلا للحد من أو القضاء على فرص التحايل، بغض النظر عمن يسيطر على المجلسين.
وإذا حدث التدخل في الانتخابات، فمن المرجح أن يحدث على مستوى الولايات هذه المرة، كما تقول. وترى أن التساهل المستمر في الاتهامات الكاذبة التي يوجهها ترامب عن سرقة الانتخابات الأخيرة أو الانتخابات القادمة، سيكون سببا كافيا لعدم الرغبة في وجود زعيم جمهوري يتولى المسؤولية ويحمل مطرقة في أي من المجلسين.
وبعد فترة وجيزة، سيبدأ مجلس الشيوخ في النظر بالتعيينات التي يجريها الرئيس والموافقة عليها.
ووفقا لتقارير صحيفة “نيويورك تايمز”، يقترح مساعدو ترامب إمكانية تمرير المرشحين لمثل هذه المناصب دون التدقيق المطلوب من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي “أف بي أي”. وأشار ترامب إلى أنه حالة انتخب من جديد، سيكافئ الولاء السياسي وليس الخبرة أو الشخصية من أقرب مستشاريه ومساعديه. وسيحتاج أعضاء مجلس الشيوخ إلى منع المرشحين الأكثر تطرفا أو غير المؤهلين من تولي مناصب وزارية مثل وزير الدفاع والنائب العام، فضلا عن مقاعد في المحكمة العليا والمحكمة الفيدرالية. ويمكنهم العمل على منع المرشحين غير المؤهلين بشكل واضح من تولي أي منصب قوي.
وهذا ما فعله مجلس الشيوخ في عام 2020، عندما وقف أمام محاولات ترامب المتعددة لتعيين أشخاص غير مؤهلين على الإطلاق للعمل كأعضاء في مجلس الاحتياطي الفيدرالي.
وترى الصحيفة أن الكونغرس سيوفر الأساس ضد إساءة استخدام السلطة الرئاسية. وقد قال ترامب إنه سوف يستخدم سلطة الحكومة ضد منافسيه السياسيين ويحد من الحقوق التي يعتبرها الأمريكيون مقدسة. وقد وصف خططا لملاحقة “العدو من الداخل”، بمن فيهم أعضاء الكونغرس والقضاة والصحافيين وكذا إرسال القوات إلى شوارع المدن الأمريكية لقمع المتظاهرين من أصحاب المطالب الشرعية وحجب الأموال عن حكومات الولايات والحكومات المحلية التي لا تتوافق سياساتها مع ما يراه. كما تعهد بتطبيق سياسات قاسية من الترحيل الجماعي وهدد بتحطيم التحالفات العالمية القائمة منذ فترة طويلة.
وتقول “نيويورك تايمز” إن أعضاء الكونغرس يستطيعون إفشال بعض الخطط. ذلك أن الرئيس يحتاج إلى موافقة مجلس النواب للإنفاق على أي خطة ترحيل كبيرة، على سبيل المثال.
وهم يلعبون دورا رقابيا حاسما على الوكالات الفيدرالية والسلطة التنفيذية. كما يمارس مجلس النواب سلطة كبيرة لعرقلة أو تمكين أجندة ترامب من خلال مشاريع قوانين الإنفاق السنوية التي يجب تمريرها للحفاظ على عمل الحكومة. وسيكون هذا حاسما إذا حاول ترامب تنفيذ مقترحات لتفكيك وزارة التعليم أو إنهاء الحماية التي يوفرها البند التاسع ضد التمييز الجنسي أو إعاقة عمل الوكالات الحيوية مثل وكالة حماية البيئة، ودائرة الإيرادات الداخلية، وقسم الحقوق المدنية بوزارة العدل.
وهناك أسباب أخرى تدعو للقلق بشأن الضرر الذي قد يلحقه الكونغرس الذي يسيطر عليه الجمهوريون. فقد منع الموالون لترامب مرارا وتكرارا سلسلة من المرشحين الجمهوريين، المعتدلين والمحافظين، من تولي منصب رئيس مجلس النواب، مما أدى إلى شل الكونغرس وتركه بدون قيادة لأطول فترة منذ عام 1962.
ومنذ ذلك الحين، أصبحت الكتلة معروفة بشكل أفضل بما حاولت منعه، وبأوامر صريحة من ترامب في كثير من الأحيان، مثل التمويل للحفاظ على عمل الحكومة واستمراره والدعم المطلوب بشدة لدفاع أوكرانيا ضد الغزو الروسي، والأكثر نفاقا، تشريعات أمن الحدود التي صممها أعضاء محافظون من الحزب الجمهوري.
والواقع أنه من الصعب أن نفكر في تشريع واحد جاد قدمه جونسون، على الرغم من كونه حليفا لترامب ومجلسه. ومن ناحية أخرى، فإن سجله في دعم أجندة ترامب المناهضة للديمقراطية موثق جيدا.
ورأت الصحيفة أن الكثير من السباقات الجارية على مجلس النواب تجري في ولايات تصوت بأغلبية ساحقة للديمقراطيين، بما في ذلك كاليفورنيا ونيويورك، إلى جانب سباقات مهمة في كونيكتيكت وكولورادو وميشيغان وميريلاند.
وهناك أيضا سباقات متقاربة جدا في أريزونا وأيوا وبنسلفانيا ومين ونبراسكا ونيو مكسيكو.
ومن بين السباقات الأكثر تنافسية على مجلس النواب البالغ عددها 43 سباقا هذا العام، فإن 22 منها تعتبر متقاربة. وسوف تكون كل الأصوات في تلك السباقات ضرورية لمنع أنصار ترامب من تولي مناصبهم. وفي استطلاع تلو الآخر، قال الأمريكيون إنهم يريدون المزيد من موظفيهم العموميين. والانتخابات التي ستجرى يوم الثلاثاء تمنحهم الفرصة للمطالبة بالأفضل.