لندن- “القدس العربي”:
قال مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” ديكلان وولش، إن السعودية وحلفاءها شنوا ولأكثر من عامين حربا اقتصادية ضد قطر، إلا أن هناك شيئا أهم من السياسة.
وفي تقرير أعده من العاصمة القطرية الدوحة قال إن الكثير من مشجعي كرة القدم السعوديين سافروا إلى قطر لحضور مباريات كأس العالم للأندية. ويشير إلى رحلة مشجع سعودي اسمه ماجد القحطاني الذي سافر إلى الكويت ومنها إلى قطر حيث أخبر أهله أنه في سياحة. وعندما وصل إلى الدوحة وجد مشجعين غيره من السعودية التي قادت حملة مشددة وحصارا اقتصاديا على قطر ومنعت سكانها من السفر إلى هناك. فسرية القحطاني لم تكن ضرورية لأن الحكومة السعودية بدأت على ما يبدو تتغاضى فيما يفسر على أنه آخر علامة في ذوبان الجليد بين البلدين. وقال القحطاني: “هذه النزاع بين الحكومتين” و”صدقني لا مشكلة بين الناس العاديين، وكلنا إخوة”.
ويضيف وولش أن المسؤولين القطريين والسعوديين بدأوا محادثات لإنهاء الحصار الذي منع الطيران القطري من التحليق في أجواء الدول الجارة وأغلقت الحدود مع السعودية. وفي الأسبوع الماضي حضرت ابنة الرئيس دونالد ترامب ومستشارته البارزة إيفكانا مؤتمرا كبيرا في العاصمة القطرية، وكذا وزير الخزانة ستيفن منوشين، حيث حثا الطرفين على إصلاح العلاقات.
وهناك تكهنات واسعة بين الخبراء الخليجيين والغربيين حول إمكانية تقديم تنازلات من خلال رفع القيود عن الطيران القطري، بل وإمكانية فتح الحدود السعودية مع قطر. وتؤكد كل الأطراف أن المحادثات مبدئية وأن حليفة السعودية، الإمارات العربية المتحدة أقل تقبلا لتخفيف الموقف من قطر.
إلا أن المحادثات تبدو واعدة، حيث بدأ مشجعو كرة القدم يخرقون جدار الحصار. وقال سعود خالد (25 عاما) العامل في مجال الإسعافات الطبية: “نأمل بأن ينتهي قريبا، ربما بعد عدة شهور”. وكان يتحدث من ستاد خليفة يوم الثلاثاء. مضيفا: “أصبح المناخ في كلا البلدين إيجابيا”. ووقف خلفه مشجع يحمل العالم السعودي وهو أمر لم يكن معهودا قبل أشهر في ظل النزاع.
ولكن الرياضة والدبلوماسية في الخليج متشابكتان، ذلك أن كرة القدم التي تعد من أكثر الرياضات انتشار في العالم أصبحت طريقا للطموحات والخلافات السياسية والمؤامرات بين حكام الخليج. فكما أنفق حكام قطر والإمارات والسعودية والإمارات أموالا طائلة على شراء اللوحات الفنية وبناء المتاحف، فإن كرة القدم أصبحت مركز التنافس أو ما يمكن وصفه بسباق التسلح الرياضي.
وفي كانون الثاني/ يناير 2018، سمح للمرأة السعودية بدخول الملاعب الرياضية كخطوة من خطوات تخفيف القيود الاجتماعية، مثل السماح للمرأة بقيادة السيارة وافتتاح دور السينما. ولكن المشاعر الغاضبة أحيانا ما برزت في الملاعب، فعندما هزم الفريق الوطني القطري فريق الإمارات في مباريات كأس آسيا التي نظمت في الإمارات، رمى المشجعون الإماراتيون الأحذية على الفريق الفائز. وعندما هزم الفريق القطري فريق كوريا الجنوبية 6-0 لم يكن في الملعب من يشجع الفريق القطري سوى مشجعة واحدة، كورية الجنسية كانت ترتدي القميص القطري.
ويقول وولش إن الأمير محمد بن سلمان لم يتردد في استخدام كرة القدم كوسيلة لتعزيز طموحاته الإقليمية. ففي أيلول/ سبتمبر، قالت منظمة الفيفا إن لديها إثباتا عن قيام شركة سعودية بالقرصنة على القناة الرياضية القطرية “بي إن” والتي أنفقت ملايين الدولارات للحصول على حق بث المباريات الرياضية لمشجعي كرة القدم في منطقة الشرق الأوسط.
وزاد الغضب من قرصنة الشركة السعودية “بي أوت كيو” في عام 2018 أثناء بث مباريات كأس العالم في روسيا، مما كلف القناة القطرية مبالغ هائلة. وعندما حاولت الفيفا تقديم دعوى قضائية في المملكة ضد شركة القرصنة هذه، لم تجد محاميا سعوديا استعد لتمثيلها.
وتعد مباريات كأس العالم للأندية هذا الأسبوع بروفة للجهود القطرية لاستقبال مباريات كأس العالم في عام 2022، وهو انقلاب مهم لدولة لا يتجاوز عدد سكانها 300.000 نسمة، والتي لم تتردد في استخدام ثروتها من الغاز الطبيعي لتقوية موقعها على المسرح العالمي.
ومن هنا أصبح موضوع الاستضافة للمباريات في وسط النزاع الخليجي. فبعد فرض الحصار على قطر في حزيران/ يونيو 2017، بعد اتهام دول الحصار للدوحة بدعم الإرهاب والتقارب مع إيران، وهي تهم تنفيها قطر، دعت دول الحصار الفيفا لتجريدها من حق استضافة المباريات.
ففي لندن بدأت شركة علاقات عامة بتمويل قوي وعلاقات مع منافسي قطر حملة تتهم فيها الدوحة بسوء معاملة العمال الأجانب في مواقع بناء المدينة الرياضية التي ستقام عليها المباريات. ونشروا اتهامات عن دفع المسؤولين القطريين رشاوى كبيرة لاستضافة المناسبة.
وفي عام 2014 استأجرت الإمارات محللا سابقا في وكالة الأمن القومي الأمريكي لقرصنة أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالمسؤولين القطريين ومسؤولي الفيفا على أمل العثور على أدلة تدين قطر حسبما كشفت وكالة أنباء رويترز الأسبوع الماضي. وقالت إن المهاجم حاول إغراء رئيس اللجنة القطرية لكأس العالم من خلال إرسال صور مغرية لفتيات كأس العالم.
ويقول الكاتب إن التوتر بدأ يخف في الأشهر الماضية حيث كان مكان التغير في ساحات الملاعب. ففي تشرين الأول/ أكتوبر، أرسلت السعودية والإمارات فريقيها الرياضيين للمشاركة في مباريات كأس الخليج أو خليجي 24 التي عقدت في الدوحة. وعندما هزمت السعودية قطر 1-0 لم يتم إلقاء احذية على الفائزين. وعندما فاز الفريق البحريني قدم أمير قطر الكأس له.
ويتحدث الكاتب عن العلاقات الإنسانية بين المشجعين السعوديين والضيوف القطريين، حيث تم دعوتهم للقهوة والتمر وتناول الطعام. وهذه المقالات الحميمة تقف على خلاف المواجهة التي تبادل فيها الطرفان الشتائم والسباب عبر وسائل التواصل الإجتماعي، التي يتحكم بها المسؤولون في الحكومة أو المخابرات.
وقال القحطاني: “أعتقد أن منصات التواصل تقع تحت سيطرة المخابرات” و”نرى أن اللغة تتغير الآن وأصبحت لطيفة”. ومع أن وجود المشجعين في قطر يعتبر غير قانوني، إلا أنهم ليسوا قلقين، فالمبرر جاهز وهو تشجيع نادي الهلال.