نيويورك تايمز: السويد لم تعد تطاق بسبب “الأفكار النازية”

محمد نُون
حجم الخط
10

لندن- “القدس العربي”:

ترسم الكاتبة إليزابيث أسبرينك – في مقال لها بصحيفة نيويورك تايمز – صورة عن تغيير يحصل في المشهد السياسي في السويد استنادا إلى ارتفاع أسهم الحزب الديمقراطي السويدي اليميني الذي يحمل بعض قادته أفكارا نازية وينشط في رفض المهاجرين.

وحصل الحزب على 20 بالمئة من الأصوات في الانتخابات السويدية العامة التي جرت الأسبوع الماضي وبات من المرجح الآن أن يلعب دورا رئيسيا في الحكومة المقبلة.

الكاتبة إليزابيث أسبرينك – وهي صاحبة كتاب صُنع في السويد وهو يتناول 25 فكرة خلقت دولة – تبدو متشائمة من تلك النتائج لأنها تشكل صدمة للسويد كونها بلدا يتغنى بأنه معقل للديمقراطية الاجتماعية والتسامح والإنصاف. وتضيف إليزابيت أسبرينك القول: “ليس هناك شك في الأصول النازية لحزب الديمقراطيين السويديين منذ أن تم تأسيسه عام 1988 من مجموعة من النازيين الجدد ترفع شعارا يدعو إلى إبقاء “السويد للسويديين“.

فمن بين 30 من الآباء المؤسسين للحزب كان هناك 18 شخصا من ذوي الانتماءات النازية، وفقا للمؤرخ وعضو الحزب السابق توني جوستافسون، حتى إن بعض الآباء المؤسسين خدموا في تشكيلات تابعة لزعيم النازية أدولف هتلر.

وتستعرض الكاتبة كيف استطاع الحزب تغيير صورته خطوة بخطوة، “ففي عام 1995 كان الزي العسكري ممنوعا لكن الأيديولوجية الأساسية للحزب بقيت تركز على وجوب إقناع المهاجرين بالعودة إلى ديارهم، ووجوب حماية الثقافة السويدية، كما أن مواقف القيادة الحالية التي سعت إلى تعزيز صورة الحزب، ما زالت تثير القلق بنفس القدر.

وتعطي الكاتبة مثالا على ذلك مواقف جيمي أكيسون – زعيم الحزب – الذي فاجأ المشاهدين عبر التلفزة في منتصف فبراير الماضي عندما رفض الاختيار ما بين جو بايدن الرئيس الأمريكي وفلاديمير بوتين الرئيس الروسي. وترى أن ذلك يشكل عيّنة من مواقف الحزب المتوافقة مع روسيا، تضاف إلى عيّنات أخرى منها “أن البرلمان السويدي كان مرتابا للغاية من صحافي اعتاد العمل في مكتب الحزب وكان على اتصال بالمخابرات الروسية لدرجة أن البرلمان رفض إصدار بطاقة اعتماد لذلك الصحافي”.

مناصرون يحملون علم حزب ديمقراطيي السويد

في الوقت ذاته تعترف الكاتبة أن “صعود الديمقراطيين السويديين هو قصة نجاح رائعة للجناح اليميني”.

فلقد دخل الحزب إلى البرلمان عام 2010 بعدما حصد ما يزيد قليلا عن 5 بالمئة من الأصوات، لكنه تحت قيادة السيد أكيسون بنى منظومة فاعلة على الصعيد الوطني فتضاعفت حصة الحزب من الأصوات عام 2014، وزادت أكثر في انتخابات 2018 بعد أن قبلت السويد أكثر من 160 ألف لاجئ سوري.

وتشير الكاتبة إلى اختراق كبير حصده مؤخرا الديمقراطيون السويديون بحصولهم على ما نسبته 20.6 بالمئة من الأصوات، متجاوزا بذلك الحزب المحافظ مودراتيرنا، الذي كان ثاني أكبر حزب في السويد لأكثر من 40 عاما وكان يأتي بعد الحزب الاشتراكي الديمقراطي – الحزب التاريخي الحاكم الذي ما زال يحظى بالمزيد من الدعم في السويد.

أما عن أسباب ذلك الصعود للكبير لليمين المتطرف فترى الكاتبة أن الفضل يعود إلى التغييرات الدراماتيكية في الحياة السويدية على مدى العقود الثلاثة الماضية.

“فالسويد التي كانت في يوم من الأيام واحدة من أكثر البلدان مساواة من الناحية الاقتصادية في العالم، شهدت خصخصة للمستشفيات والمدارس ودور الرعاية، ما أدى إلى ارتفاع ملحوظ في الشعور بعدم المساواة والإحساس بالخسارة العميقة. لقد ولّت مقولة أن السويد كأرض للفرص المتكافئة هي في مأمن من الإصابة بوباء أقصى اليسار واليمين المتطرف.

وكان هذا الشعور الجماعي الغامض ينتظر ردا سياسيا، وكان الديمقراطيون السويديون الأكثر نجاحا في توفيره، فهم يقولون – ويصدقهم الناس – إن “السويد كانت أفضل حالا في الأيام الخوالي، حيث العودة إلى أشجار التفاح، إلى القانون والنظام، إلى كون النساء نساء، الرجال رجالا”.

 وتعتبر الكاتبة أن اللوم في كل ذلك يقع على الأحزاب الرئيسية التقليدية التي تبنت شيئا فشيئا، وجهة نظر وخطاب حزب الديمقراطيين السويديين بشأن الربط بين الجريمة والهجرة، لكنها ترى أن هذه الاستراتيجية لم تسترجع أي أصوات للأحزاب التقليدية، بل على العكس من ذلك، يبدو أنها ساعدت اليمين المتطرف. فخلال ما يزيد قليلا عن 12 عاما، تمكن الديمقراطيون السويديون من التنافس مع الديمقراطيين الاجتماعيين على كسب الناخبين من الطبقة العاملة وتنافسوا مع الحزب المحافظ في دعم رواد الأعمال ومع حزب الوسط لجذب تأييد سكان الأرياف.

ولا تستثني الكاتبة وسائل الإعلام من التقصير واللوم لأنها وتحت عنوان “محاولة حماية القيم الديمقراطية السويدية التقليدية، غالبا ما تجنبت وسائل الإعلام الرئيسية استضافة مسؤولي ومؤيدي الديمقراطيين السويديين، خاصة في السنوات الأولى لتشكيل حزبهم، وهو ما كان له تأثير عكسي حيث شعر الأفراد الذين يميلون إلى الديمقراطيين السويديين بأنهم منبوذون حتى تم استبعاد بعضهم من التجمعات العائلية، وفي حالات قليلة فقدوا وظائفهم وكل ذلك أدى إلى ظهور الحزب بأنه ضحية فزاد الولاء بين مؤيديه”.

وعن تأثير فوز الحزب الديمقراطي اليميني على الحياة السياسية تقول الكاتبة: “إن النتيجة الآن واضحة للعيان، الديموقراطيون الاشتراكيون، رغم أنهم الحزب الأكبر، غير قادرين على تشكيل حكومة، وبدلا من ذلك ستحاول كتلة محافظة بقيادة أولف كريسترسون من موديراترينا، تولي المنصب طالما أنها تحظى بدعم الديمقراطيين السويديين، ولذلك يعتبر الحزب الآن صانعا للملوك، وهو الآن أحد أنجح أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا منذ الحرب العالمية الثانية”.

وتختم الكاتبة بالقول: “إنها حقيقة تبعث على القلق، لكن يجب أن نضع في اعتبارنا أن غالبية سكان البلاد ليسوا من بين صفوف الديمقراطيين السويديين، فالسكان يريدون حلولا لمشاكل حقيقية مثل الارتفاع المقلق في حوادث إطلاق النار التي تمارسها العصابات، وزيادة انتشار المخدرات في عدة مدن وذلك دون اللجوء (من الحزب) إلى لعبة الاتهام العرقية وتشويه سمعة الثقافة “غير السويدية“.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    كلما إرتفعت البطالة والتضخم بالإقتصاد ,
    كلما إرتفعت أصوات العنصريين !!
    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول الحسن:

      لو وفرتم لاخوانكم فرص العيش الكريم لما هاجروا بلدانكم. النازيون أرحم ممن يحكموننا

  2. يقول ابو عمر:

    نعم انهم نازيون وعنصريون. يقولون ديموقراطيه ومساواه وهم كاذبون يؤمنون بحرق القرآن ويقولون حرية رأى. تمنيت لو ذهب إليهم بوتين وحرر السويد من هولاء الحثاله النازيين.

  3. يقول عبد الكريم البيضاوي:

    “خصخصة للمستشفيات والمدارس ودور الرعاية”
    شيء من التوضيح في هذه المسألة : بعد انضمام السويد للاتحاد الأوروبي سنة 1995 وجب عليها الخضوع لقوانينه ومنها ” كسر الاحتكار ” في حالة السويد كانت المستشفيات والمدارس والصيدليات ودور الرعاية والقطارات, بالمجمل كل مرافق الدولة كانت في ملك الدولة أو في ملك المحافظات, جرت خصخصة البعض من هذه المرافق , أغلب المستشفيات والمدارس إلخ لاتزال في ملكية الدولة والمحافظات . لكن الأهم في الأمر هو أن الدولة لاتزال تدفع لهذه المرافق الخاصة عن كل شخص يحتاج علاجا مثلا أو تعليما , هذه المرافق كلها لاتزال بالمجان تقريبا, المستشفيات بالمجان والتعليم كذلك من دار حضانة الأطفال إلى الجامعة.
    الخصخصة لاتعني شيئا بالنسبة للمواطن عدا أن الملكية انتقلت من يد الدولة إلى مقاولين في السوق الحر.

  4. يقول محي الدين احمد علي:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . السويد مثل جميع الدول الاوربية اليمين المتطرف اصبح نشط بسبب الهجرة من البلاد الفقيرة الى أوروبا وهذا اليمين حتي الان لم يتمكن من تشكيل حكومة والشعوب الاوربية في خوف من صعود اليمين المتطرف ان يحكم وفي البلد الذي أعيش فيه كان اليمين المتطرف في فترة من الزمن نشط جدا ووصل الى البرلمان بقوة لا يستهان به ولكن الان كلهم في السجون تقريبا, الشعوب الاوربية الان أصبحت تفهم لماذا الحكومات تحاول استيعاب الهجرة البلد الذي أعيش به من 50 عام كان التعداد 10 مليون الان بعد 50 عام لم يصل الى 11 مليون تعداد الشعب , لهذا الحكومات الأوروبية تريد هجرة والسياسي من اجل الأصوات في كل انتخابات يهاجم الهجرة فقط سياسين فقط لأغير ميركل الشجاعة اخذت مليون سوري ليس حب في الشعب السوري ولكن حب في المانيا رغم اللاجئين هم سبب سقوط ميركل والان الأمان نادمين على ترك ميركل السياسة ( واصل المشكلة انهم مسلمون ) . وشكرا

    1. يقول عبد الكريم البيضاوي:

      الأخ محي الدين احمد علي.
      أحسنت , هذا هو ما لايريدون قوله لشعوبهم, يصبغون على العملية طابع ( عملية إنسانية !!!) شعوب دول أوروبا الغربية تتناقص أعدادها سنة بعد أخرى , قلة التناسل تضعف هذه الدول ديموغرافيا. دولة السويد مثلا لولا الأعداد الهائلة من الأجانب ربما ما استطاعت أن تصمد في صدارة الدول الصناعية المنتجة. فقط في الحملة الأخيرة – كما جاء في المقال – أدخلت 150.000 لاجيء دفعة واحدة لشعب تعداد ساكنته أقل من 10 ملايين. اليمين المتطرف وذاك من طباعه ينظر فقط لنصف الكأس الفارغ ,لسلبيات هؤلاء.

  5. يقول عبد الكريم البيضاوي:

    تتمة :
    لم تتكون الحكومة الجديدة لليوم, هناك مفاوضات بين الأحزاب التي ستكونها وقد مر فقط 11 يوما على الانتخابات وأسبوع واحد بالضبط على فرز الأصوات نهائيا, هذه أحزاب حرة ولاتنتظر تعليمات من جهات عليا حيث كن فيكون. أما حزب “الديمقراطيين السويديين ” فلن يكون ضمن الحكومة لمعارضة الأحزاب المكونة لها . ستكون حكومة أقلية وستعتمد على هؤلاء في قضايا الأمن والهجرة وتقليص المساعدات الخارجية إلخ ….

  6. يقول عبد الكريم البيضاوي:

    تتمة :
    الإيجابي في المعادلة هو أن الحزب الليبرالي الذي سيكون ضمن الحكومة معارض لهذا الحزب منذ أن ظهر قبل سنوات, الحزب الآخر ” المسيحيون الديمقراطيون ” يصرحون بمعارضتهم لهذا الحزب في الحكومة كذلك لكن يتركون أبواب التعامل مفتوحة معه , الحزب الأكبر في الإتلاف ” موديراتنا ” ( تنطق هكذا ) فهو حزب وسط اليمين, في حكومة سابقة قاموا بإصلاحات لمصلحة الطبقة العاملة – برأيي – كانت أفضل مما كانت الأحزاب اليسارية تنادي به.
    خلاصة القول : ” لم يعد هناك يمين أو يسار يذكر في السياسة الداخلية لهذه الدول ” إصلاحات متفرقة هنا وهناك وعلى الناخب أن يختار الأنسب له.

  7. يقول إبن آكسيل:

    سبحان مغير الأحوال ….السويد اللتي كانت مثال العالم تنقلب على عقبيها …..و لا أحد يحلل الأسباب الحقيقية لذلك ….ممنوع تسمية الأسباب بأسمائها و يبقى العالم يتخبط في مشاكل دون حلول …..

  8. يقول محي الدين احمد علي:

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . الا خ الكريم عبد الكريم البيضاوي اشكرك على الكلام الجميل وعلي مفهومك الصحيح لمنطق السياسيين في الدول الاوربية ( وللعلم الدول الاوربية تريد عمالة من دول الشرق الأوسط وليس من دول أوروبا الشرقية , اليوم بدون مبالغة أوروبا في احتياج على اقل تقدير 30 مليون للعمل فورا ولكن الديانة هي المشكلة الوحيدة والساسة في الدول الاوربية يعلمون الإسلام دين السلام ولكن امام شعوبهم في كلام اخر والحمد لله . وأكرر شكري .

إشترك في قائمتنا البريدية