نيويورك تايمز: اللاجئون السوريون بتركيا كبش فداء وسبب كل الكوارث.. ولا يريدون العودة إلى سوريا الأسد

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا للزميل في معهد الشؤون العالمية جوشوا ليفكويتز حول مصير اللاجئين السوريين في تركيا، قال فيه إنهم باتوا كبش فداء للجميع ولا أحد يريدهم.
وقال “السوريون هم من كانوا مسؤولين عن الهزات الأرضية، هذا ما أخبر به رجل تركي سيف الدين سليم، اللاجئ من حمص، سوريا كان يبيع في بقالته في أنطاكية، عاصمة إقليم هاتاي في الجنوب التركي. وعندما حدثت الهزة الأرضية في شباط/فبراير تم نهب بقالة سليم قبل أن يصل إليها”.
وقال الكاتب إن اللوم أضاف إهانة إلى الجرح الذي لم يكن جديدا، ولم يرد سليم على الرجل لأنه خشي من مشاجرة معه قد تؤدي إلى ترحيله، ولكنه أخبر الكاتب.
وعندما تحدث إليه بعد عدة أشهر، فإن المواجهة مع الرجل التركي لا تزال تحرقه من الداخل. وليس لديه المال لاستبدال المخزون الذي نهب، ولهذا يحاول الحصول عليه بأي طريقة، مثل تصليح شاشات الهواتف النقالة، والتحويلات المالية المعروفة بالحوالة من دكانه. وهو بدون بيت وينام أحيانا في الدكان وفي أحيان أخرى بخيمة صديق.

السنوات الأولى التي أعقبت انتفاضة عام 2011، كانت سياسة تركيا المفتوحة مصدرا للفخر القومي والثناء عليها لأنها قدمت العناية الطارئة. أما بعد 12 عاما، فقد تغير المزاج نظرا إلى انهيار قيمة العملة وزيادة معدلات التضخم، ومشكلات متعددة تعانيها تركيا.

وتستضيف تركيا أكبر عدد من اللاجئين تستقبله دولة في العالم، وحاليا هناك نحو 3.6 مليون لاجئ سوري.
السنوات الأولى التي أعقبت انتفاضة عام 2011، كانت سياسة تركيا المفتوحة مصدرا للفخر القومي والثناء عليها لأنها قدمت العناية الطارئة. أما بعد 12 عاما، فقد تغير المزاج نظرا إلى انهيار قيمة العملة وزيادة معدلات التضخم. وارتفعت حالات جرائم الكراهية، وتتهم التقارير والشائعات السوريين بالمسؤولية عن المشكلات المتعددة وأحيانا المتضاربة التي تعانيها تركيا. فهم متهمون بالحصول على رواتب من الحكومة التركية بدون عمل، ومتهمون بأنهم وراء زيادة عدد المتسولين في البلد وتخفيض مرتبات الطبقة العاملة ورفع أجور السيارات. وهم السبب وراء انتظار الأتراك للحصول على الخدمات العامة، وهم من يقوم بارتكاب الغش في الانتخابات، ومجرد وجودهم يجلب الكوارث الطبيعية.
ويمتد إقليم هاتاي في جنوب تركيا مثل إصبع الإبهام داخل سوريا، وبدأ السوريون يجتازون الحدود إليه بعد أيام من الانتفاضة، ومع حدوث الهزة الأرضية التي ضربت المنطقة في نهاية فصل الشتاء كان عدد اللاجئين السوريين في المنطقة هو أكثر من 400 ألف شخص، أي ربع سكان المنطقة. وهناك الكثيرون مثل سليم يريدون المضي في طريقهم إلى أوروبا، لكن المال هو العائق (9 آلاف دولار أمريكي يطلبها المهربون لنقل سليم أو غيره عبر البحر). ولهذا، فهم يعيشون في المجهول، لا يرغب فيهم البلد المضيف ولا يستطيعون العودة إلى بلدهم أو لا يريدون.
وفي سوريا، حقق بشار الأسد عودة مثيرة وخرج من العزلة الإقليمية، ففي أيار/مايو حضر القمة العربية في جدة، وهذه أول مرة توجه الجامعة الدعوة له من عقد. وفي حزيران/يونيو كان الهدف من لقاء مسؤولين من تركيا وسوريا وروسيا وإيران في قازخستان هو تطبيع العلاقات التركية- السورية. وإعادة اللاجئين السوريين هو جزء كبير من عمليات التطبيع، فاللاجئون ليسوا جاهزين للعودة إلى بلدهم، لكن دول الجوار تريد عودتهم.

وفي عام 2011، رحب الرئيس رجب طيب أردوغان باللاجئين السوريين وقال إنهم “إخوة”، وكانوا لفترة جزءا من هذه الرؤية عند تركيا، وبحسب أرقام الحكومة التركية منحت المواطنة لنحو 200 ألف شخص منهم. إلا أن الزمن تغير، فقد أعلن أردوغان عن خطة قبل الانتخابات الرئاسية في أيار/مايو لإعادة مليون من “الإخوة والأخوات” السوريين إلى شمال سوريا. وقال أردوغان إن حكومته أشرفت على عودة طوعية لنحو 600 ألف لاجئ سوري.

وفي عام 2022، ذكرت منظمة هيومان رايتس ووتش، إن المسؤولين الأتراك أجبروا مئات السوريين للتوقيع على استمارات “عودة طوعية” ثم نقلوهم عبر الحدود تحت تهديد السلاح. وكان التأكيد على العودة الطوعية مهما لتركيا، لأنها جزء من الدول الموقعة على ميثاق اللاجئين لعام 1951 والذي ينص على مبدأ عدم الإعادة القسرية.
وقال سوريون في أنطاكية إن العودة مستمرة وإن لديهم أصدقاء اجتازوا الحدود ثم اختفوا.

وحتى بعد فوز أردوغان في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، شعر الكثير من السوريين بالراحة، فهم لا يزالون ينظرون إليه كحليف. وقال خالد عمرو، الذي كان يجلس في خيمة زرقاء، ليس بعيدا عن مشهد شقته المنهارة إن أحسن شيء يتذكره هذا العام هو “فوز أردوغان”. وقال آخرون إن من بين المليون لاجئ الذين وعد أردوغان بإعادتهم الكثيرين في هاتاي نظرا إلى قربها من سوريا، وهم يحاولون الحصول على الجنسية التركية ويدفعون الرشاوى إلى المسؤولين من أجل الحصول على الوثائق أو يسجلون في الجامعات أو أي شيء يمنع من إرسالهم إلى بلادهم.

وبالنسبة إلى السوريين في المنفى، فهناك دائما خيارات أخرى، لكنها تقل شيئا فشيئا. لكن لا أحد تحدثت إليه يفكر في العودة إلى بلد يحكمه الأسد، وأتساءل إن كان هناك من يسمع.

وفي يوم أحد، جلست أم لؤي (65 عاما) وهي أرملة، على مقعد في نادي حماة الاجتماعي في الحي الشمالي بأنطاكية، حيث جلس الشباب يلعبون الورق ويشربون المتّة. في عام 2015 تقدمت بطلب إعادة توطين في ألمانيا، حيث تعيش ابنتاها هناك. في شباط/فبراير ماتت بنت أخرى مع عائلتها في الزلزال. وتلقت في أيار/مايو مكالمة من ألمانيا تخبرها بتوقع مقابلة قريبة. وقالت أم لؤي إنها انتظرت ستة أيام في البريد لتحدد هوية عائلتها التي ماتت في شباط/فبراير، ولهذا فانتظار أمر آخر سهل، ولو نجح طلبها فستكون واحدة من المحظوظين،

وبالنسبة إلى السوريين في المنفى، فهناك دائما خيارات أخرى، لكنها تقل شيئا فشيئا.

و”ذات مساء في أنطاكية، مشيت وسط مجموعة من الخيام التي استقرض السوريون الوهج من معسكر مضاء جيدا للأتراك قريبا منهم، ولا أحد تحدثت إليه يفكر في العودة إلى بلد يحكمه الأسد، وأتساءل إن كان هناك من يسمع”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية