لندن- “القدس العربي”:
في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز بعنوان: “في الهند، هناك وباء التحيّز والاضطهاد” للكاتب سيدهارت فارداراجان، محرر صحيفة “هندو” قال فيه إن اندلاع وباء فيروس كورونا المستجد ساعد على انتعاش المشاعر المعادية للمسلمين والنزعات الديكتاتورية.
وقال إن الهند وعلى مدى عقود تبنّت الكثير من المُثل التي تعبر عن الليبرالية الديمقراطية. لكن منذ انتخاب رئيس الوزراء ناريندرا مودي وحزبه بهارتيا جاناتا “لاحظنا تراجعا مذهلا في حكم القانون والحقوق المدنية والسياسية وإطلاق العنان للتعصب ضد الأقليات”. وقال إن معظم الإعلام الهندي وللأسف كان متواطئا مع حزب بهارتيا جاناتا وهجومه على القيم الديمقراطية والعلمانية، إما من خلال نشر رواية مودي وحزبه أو ممارسة الرقابة الذاتية حتى ينجو من العقاب.
ويضيف أن هناك صحافيين حافظوا على نزاهتهم وعملوا على الالتزام بالقيم الديمقراطية التي جسدها الدستور الهندي. وبالنسبة لهؤلاء أصبحت ملاحقات الشرطة لهم بمثابة الطقوس اليومية؛ لأنهم تجرأوا على انتقاد المؤسسة الحاكمة.
وتحدث الكاتب نفسه عن المصاعب التي تعرض لها لنقده المؤسسة الحاكمة بما في ذلك شكاوى التشهير. فهو كمؤسس لموقع “ذي واير” واجه حالة تشهير كلها غير صحيحة.
وقدم الشكاوى ضده أشخاص من المؤسسة الحاكمة أو يعتبرون أنفسهم من المقربين لها. وتم إلغاء سبع شكاوى حتى الآن. إلا أن الأمر لم يتوقف عند الشكاوى، بل زاد وأصبح تحرشا وتهديدات.
في الأول من نيسان/ أبريل اتهمته شرطة أيوديا في ولاية أوتار براديش، شمال الهند بعدد من الاتهامات، منها استخدام جهاز الكمبيوتر لتقمص شخصية رجل ونشر مواد إباحية. واتُهم أيضا بعصيان أوامر مسؤول، ونشر الفزع حول كارثة ستقع، ونشر الشائعات من أجل إحداث شغب.
ويحمل كل اتهام من هذه الاتهامات سجنا لمدة 3 سنوات على الأقل. وفي شكوى الشرطة التي تمت صياغتها بطريقة غامضة، كان واضحا أن السلطات لم ترتح من مقال نشره موقع “ذي واير” في 31 آذار/ مارس، حول حالات الإصابة بفيروس كورونا في مركز تابع لجماعة التبليغ في نيودلهي.
وذكر التقرير على سبيل المثال أن القيادات الدينية في الهند لم تستفق إلا متأخرة لمخاطر الفيروس.
وحاكم أوتار براديش هو يوغي إديتياناث، وهو كاهن بارز مقرب من مودي، وشارك في تجمعات دينية في أيوديا مع عدد من الأشخاص في 25 آذار/ مارس، وهو اليوم الأول الذي أعلنت فيه الحكومة عن إغلاق النشاطات العامة في كل أنحاء البلاد لمنع انتشار الفيروس.
ونشر اديتياناث في تغريدة، صورة له وهو محاط بالكهنة والمسؤولين والصحافيين. ولم يكن أحد من هؤلاء يلبس أقنعة واقية سوى عدد قليل. ولكن التجمع كان خرقا صارخا لنصائح الحكومة حول الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وتم نقل عبارات نسبت خطأ للكاهن الحاكم وأعلن الموقع عن تصحيحها حالا، وقال إن الذي تحدث بها كاهن آخر غير إديتياناث. وذُكر اسم الأخير في التقرير؛ لأن حالات الإصابة بين جماعة الدعوة والتبليغ استخدمت لتشويه الإسلام والهجوم على مسلمي الهند.
وذكّر الموقع القراء أن لا دين لديه احتكار أو سيطرة على الأتباع الجهلة أو المتواطئين. وهذه هي الجريمة التي يعتقد الأصوليون الهندوس وحكام الهند وأوتار براديش أن أصحاب الموقع قد ارتكبوها.
ويضيف أن المؤسسة الحاكمة الراضية عن الحملات الدعائية ضد المسلمين بدأت مباشرة مع قطاع من الإعلام بحملة شيطنة ضد جماعة الدعوة والتبليغ، واستهدفت المدارس الدينية والمساجد، وتطورت الحملة بشكل سريع إلى هجمات خبيثة وواسعة عبر منصات التواصل وأصوات تدعم “هاشتاغ كورونا جهاد”.
ولم يقتصر الأمر على العالم الافتراضي، بل انتقل إلى العالم الحقيقي. حيث قامت جماعات “الفيجيلنتي” أو المتحمسين المتعصبين، بمهاجمة المسلمين في أوتار براديش ومناطق أخرى من الهند، وفرضوا مقاطعة على أصحاب المحلات المسلمين.
ومات طفلان مسلمان بعدما رفض المستشفى معالجة والديتهما. وأعلن مستشفى للسرطان أنه لن يستقبل مرضى مسلمين إلا بعد تقديم شهادة فحص من الفيروس.
ولم يدفع هذا الحكومة الهندية أو سلطات الدولة لفرض حكم القانون. وبدلا من ذلك أرسلت قوات الشرطة من أيوديا التي تبعد 435 ميلا عن دلهي، حيث يعيش الكاتب طلبا للحضور والإجابة عن الاتهامات.
وكان اليوم الذي ُطلب منه الحضور فيه هو بداية الإغلاق العام، حيث كانت الشرطة تعرف أن من المستحيل عليه الوصول. وكانوا يعرفون أنه لن يستطيع الوصول إلى المحاكم المغلقة، مما جعله عرضة للقبض عليه لأنه لم يستجب لدعوتهم.
وأُجبرت الشرطة ونظرا للشجب من جماعات المجتمع المدني على التراجع، وقبل نهاية الأمر بـ36 ساعة، طلب منه تقديم بيان عبر رسالة إلكترونية وهو ما فعله. والكرة أصبحت الآن بملعب حكومة أوتار براديش، لكنه لا يتوقع تراجع المسؤولين فيها نظرا لتعصبهم.
وفي كل أنحاء الهند، كان الإغلاق مناسبة لممارسة النزعات الدكتاتورية بحرية. ورغم حث المحكمة العليا السلطات على إغلاق السجون بسبب فيروس كورونا، إلا أنها اعتقلت الناشطين غوتام نافلاخا وأناند تيلتمبد، أستاذ الإدارة المعروف، بناء على أدلة واهية وتحت ذريعة قانون مكافحة الإرهاب.
وقررت المحكمة العليا عدم التدخل في حالتهما أو الحالات الأخرى. فالإعلان الذي أصدره مودي بدون أن يعطي المواطنين سوى 4 ساعات للتحضير، أجبر ملايين العمال من الأرياف الذين خسروا أعمالهم على رحلة شاقة مشيا على الأقدام إلى قراهم.
وعندما تم تقديم شكوى للمحكمة العليا نيابة عنهم، قبلت المحكمة رواية الحكومة من أن الحديث عن مصاعب ما هي إلا أخبار مزيفة من الإعلام وليس لأن الحكومة لم تحضر جيدا للأمر وتصدر التحذيرات المبكرة.
وتلاحق الشرطة الصحافيين والمواطنين لنشرهم تعليقات تظهر الحكومة بصورة فقيرة. وفي يوم الأربعاء أصدرت الشرطة في ولاية كوجارات اتهامات ضد محام معروف بنشر خطاب الكراهية، لأنه نشر تغريدة ساخرة.
ومعظم هذه الاتهامات واهية، لكن الشرطة الهندية تعرف أن مجرد توجيه اتهام هو عقاب في حد ذاته. ففي حالة الإغلاق يشعر الصحافيون العاملون في دول ديمقراطية بالمسؤولية لنشر الأخبار والتقارير بحرية، وذلك للتأكد من خروج الناس أحياء وكذا ديمقراطيتهم.
نناشد دول الخليج طرد الهندوس من كل الخليج العربي وهذا يقع على مسؤولية الحكام والمحكومين على السواء كي تتعظ الحكومة الهندوسية المتطرفة، وإذا كانت بعض دول الخليج – كالإمارات – لا يهمها أمر المسلمين الهنود في شيء فإني أناشد الدول التي لديها الكثير من الحكمة والتعاطف والتفاعل مع شؤون المسلمين أن تقوم بطرد الهندوس أو تهدد بطردهم لأن هذه الدول وقياداتها مسؤولون على ذلك يوم القيامة.