لندن- “القدس العربي”: بدأت الصدوع في دعم الحزب الديمقراطي للرئيس جو بايدن، وسط دعوات متزايدة من نواب وحكّام ولايات له بالتخلي عن حملته الانتخابية.
ومع أن اجتماع بايدن مع حكّام الولايات لم يؤدِّ إلى دعوات منهم له بالخروج من الحملة، إلا أن الرئيس اعترف بالمشاكل التي يواجهها، وأنه لم يتبق لديه سوى أيام على تجاوز كارثة المناظرة التي نظمتها شبكة “سي أن أن” في أتلانتا، الأسبوع الماضي، وهو ما قاد معظم الصحف والمعلّقين الأمريكيين لمطالبته بالخروج من السباق الرئاسي، وفتح المجال أمام مرشح جديد.
وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن حوارات الرئيس هي أول إشارة حول ما إن كان قادراً على التعافي من الأداء المدمر في المناظرة. وفي الوقت نفسه، قال البيت الأبيض إن الرئيس لم يتحدث عن فكرة الخروج من السباق.
أكد بايدن بأنه لا يزال مكرّساً للقتال من أجل إعادة انتخابه، لكنه يفهم بأن قابليته كمرشح أصبحت على المحك
وفي التقرير، الذي أعدته كاتي روجرز، قالت إن بايدن أخبر كبار مساعديه بأن الأيام المقبلة مهمة جداً له، ويفهم بأنه قد لا يكون قادراً على إنقاذ نفسه لو لم يستطع إقناع الناخبين بأنه قادر على مواصلة العمل بعد المناظرة الكارثية.
وبحسب حليفين له تحدّثا إليه، فقد أكد بايدن بأنه لا يزال مكرّساً للقتال من أجل إعادة انتخابه، لكنه يفهم بأن قابليته كمرشح أصبحت على المحك.
وحاول الرئيس، يوم الأربعاء، تقديم صورة واثقة، في مكالمة مع فريق حملته، في وقت يحاول البيت الأبيض تهدئة الأعصاب في صفوف إدارة بايدن. وقال الرئيس: “لا أحد يدفعني للخروج”، و “لن أغادر”.
وقالت نائبة الرئيس كامالا هاريس نفس الكلام: “لن نتراجع، وسنواصل تقدمنا، وسنقاتل، وسننتصر”.
لكن مساعدي بايدن اعترفوا بين أنفسهم بأن المناسبات العامة المقبلة مهمة، وخاصة في عطلة الرابع من تموز/يوليو، ومقابلة مع جورج ستيفانوبوليس من شبكة “إي بي سي” يجب أن تكون جيدة. وقال أحد حلفائه، الذي تحدث مع الرئيس خلال الـ 24 ساعة، إنه “يعرف لو حصل على مناسبتين كهاتين فسيكون في مكان مختلف” بنهاية الأسبوع.
وقالت المتحدثة الإعلامية في البيت الأبيض كارين جان- بيير إن الرئيس أخبرها مباشرة بأنه لم يتحدث مع حلفائه بشأن خروجه من السباق. وقالت، في إحاطة للصحافيين: “هذا الكلام غير صحيح بالمطلق”. وفي الوقت الذي قللت فيه من التكهنات حول خروج بايدن، أشارت إلى هاريس التي رأت دعماً واسعاً بين الديمقراطيين، وأنه “مستقبل الحزب”. وقال واحد من حلفاء بايدن ومستشاريه الكبار، والذي طلب عدم الكشف عن هويته، بأن الرئيس “واع بالتحديات السياسية التي يواجهها”. وأضاف أن الرئيس يعي بأن نتيجة الانتخابات قد تكون مختلفة عن تلك التي يقاتل من أجلها. وقال إن الرئيس يعتقد بأنه قائد فعال، وبعقلية حادة، و”لا يفهم لماذا لا يفهم الناس هذا”.
وفي تقرير لـ “نيويورك تايمز”، نشرته يوم الثلاثاء، وردَ أن مساعدي الرئيس لاحظوا عليه بأنه متشوش، وأحياناً يفقد جملة، أو يخلط بعض الحقائق، على الرغم من أنه يمكن أن يكون حاداً ومنخرطاً في معظم الأوقات. لكن في المقابلات، قال الأشخاص الذين التقوا به مؤخراً إن الهفوات تبدو أكثر تكراراً وأكثر وضوحاً وأكثر إثارة للقلق. ولا يزال بايدن مصراً بعناد أن مناظرته كانت سيئة، لكنها ليست لحظة كاشفة حول قدرته على مواصلة عمله لسنوات قادمة.
واتصل المانحون للحزب مع البيت الأبيض والنواب الديمقراطيين وحملة الرئيس وعبّروا، في مكالماتهم، عن خوف، وقالوا إن على الرئيس بايدن الخروج من السباق الرئاسي.
ودعا مؤسس نتفليكس ريد هستنغ، والذي أصبح، في السنوات الماضية، من كبار متبرعي الحزب، بايدن للتخلي عن البطاقة الكبرى في الانتخابات.
وقال: “يجب على بايدن السماح لزعيم ديمقراطي قوي قادر على هزيمة ترامب”.
وقال ديمقراطي منتخب، لم يكشف عن هويته، إن قرار التنحي هو بيد بايدن، و”الشيء المهم هو قراره، سواء سيمضي أم سيترك”.
وحاول البيت الأبيض تهدئة الأعصاب للعاملين في داخل الإدارة. وأخبر رئيس طاقم البيت الأبيض جيف زينتس العاملين بضرورة العمل ورؤوسهم منخفضة، والتركيز على التنفيذ، ورفع رؤوسهم عالياً والشعور بالفخر، وهو تناقض في كلامه يحمل حساً ساخراً.
وكان بايدن بطيئاً في التواصل مع الرموز الديمقراطية البارزة لتخفيف مظاهر قلقهم، وهو ما أثار الغضب داخل الحزب، وأثار إحباط بعض من مستشاريه.
وبحسب جان- بيير، فقد تواصل بايدن مع زعيم الأقلية في مجلس النواب حكيم جيفريز، وزعيم الغالبية في مجلس الشيوخ تشاك تشومر، وتناول الغداء مع نائبته هاريس في البيت الأبيض، وبعد ذلك التقيا مع حكام الولايات الديمقراطيين.
حاول بايدن تقديم صورة واثقة، في وقت يحاول البيت الأبيض تهدئة الأعصاب في صفوف إدارته. وقال: “لا أحد يدفعني للخروج”، و “لن أغادر”
وقال حاكم مينسوتا تيم والتز للصحافيين في البيت الأبيض إن الحكام عقدوا لقاء صريحاً مع بايدن، وإنهم يقفون معه. وقال والتز إن بايدن صالحٌ للحكم.
ورغم مظهر الوحدة بين الحكّام إلا أن نصفهم عبّروا عن قلقهم خلال اللقاء مع بايدن.
وأخبرت جانيت ميلز، حاكمة مين، الرئيس، وبصراحة، أن عمره مناسب إلا أن الناس لا يعتقدون أنه مناسب للسباق.
ولم يطلب قادة الديمقراطيين في الكونغرس من المشرعين دعم بايدن، وبدلاً من ذلك استمعوا إلى كم من الشكاوى حول معالجة الرئيس للوضع عبر قطاعات الحزب من جناح الوسط إلى اليسار التقدمي.
كما عبّر عددٌ من المانحين الكبار عن يأسهم من عدم حضور الحملة، يوم الإثنين، لتخفيف مخاوفهم. وزادت شكوك بعض الديمقراطيين من فريق بايدن، وأنه لم يكن واضحاً حول أثر عمر الرئيس عليه.
وقالت الممثلة ديبي دينغل، النائبة عن ميتشغان، لشبكة “أم أس أن بي سي” بأن على بايدن عمل المزيد للحديث مع الرأي العام بدلاً من الاجتماع فقط مع مستشاريه، و”عليه أن يظهر للشعب الأمريكي بأنه قادر على القيام بهذه المهمة”، و”لا يمكنه الآن التلفع بفقاعة”.
وقال عددٌ من المستشارين وحلفاءُ بايدن بأنه يرى في الوضع الحالي فرصة للعودة، كما فعل طوال حياته السياسية، لكنه واعٍ بالمهمة الصعبة لكي يقنع الناخبين والمانحين والحزب بأن أداءه بالمناظرة كان أمراً شاذاً، وليس حادثاً يخرجه من السباق.