نيويورك تايمز: بعد المكسيك والإمارات.. الهند تهاجم تطبيق “واتساب” ببرنامج تجسس إسرائيلي

حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا مشتركا أعده كل من فيندو غويل ونيكول بيرلروث، عن شركة التكنولوجيا الإسرائيلية التي تصنع برامج تجسس “إن إس أو غروب” التي استخدمت برامجها دول شرق أوسطية لملاحقة المعارضين والتنصت عليهم.
وفي التقرير الذي حمل عنوان “صانعة التجسس (إن إس أو) تعد بالإصلاح ولكنها تواصل التجسس”، أشار الكاتبان إلى أن برامج تجسس الشركة لا تشتريها فقط الأنظمة الديكتاتورية في السعودية والإمارات ولكن في الهند أيضا، حيث صدمت المحامية المتخصصة في حقوق الإنسان، بيلا بهاتيا، أن هاتفها النقال أصيب ببرنامج تجسس غريب يسجل مكالمتها المصورة على الفيديو.

وتعتبر الهند و400 مليون مستخدم للخدمة من أهم أسواق واتساب. ومهمة بهاتيا تجعلها مصدر مضايقة للسلطات في ولاي تشهاتسيغرا المضطربة. وفي مقابلة مع الصحيفة قالت: “تحمل معك الجاسوس في جيبك وإلى أي مكان تذهب إليه” و”هو أكثر مما يمكن أن يتخيله البعض من ولاية هندية”.

وكانت بهاتيا واحدة من مئات الهنود الذين اكتشفوا في الأشهر الأخيرة أن كل نقرة ومكالمة وتحديد للمكان على هواتفهم تم تسجيلها من خلال برمجية التجسس التي تبيعها شركة أنظمة التجسس الإلكترونية الإسرائيلية. وتقول شركة (إن إس أو غروب) إن التكنولوجيا التي تطورها يتم بيعها بناء على رخص للدول كي تستخدمها في مجالات محددة بهدف مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة. ووعدت بأنها لن تبيعها لدول ذات سجل فقير في مجال حقوق الإنسان.

إلا أن الكشف عن حالات استخدام برامج الشركة في الهند خلال الأسابيع الماضية، يشير إلى أن دولا لها مؤشرات جيدة في مجال حقوق الإنسان لا تتورع عن استخدام أنظمة التجسس الإسرائيلية في جهودها لملاحقة الصحافيين والنقاد والمعارضين والناشطين على منصات التواصل الاجتماعي.

ونقلت الصحيفة عن جون سكوت-ريلتون من “زيتزن لاب” في جامعة تورنتو بكندا: “يعطي هذا الهجوم نافذة عما يحدث عندما تعطي الحكومات منفذا فوق القانون لمراقبة اتصالات الناس”. وعمل “سيتزن لاب” مع واتساب للكشف عن الأهداف وإبلاغ الأشخاص الذين تعرضت هواتفهم للهجوم. وأضاف: “تستخدم هذه الأدوات لكل أنواع التجسس الخارجة عن المحاسبة حيث الرغبة في استغلالها عالية جدا”.

وقامت شركة واتساب والشركة الأم فيسبوك بالتقدم الأسبوع الماضي بدعوى قضائية للسلطات الفدرالية الأمريكية، حيث طلبت منع الشركة الإسرائيلية من استخدام خدماتهما. وجاء في الدعوى القضائية أن شركة “إن إس أو” استخدمت واتساب كوسيلة تحميل للقرصنة على هواتف 1.400 شخص حول العالم. ومن بين هؤلاء أكثر من 100 شخص صحافي وناشط في مجال حقوق الإنسان وقادة دينيين ومعارضين.

وتعتبر القضية آخر الحالات التي تدفقت ضد سوق التجسس العالمي الذي تقدر قيمته بمليارات الدولارات. وباتت الحكومات هي الزبون للشركات بدلا من ممارسة دورها كحامٍ لخصوصية المستخدمين. وفي مركز المزاعم تلك، شركة “إن أس أو غروب” التي وعدت بأنها ستتجاوز الماضي وتلتزم بحلول شهر تشرين الأول/ أكتوبر، بالمبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن التجارة وحقوق الإنسان.
وفي ذلك الشهر أخبرت شركة واتساب 1.400 مستخدم، منهم دبلوماسيون ومسؤولون بارزون في الحكومة الأمريكية، أن شركة “إن أس أو” استخدمت الخدمة لمهاجمة هواتفهم. ومن هنا تعد الكشوف الأخيرة تناقضا لما قالته الشركة إنها ستلتزم بالشفافية ودعم حقوق الإنسان.

وتؤكد الدعوى القضائية التي تقدمت بها شركة واتساب أن برمجية التجسس التي طورتها “إن إس أو” استخدمتها الإمارات العربية المتحدة والمكسيك لملاحقة المعارضين. وأشارت إلى استخدام الشركة الخدمة في البحرين، البلد الذي تصف فيه منظمة هيومان رايتس ووتش وضع حقوق الإنسان بـ”الرهيب”.

وفي رسالة أرسلتها واتساب إلى الحكومة الهندية، تبين أن 121 من مستخدميها تعرضت هواتفهم للهجوم عبر برمجية “إن إس أو”. وبحسب القائمة التي أعدها موقع “سكرول دوت إن” فمن بين هؤلاء 22 من ناشطي حقوق الإنسان وصحافيون ومحامون من دعاة الحقوق المدنية. وقال متحدث باسم المؤتمر الوطني الهندي، الذي يعد الحزب الرئيسي المعارض، إن واتساب أخبرت الحزب نهاية الأسبوع الماضي أن واحدة من أهم قادة الحزب بريانكا غاندي فاردا، كانت من بين المستهدفين. ولا يعرف إن كانت الحكومة المركزية هي التي اشترت البرنامج، فحكومة نارندرا مودي اتهمت شركة واتساب وليس “إن إس أو” أو زبائنها بالاختراقات وتجاهلت دعوات المعارضة لإجراء تحقيق واسع.
وتقسم قائمة المستهدفين إلى قسمين، الأولى الجماعة الناشطة في مجال حقوق الإنسان في ولاية تشهاتسيغرا، حيث تواجه الحكومة تمردا ماويا منذ عقود. الثاني ناشطون من أصحاب الميول اليسارية في بيمان غوريغون قرب مومباي، الذين اتهمتهم الحكومة بمحاولة قتل مودي عام 2017.

وقال المحامي أنكيت غريوال للناشطة النقابية سودا بهردواج، التي اعتقلت في بيمان غوريغون بأنه بدأ يفقد مكالماته على واتساب في الخريف الماضي. وعلم في تشرين الأول/ أكتوبر بأن هاتفه تعرض للهجوم من برنامج خبيث صنعته شركة “إن إس أو”، مع أنه لم يرد على المكالمات أبدا. وقال: “عرفت الآن بوجود أشكال” للهجمات وأن “بقية المحامين الذين يدافعون عن الناشطين في بيمان غوريغون وتشهاتستغرا تم استهدافهم. ومن يقوم بهذا غير الحكومة، خاصة أننا استهدفنا بعد اعتقال الناشطين”. ولا يعرف النائب السابق في البرلمان ومحرر موقع “تشوذي دنيا” الإخباري سانتوش بهراتيا عن سبب استهدافهم مع أن موقعه معروف بنقده للحكومة: “أنا صحافي ولكنني لست ذلك النوع من الصحافيين الذين تراقبهم الحكومة”.
وهناك شو تشاودري مراسل هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) سابقا والذي قال إنه استسلم لمراقبة الحكومة له. وما أدهشه هو “بشاعة” نظام “إن إس أو” و”هذا هجوم غير قانوني على حقوقنا الرئيسية وهذا ليس جديدا” و”لكن مستوى الرقابة أعلى مما جربناه سابقا”.

وعندما طلب من الشركة التعليق، ردت بنفس الطريقة، وهي “أن نظامها مرخص للحكومات كي تستخدمه لمحاربة الإرهاب والجريمة”.

وكان المقرر الخاص في الأمم المتحدة ديفيد كي، دعا في شهر حزيران/ يونيو الماضي إلى مذكرة عاجلة حول بيع تكنولوجيا الرقابة وحماية حقوق الإنسان. ولأن الأمم المتحدة لا سلطة لها لتنفيذ المذكرة استمرت عملية بيع أنظمة التجسس.

وفي أيلول/ سبتمبر، أصدرت “إن إس أو” مذكرة تحدد فيها سياسة استخدام الأنظمة التي تطورها للتحقيق في مجال الجريمة والإرهاب. وفي رد على السياسة الجديدة، كتب ديفيد كي متسائلا عن الطريقة التي ستحمل فيها زبائنها المسؤولية، خاصة أن لا سلطة لديها عليهم أو كيفية استخدامهم للأنظمة، بالإضافة إلى أنها لا تستطيع مراقبتهم. وقال كي: “الصناعة غامضة والمستخدمون لها غامضون” و”الغموض على الجانبين يجعل من الصعوبة فهم ما يجري في هذا المجال”.

ويرى كي أن الدعوى القضائية لواتساب قد تكون بداية رقابة على الصناعة التي لا آلية رقابة عليها حتى الآن. ومع أن قانون الانتهاك والغش على الكمبيوتر والذي ورد في دعوى واتساب يمكن للحكومة استخدامه في التحقيق والحماية والقيام بنشاطات أمنية ولا يستثني الشركات الخاصة.

وقال كي: “أتخيل أن إن إس أو قلقة من هذا”. وكصورة عن جدية الأمر بدأت شركة فيسبوك بحجب صفحات الموظفين في “إن إس أو” وكذا حساباتهم على واتساب وإنستغرام. ويقول الأشخاص الذين استهدفوا إن الدعوى القضائية لم تغير حالهم، وإنهم تحت رقابة مستمرة.

ويقول تشاودري: “في العالم المثالي كل شيء يتم بطريقة قانونية ولكننا نعيش في أوقات خطيرة” و”نحن بحاجة لحماية أنفسنا قدر الإمكان”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية