نيويورك تايمز: بوتين يزيد الضغط على الغرب لعقد صفقة مع روسيا

محمد نون
حجم الخط
24

لندن- “القدس العربي”:

ترسم صحيفة نيويورك تايمز صورة من الغضب التي اجتاحت الغرب بعد إعلان روسيا ضم أربع مقاطعات أوكرانية إليها هي زابوروجيا، خيرسون، دونيتسك ولوغانسك، لكنها لا تستبعد ازدياد الضغوط على أوروبا لعقد صفقة مع روسيا.

ويرى الكاتب توماس ل. فريدمان بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعمل من خلال ضم أجزاء من أوكرانيا على تحويل روسيا إلى نسخة أخرى من كوريا الشمالية، ستكون دولة مصابة بجنون العظمة ومعزولة، ولكن على عكس كوريا الشمالية، فإن النسخة الروسية التي ستكون ممتدة على 11 منطقة زمنية – من المحيط المتجمد الشمالي إلى البحر الأسود ومن حدود أوروبا إلى حدود ألاسكا – ستكون أيضا معززة بالآلاف من الرؤوس الحربية النووية.

يرى الكاتب أن روسيا لن تكون مجرد تهديد جيوسياسي بل ستلحق الضرر بنفسها ولن تبقى موردا موثوقا للطاقة في العالم على المدى الطويل.

ويعتبر فريدمان أن ضم أجزاء من أوكرانيا قد يكون محاولة من بوتين للتوصل إلى تسوية تفاوضية مناسبة. وسيكون من غير المفاجئ إذا أعلن قريباً عن استعداده لوقف إطلاق النار واستعداده لإصلاح خطوط الأنابيب واستئناف شحنات الغاز إلى أي دولة مستعدة للاعتراف بضم روسيا لأجزاء من أوكرانيا.

ويمكن لبوتين بعد ذلك أن يدّعي لقاعدته القومية أنه حصل على شيء ما مقابل حربه، حتى لو كانت باهظة الثمن وهو الآن جاهز لوقفها، لكنه سيواجه هناك مشكلة واحدة فقط وهي أنه لا يسيطر فعليًا على كل الأراضي التي يقوم بضمها وهذا يعني أنه لا يمكنه تمرير أي صفقة حتى يتم طرد الأوكرانيين من جميع الأراضي التي يطالب بها الآن وإلا فإنه سيتنازل عما يعتبره أرضا روسية ذات سيادة.

ويذهب الكاتب إلى القول إنه ومن خلال مطالبة بوتين بأراض لا يسيطر عليها بشكل كامل، تبرز خشية بأنه يضع نفسه في زاوية قد يشعر ذات يوم أنه لا يمكنه الخروج منها إلا بسلاح نووي.

ثم يضيف الكاتب أن بوتين يجر أوكرانيا وحلفاءها الغربيين نحو مواصلة الحرب في الشتاء عندما تكون إمدادات الغاز الطبيعي إلى أوروبا مقيدة ويمكن أن تكون الأسعار فلكية، فهل ستتنازل أوكرانيا والغرب ويعقدون صفقة قذرة مع بوتين لوقف حربه؟ أم أن أوكرانيا والغرب ستواجهانه بشكل مباشر من خلال الإصرار على عدم حصوله على أي إنجاز من هذه الحرب والتمسك بمبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة؟

 ويدعو الكاتب إلى عدم الانخداع لأنه سيكون هناك ضغط داخل أوروبا للتنازل وقبول عرض بوتين الذي يريد تقسيم التحالف الغربي والخروج بانتصار يحفظ ماء الوجه.

لكن هناك خطرا آخر على المدى القصير بالنسبة لبوتين إذا لم يتنازل الغرب للتوصل إلى اتفاق معه، بل قام بإرسال المزيد من الأسلحة والمساعدات المالية لأوكرانيا، فهناك احتمال أن ينهار جيش بوتين.

 لكن الكاتب يستدرك بأن هذا ما لا يمكن التنبؤ به.

أما الواضح الآن فهو وجود ديناميكية ستدفع روسيا أكثر نحو نموذج كوريا الشمالية، انطلاقا من قرار بوتين قطع معظم إمدادات الغاز الطبيعي عن أوروبا الغربية.

 لكن لذلك مخاطر على روسيا نفسها، إذ إنها أصبحت مورداً غير موثوق به أبداً حتى بين بعض أقدم وأفضل عملائها ومنهم ألمانيا وجزء كبير من دول الاتحاد الأوروبي، فهؤلاء جميعًا يبحثون الآن عن إمدادات بديلة طويلة الأجل للغاز الطبيعي وبناء المزيد من مصادر الطاقة المتجددة.

ويشير الكاتب إلى مصادر للغاز قد تكون بديلة عن روسيا فيقول: “سيستغرق الأمر من سنتين إلى ثلاث سنوات حتى تبدأ شبكات الأنابيب الجديدة القادمة من شرق البحر المتوسط والغاز الطبيعي المسال القادم من الولايات المتحدة وشمال إفريقيا في استبدال الغاز الروسي على نطاق واسع”.

 ولكن عندما يحدث ذلك وعندما تزداد إمدادات الغاز الطبيعي في العالم بشكل عام للتعويض عن فقدان الغاز الروسي ومع ظهور المزيد من مصادر الطاقة المتجددة فقد يواجه بوتين تحديًا اقتصاديًا حقيقيًا.

حينها قد يستمر عملاؤه القدامى بشراء بعض الطاقة من روسيا، لكنهم لن يعتمدوا بشكل كامل على روسيا مرة أخرى، وسوف تضغط عليه الصين للحصول على تخفيضات كبيرة.

باختصار، يعمل بوتين على تآكل أكبر مصدر وربما مصدره الوحيد للدخل المستدام طويل الأجل، بينما يؤدي الضم غير القانوني لمناطق من أوكرانيا إلى استمرار العقوبات الغربية على روسيا أو حتى تسريعها، الأمر الذي سيؤدي إلى الإسراع في تحويل روسيا إلى وضع الدولة الفاشلة.

ويختم الكاتب بدعوة الزعماء الغربيين أن يكونوا أذكياء وأقوياء، فلربما لم يترك لنا بوتين أي خيار سوى تعلّم كيفية التعايش مع كوريا الشمالية الروسية حيث سيكون العالم أكثر اضطراباً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول د/نزيم جبار:

    التايمز وغيرها من المجلات الغربية تبني تحليلاتها على نظرة أمريكية غربية فيها كثير من العاطفة والتمني والإستعلاء بعيدة تماما عن الواقع والبراغماتية الجيوستراتيجية الحاصلة في العالم وفي أوكرانيا تحديدا. ما لن تستطيع أن تقوله التايمز وغيرها هو أن أمريكا بايدن والسي آي آي هي من حرضت أوكرانيا ورئيسها الدمية على افتعال الحرب ظنا منهم إدخال روسيا في مستنقع حرب قصيرة تستنزف قدرات الجيش الروسي والإطاحة ببوتين بعد ذلك مستعملة أوربا الغرببة في ذلك والنتيجة أن روسيا لا تمزح وأوربا هي أضعف مما كانت على مر التاريخ وستبتزها أمريكا بملفات الطاقة والأمن كما أبان عجز أوربا عن مجابهة روسيا ذلك أنها رهينتها. كان من الأجدر أن لا ينساق الأوربيون إلى عذه اللعبة الخبيثة من أمريكا فهم الذين يدفعون الثمن الآن ومستقبلا.

  2. يقول كريم:

    سياسة بوتين العدوانية سيؤدي إلى الإسراع في تحويل روسيا إلى وضع الدولة الفاشلة. تلقى بوتين ضربة موجعة، فقد بدأت قواته تفقد حماسها، بعد سبعة أشهر من العمليات القتالية. كما أن هجوم القوات الأوكرانية زعزع سيطرته على مناطق لوهانسك ودونيتسك، شرقي البلاد. فعندما يضم هذه المناطق ويضيف إليها زاباروجيا وخيرسون في الجنوب، يمكنه بعدها أن يرسل قواته إلى الخطوط الأمامية ثم يهدد الغرب بعدم السماح لأسلحتهم بتهديد المناطق التي قرر أنها ستكون روسية.

    1. يقول الحسين واعزي ( المغرب):

      وماذا عن السياسة الأمريكية في منطقتنا العربية الإسلامية؟ هل هي سياسة عاقلة وعادلة ومتزنة؟ ألم تدمر نصف العالم العربي حجرا على حجر؟ وماذا تفعل دولة إسرائيل في أبناء الشعب الفلسطيني؟ ألا نشاهد يوميا في الفضائيات مهرجانا من القتل والاغتيالات والاقتحامات وهدم المنازل وطرد سكانها منها؟

  3. يقول سمير ابو شخيدم:

    على الغرب ألا يخضع للابتزاز النووي الروسي..

  4. يقول حدفاة حسن:

    مثل مغربي يقول “كبرها تصغار ” وينطبق في بوتين عندما يستخدم النووي والصفقة سترتفع بدون شك.

  5. يقول S.S.Abdullah:

    توماس فريدمان، أليس هو نفس الصحفي الذي استغله (الملك السعودي)، من أجل إعلان مبادرة لعمل صفقة حتى الآن لم تتم مع الكيان الصهيوني، أم لا؟!

    هو أول ردة فعل على ما ورد تحت عنوان (نيويورك تايمز: بوتين يزيد الضغط على الغرب لعقد صفقة مع روسيا)، فمن هنا، يصعد على أكتاف صنم دولة من؟!

    والأهم هو لماذا، وما دليلي على ذلك؟!

    لأن ما الفرق بين الوظيفة في الدولة أو المهنة في السوق أو الوقف من أجل توفير أي خدمة، بلا ربح؟!

    أو ما الفرق بين عقلية الجباية الربوية وبين عقلية الحاجة أم الاختراع؟!

    أو ما الفرق بين، الإيرادات من دولة خدمات السوق، والإيرادات من دولة الجباية الربوية في أجواء سوق العولمة؟!

    أو لماذا نحتاج، أن نعرف الفرق أصلا، بين معنى الفلسفة أو معنى الحكمة؟!??
    ??????

  6. يقول حدفاة حسن:

    مثل مغربي يقول”كبرها تصغار ” لدى بوتين القدرة بأن يكبرها باستخدام النووي وسيفوز بالصفقة التي يريد وقد ترتفع.

  7. يقول zerradabdellatif:

    لكن ماذا عن اغتصاب وطن بكامله ( فلسطين) ام أن الفلسطينيين ليسوا بشرا ؟

  8. يقول كريم:

    المجد لشعب أوكرانيا ويسقط إرهابي بوتين قاتل شعوب

  9. يقول أبو صهيب الجزائري:

    أظن أن الصراع الروسي الغربي هو صراع حضاري و فطري .. المجموعة الحاكمة في روسيا ملتزمة بتعاليم المسيحية و بوتين اختارهم بعناية و أغلبهم لهم خلفيات كنسية وتم تأهيلهم لسنوات ودائما بوتين يقرب رجال الدين من كل الطوائف وأنفق عليهم وأعاد لهم صورتهم الحسنة في المجتمع الروسي سواء مسلمين أو مسيح .او يهود .. ولهذا الغرب يمقت نظام بوتين … الموجة التى إجتاحت الغرب عموما موجة الشذوذ وتغيير الجنس وإباحة الزنا واللواط و زنا المحارم و تدمير الأسرة وفطرة الطفولة و نشر الخلاعة والرذيلة و برامج ترعيب الأطفال والشباب و تقديم المثل العليا للبشرية من أجناس منحطة فكريا وعقديا وصفات كلها وضعت لدول محافظة كروسيا رعبا حقيقيا من إنهيار اخلاقي او ترك الأمر على غاربه سيجتاح روسيا هذه هى اسباب الحرب فضم الأراضي الأكرانية يعتبر سور أخلاقى حديدى بين حضارة متماسكة بشيئ من الفطرة وبين حضارة خلاعة ومجون وانهيار قيم

    1. يقول ابو محمد:

      تعليق رائع

    2. يقول ابو محمد:

      تعليق رائع وممتاز

    3. يقول نزار:

      السلام عليكم اخي الكريم . . . . اسمح لي بان اعدل على ملاحظتك بأن ما يحدث هو حرب ثقافات وليست حرب حضارات . . . فالغرب بماسونيته وبرتوكولات حكماء صهيون التي صاغت منذ القدم اجراءات وخطط خراب ودمار العالم بدأت في نشر انحلال الاخلاق ونشر الرذيلة وغيرها من الفتن التي تهدم لاسرة ومن ثم المجتمع ولم يعجبهم ذات مرة قول بوتين عندما سئل عن المثليين رد بانه طالما بقي في الحكم لن يكون هناك سوى بابا وماما ولن يعترف بالشواذ.

  10. يقول مالك الجزائري:

    روسيا هي الروم النصرانية في هذا الزمان، و الغرب لا دين لهم، انسلخوا عن دينهم، و سيدفعون ثمن فجورهم و انحلالهم الأخلاقي.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية