لندن- “القدس العربي”:
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تحليلا حول مواقف بعض المسلمين من المرشح الجمهوري دونالد ترامب، وتخليهم عن المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس بسبب موقفها من الحرب في غزة.
وتساءل حامد العزيز الذي يغطي أخبار وزارة الأمن الداخلي والهجرة، في تقريره: “ما هو حظر المسلمين؟”، في إشارة للقرار الأول الذي اتخذه ترامب في ولايته الأولى عندما منع مسلمي سبع دول إسلامية من دخول الولايات المتحدة.
وقال العزيز إن ترامب يحاول الضغط على مجموعة من المسلمين والعرب لمنح أصواتهم له، متجاهلا سنوات من الإسلاموفوبيا والشتائم والإهانات التي وجهها لهم إلى جانب تجريدهم من إنسانيتهم.
وقال إن ترامب حتى الشهر الماضي، كان يعد بإعادة قرار حظر المسلمين من السفر إلى الولايات المتحدة. وزعم خاطئا في الصيف، أن نائبة الرئيس كامالا هاريس تريد “إرسال آلالاف من المتعاطفين مع الجهاد إلى ولاية مينيسوتا” وأن الحزب الديمقراطي يريد تحويل “وسط الغرب الأمريكي إلى الشرق الأوسط”.
وتقول الصحيفة إن التخويف من المسلمين هو حجر أساس في هوية ترامب، ويعود إلى حملته للرئاسة عام 2016، عندما قال إنه سينشئ سجلا للمسلمين. وتبنى قصة ملفقة بأن الجنرال الأمريكي جون بيرشينغ كان يعدم المتمردين المسلمين في الفلبين برصاص غمسها بشحم الخنزير.
إلا أن ترامب يحاول في المرحلة الأخيرة من حملته الانتخابية إقناع الناخبين العرب والمسلمين والذين سيتركون أثرا حاسما على النتائج الانتخابية بالتصويت له، مع أن قضى سنوات وهو يهينهم ويشيطنهم.
وقال الرئيس السابق في مقابلة أجرتها معه قناة “العربية” في الأسبوع الماضي: “لدي الكثير من الأصدقاء العرب” و”هم أناس ودودون، ومن المؤسف ما يحدث هناك، فهم أكثر الناس طيبة”.
وفي تجمع انتخابي حاشد يوم السبت بمدينة ميشيغان، وهي ولاية حاسمة ذات عدد كبير من السكان العرب والمسلمين، قال ترامب للحشد إنه التقى بمجموعة من زعماء المجتمع في وقت سابق من اليوم. وسأل: “هل تعلمون ماذا يريدون؟ إنهم يريدون السلام. إنهم أناس عظماء”.
وبدا ترامب مهاجما حيث دعا المسلمين والعرب لعدم التصويت لكامالا هاريس لأن لديها مرشحين كارهين للعرب والمسلمين. واستهدف بشكل خاص، النائبة الجمهورية السابقة عن ولاية وايومينغ، ليز تشيني والتي دعمت حملة هاريس. قال: “لماذا يريد المسلم أو العربي التصويت لشخص يعتبر ليز تشيني بطلته؟”. وفي محاولة لربطها بوالدها، نائب الرئيس السابق ديك تشيني، الذي لعب دورا مهما في حرب العراق عام 2003، مضيفا: “أعتقد أن هذه إهانة عظمى لكل مسلمي العالم”.
وترى الصحيفة أن تحول الرئيس السابق ما هو إلا تعبير عن حسابات سياسية، ذلك أن السباق الانتخابي متقارب جدا، وسيخسر أو يفوز في النهاية بناء على مجموعة من الأصوات من المسلمين الأمريكيين الذين زعم في الماضي أنهم لم يندمجوا بشكل كامل في المجتمع الأمريكي وثقافته.
وقد اعترف ترامب بهذا الواقع يوم السبت، حيث قال “إنهم قادرون على حسم الانتخابات بطريقة أو بأخرى، وأعتقد أننا سنفوز، وأقول لكم، لدينا الكثير من الأصوات ولكننا نريد المزيد”.
ويحاول ترامب استغلال ضعف موقف الديمقراطيين بين العرب والمسلمين الأمريكيين بسبب دعم إدارة بايدن للحرب الإسرائيلية على غزة. وهي الحرب التي قتلت 43,000 فلسطيني.
ورغم أن العرب الأمريكيين ليسوا في الغالب مسلمين، وأن المسلمين الأمريكيين ليسوا في الغالب عربا، إلا أن قطاعات كبيرة من المجوعتين متعاطفة مع القضية الفلسطينية.
وقد صوّت بشارة بهبه، أستاذ السياسية العامة سابقا لبايدن في عام 2020، إلا أن بهبه الفلسطيني المسيحي المولود في القدس، شعر بالغضب من دعم إدارة بايدن للحرب في غزة، حيث أنشأ في هذا الصيف مجموعة “عرب أمريكيون من أجل ترامب”. ولم يجادل بهبه في سجل ترامب بكراهية المسلمين، لكنه أكد أن “نبرة الرئيس تغيرت” أي ترامب. وهذا كاف بالنسبة له، في ضوء سجل إدارة بايدن بالشرق الأوسط.
وقالت مديحة طارق (42 عاما) وهي باكستانية- أمريكية تقيم في ميشيغان، إنها لا تؤمن أن ترامب قد غيّر رأيه من العرب والمسلمين: “آسفة، لا أشتري هذا”، مضيفة أن ترامب يحاول الاستفادة من المجتمعات العربية والمسلمين الغاضبة بسبب الحرب في غزة ولبنان. وقالت: “أعتقد أنه يحاول انتهاز فرصة من خلال هذا، هل تعرف ماذا؟ نحن أقوى كمجتمع من هذا”، مضيفة أنها ستصوت لهاريس.
وبينما لا يخالج الكثير من الناخبين أي شك في أن ترامب يحاول استغلال غضب الناخبين الذين يقولون إنهم لن يشاركوا في الانتخابات، إلا أن ناخبين منهم قد يمنحون أصواتهم لحزب ثالث، أو حتى للرئيس السابق نظرا لشعورهم بالإهانة من السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط.
وقد دعا ترامب هذا العام إسرائيل إلى إنهاء حربها في غزة، وقال إنه سيجلب السلام إلى الشرق الأوسط. كما انتقد هاريس بسبب تعليقها حول “مقتل عدد كبير جدا من المدنيين الأبرياء” في غزة بعد لقائها برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في الصيف.
وربما يترك الناخبون أثرهم في ولايات حاسمة مثل ميشيغان التي يعيش فيها أكثر من 300,000 شخص من أصول شرق أوسطية، ومن شمال أفريقيا، والذين منحوا لبايدن 155,000 صوت عام 2020.
ونقلت الصحيفة عن المدعي العام لمينيسوتا، كيث إيلسون، وهو أول نائب مسلم يدخل الكونغرس، قوله إن ترامب يعتقد أنه قادر على “خداع” المسلمين. وأرجع النبرة الجديدة لترامب بأنها سياسة محسوبة ولا تعبر بالضرورة عن موقف متغير أو أكثر استنارة، مضيفا: “ببساطة، يقول الكلام الذي سيساعده على الفوز”.
ومع ذلك يقول بعض العرب والمسلمين إنهم مستعدون للمجازفة والتصويت هذا العام لترامب، ليس تصويتا احتجاجيا، ولكن لأنه ليس الخيار المثالي.
وبالنسبة لوليد فدامة (60 عاما) وهو أمريكي من أصل يمني يعيش في ديربورن بميشيغان، ويترأس منظمة سياسية يمنية- أمريكية محلية: “نحن نعطي الجمهوريين فرصة”. وقال إنه صوّت منذ فترة طويلة للديمقراطيين، بما في ذلك لهيلاري كلينتون في عام 2016، وبايدن في عام 2020، لكنه هذا العام سيصوت للجمهورين. وقال: “من يدري، ربما كانوا أفضل لنا”.