لندن – “القدس العربي”:
إبراهيم درويش
نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالاً لكارا سويشر، قالت فيه إن إيلون ماسك حصل أخيراً على ما يريد، أي ملكية شركة تويتر.
وربما بدا ذلك مستحيلاً في وقت سابق من هذا الشهر، حيث تبنّت شركة تويتر ما يسمى «البرشامة السامّة»، وهو تكتيك تستخدمه الشركات لمنع محاولات الاستحواذ المعادي ضد رجل الأعمال الملياردير، مع أن الكاتبة كانت تعتقد أن استحواذه أمر حتمي. ففي النهاية، كان العرض كافياً (44 مليار دولار)، بحيث لا يرغب أي شخص آخر، مثل ديزني، على سبيل المثال، في مساواته أو المزايدة عليه من شركات التكنولوجيا العملاقة، خوفاً من إجراء مزيد من التدقيق في مكافحة الاحتكار.
وهو ما يقودنا إلى السؤال الأهم: وماذا الآن؟
الجواب الصادق هو أنه عندما يتعلّق الأمر بماسك، الذي يعتبر بطلاً خارقاً للبعض، وشريراً كبيراً لآخرين، هو: من يدري؟
تويتر كان المنبع الرئيس لأكاذيب ترامب المتكررة، ولكنه كان أيضاً ساحة اختبار لتفكيره في الأمور ذات الأهمية العالمية،
فهل سنرى تغريدات قابلة للتحرير؟ من المرجّح جدّاً. أم سنرى عدداً أقلّ من روبوتات البريد العشوائي؟ ممكن. ربما تحويل مبنى مقر تويتر الجميل في سان فرانسيسكو لمأوى للمشردين؟ أمر مشكوك فيه. أم أننا سنرى نهاية لنكت الحشيش في 20 نيسان/ أبريل؟ بالتأكيد لا. فقد تفاوض الرجل لتوّه على صفقة مالية معقّدة بدأت بتعليق ذكي متأثر بالحشيش.
ومع ذلك، تقول الكاتبة، هناك شيء واحد يبدو مؤكداً بالنسبة لها: يميل الرجل، الذي سيصبح قريباً مسؤولاً لإعلام التواصل الاجتماعي، إلى رفع الحظر الدائم للتغريد الذي فرض العام الماضي على دونالد ترامب.
وتقول: «إذا أصابك ذلك بالغثيان، فقد ترغب في أن تأخذ نفساً عميقاً لأن الأمر كان سيحصل مع أو بدون ماسك على قمة الهرم الإداري لتويتر».
فقد كان التعامل مع الحظر في أعلى اهتمامات مهام إدارة تويتر، ذلك أن إبعاد ترامب عندما كان رئيساً، أو لكونه المرشح الرئاسي للحزب الجمهوري لعام 2024، كان دائماً موقفاً إشكالياً.
وكان المدراء التنفيذيون في تويتر سيتعرّضون لضغط هائل لإعادة النظر في الحظر، الذي كان منطقياً في ذلك الوقت، وعلى الأرجح كان من الممكن أن يتركوا ترامب يعود مرة أخرى، مع بعض التحذيرات السلوكية.
وعليه فسيكون ماسك هو من يفعل ذلك بدلاً منهم. فقد أوضح بالفعل أنه متعاطف مع الفكرة، قبل وقت طويل من هذه الصفقة. وعندما حظر تويتر في ترامب النهاية من استخدام المنصة، في أعقاب هجوم 6 كانون الثاني/ يناير 2021 على مبنى الكابيتول بسبب التحريض على العنف (بعد سنوات عديدة من تجاوز تويتر عن مجموعة من الانتهاكات الأقل)، انتقد ماسك القرار، وكان واحداً من القلائل في حقل التكنولوجيا الذين فعلوا ذلك في ذلك الوقت، عندما هرب معظمهم خوفاً من اتهامهم بأنهم يخدمون الفتنة.
ولا أحد يشك في مدى أهمية ترامب بالنسبة لتويتر، أو مدى اعتماد الرئيس السابق على المنصة للوصول إلى قاعدته. لقد كانت المنبع الرئيسي لأكاذيبه المتكررة، ولكنه كان أيضاً ساحة اختبار لتفكيره في الأمور ذات الأهمية العالمية، وهي التأملات التي أجراها الرؤساء الآخرون على انفراد. وعليه فمن الصعب تخيّل الترامبية، كما تفهم اليوم، بدون تويتر أو تويتر بدون الترامبية، سواء حظر أم لم يكن حاضراً على المنصة.
ورغم أن الكثيرين تمتّعوا بفترة راحة امتدت لأكثر من عام من موق تويتر الترامبي، لكنه على وشك العودة للانتقام. وربما في الوقت المناسب تماماً بالنسبة إلى الانتخابات النصفية الحاسمة التي من المرجح أن تؤثر على سيطرة الديمقراطيين في واشنطن على الكونغرس وتعطّل أي إجراء تشريعي.
وترى الكاتبة أن عودة ترامب لا تعني فتح الباب على مصراعيه له، حيث يتوقع أن يستعيد ماسك اقتراحاً غامضاً قدّمه حول “الحظر المؤقت” لإيقاف نوبات الغضب لأولئك الذين يتجاوزون أي خط يقرر فرضه. ومن المؤكد أن هذا من شأنه أن يتناسب مع شخصية ترامب الفهلوية التي طوّرها ترامب على الموقع.
إلا أن ترامب أخبر شبكة “فوكس نيوز” يوم الاثنين أنه لن يعود إلى تويتر، حتى لو سمح له بذلك. وقال: «سأبقى في الحقيقة»، مشيراً إلى موقع تروث سوشيال المحتضر الذي قام بإنشائه. وهو الموقع الذي أطلقه ترامب ويقدم قصة حزينة عن فرار تقنيين من الشركة بأسرع تراجع تقييم التطبيق في جداول التنزيل. وهي ماركة تجارية أقل إثارة للإعجاب من تلك الماركات التي أطلقها مثل ترامب ستيك أو ترامب ووتر، أو جامعة ترامب.
ترامب أخبر شبكة فوكس نيوز أنه لن يعود إلى تويتر، حتى لو سمح له بذلك. وقال: «سأبقى في الحقيقة»
ورغم نجاح المواقع المقلدة لتويتر وذات الميول اليمينية، مثل غيتر وبارلر، التي عملت بشكل أفضل، فمن المحتمل أن يخرج تويتر، الذي يروج لحرية التعبير، موقع تروث سوشيال والآخرين من السوق.
بالإضافة إلى ذلك، فقد حقق ماسك الكثير من النجاح في الصناعات الصعبة للغاية – من السيارات الكهربائية إلى الصواريخ إلى الطاقة الشمسية – حيث أظهر ذكاء تجارياً سيحتاجه في محاولة تجديد تويتر كشركة خاصة. جنباً إلى جنب مع مخاطبة العديد من العقول الصعبة التي تتواجد بكثرة على الموقع، وسيتعيّن على ماسك معالجة عدد لا يحصى من المشكلات الشائكة، بدءاً من المهمة شبه المستحيلة المتمثلة في تعديل المحتوى لمواكبة المواقع المشابهة في ابتكار المنتجات وكيفية الاستمرار في النمو والنمو ضد جاذبية بقية الإنترنت. ولا بد من الإشارة هنا لمدى حب الأطفال لمنصة تيك توك.
وتضيف أيضاً المهمة الأكبر، وهي تراجع الإقبال على الموقع، وهو سبب ضعف أداء سهم تويتر منذ طرحه للجمهور في خريف 2013. على الرغم من أنه سيكون لديه ميزة واحدة لجعله خاصاً: قدر أقل بكثير من الإفصاح عن المستخدمين النشطين والأرباح ومبيعات الإعلانات؛ لذلك سيكون تقدير نجاحاته في مجال الأعمال لعبة تخمين.
ولن يرحب المعلنون، الذين أتعبهم الجدل المحيط بالموقع أصلاً، بموقع بات مسمماً، وفشلت الآمال في اشتراكات لتعزيز الإيرادات حتى الآن. سيكون مجرد صراع يومي مجرد التمسك بقاعدة موظفي تويتر بعد كل هذا. لهذا السبب سيتعين على ماسك – الذي تبدو التزاماته المالية الشخصية في هذه الصفقة كبيرة – أن يجد طريقه إلى عمل تجاري أفضل، وليس مجرد منتج أفضل.
هذا يمثل الكثير من التعقيد بالنسبة لماسك، الذي لا يزال لديه وظائفه اليومية في إدارة تيسلا وسبيس إكس ونيورا لينك وذي بورينغ كومباني. و«حتى لو كان لديه بعض الأفكار التي يمكن اعتبارها ذكية. اقتراحي هو تكوين حليف قوي لمؤسس تويتر والمدير التنفيذي الذي غادره مؤخراً. جاك دورسي، الذي تم تهميشه من قبل المستثمرين النشطاء. ويبدو أن إعادة دورسي دائماً خطوة جيدة على تويتر. من المؤكد أنه من شأنه أن يهدئ التوترات التي لا يبدو أن ماسك قد يساعد على تهدئتها ولكنه يثيرها».
والسؤال؛ ما هو القادم؟ الكثير.. ومن يدري؟
مواقع التواصل الاجتماعي تخيف امريكا
https://cutt.us/xnIe6