لندن- “القدس العربي”: قالت مراسلة صحيفة “نيويورك تايمز” فيفيان يي، إن التونسيين أدلوا بأصواتهم يوم الإثنين في استفتاء على الدستور الجديد الذي سيوسع من سلطات الرئيس قيس سعيد الذي قام خلال العام الماضي بتهميش فروع الحكم والحكم منفردا.
وسيكرس الدستور حالة تمريره الخطوات التي اتخذها الرئيس في العام الماضي وتحويلها إلى قانون، وسيتحول إلى منبع السلطة في البلاد ويشكل الحكومات ويعين القضاة ويقدم مشاريع قوانين. ويرى النقاد في خطوات الرئيس، أن تغيرات كهذه تعني نهاية النظام الديمقراطي التونسي الذي أنشئ بعد الإطاحة بالديكتاتورية قبل عقد. وسيعيد الدستور الجديد تونس إلى النظام الرئاسي، بنفس الطريقة التي حكم فيها الديكتاتور زين العابدين بن علي. وبرر سعيد التغيرات بأنها ضرورية لمكافحة الفساد وإنهاء الشلل في النظام السياسي.
سيعيد الدستور الجديد تونس إلى النظام الرئاسي، بنفس الطريقة التي حكم فيها الديكتاتور زين العابدين بن علي
وحثت الأحزاب السياسية أنصارها على مقاطعة الاستفتاء الذي ستُعلن نتائجه اليوم الثلاثاء، وشهد مشاركة متدنية لم تتجاوز الـ27% حسب الأرقام الرسمية.
وقالت الصحيفة، إن تونس هي الدولة الوحيدة من دول الربيع العربي التي نجحت في بناء ديمقراطية، وإن كانت هشة وعاجزة. واستطاعت تنظيم ثلاث انتخابات حرة ونزيهة، وصادقت على دستور شامل حظي بالإعجاب، وأنشأت مؤسسات مستقلة لحماية حرية التعبير والصحافة. إلا أن تونس فشلت بعد الثورة في توسيع الفرص الاقتصادية والقضاء على الفساد.
وترى الصحيفة أن مرحلة ما بعد الثورة انتهت على ما يبدو، فقد قسّم دستور عام 2014 السلطات بين البرلمان ورئيس الوزراء والرئيس، وذلك منعا لظهور الديكتاتورية.
وفي الوقت الذي أبقى فيه الدستور الجديد على معظم الدستور السابق وبنود الحريات والحقوق، إلا أنه منح البرلمان موقعا ثانويا، وأعطى الرئيس وحده حق تعيين رئيس الوزراء والحكومة والقضاة، ولم يعد للبرلمان قوة لسحب الثقة من الرئيس، الذي يحق له أن يُعلن حالة الطوارئ بدون تحديد المدة أو المراقبة، ولا يوجد بند ينص على إزاحته من السلطة.
وتقول الكاتبة إن انتصار سعيد لن يكون مفاجئا؛ لأن نقاده يشيرون لسيطرته على هيئة الانتخابات المستقلة سابقا، واللجنة التي صاغت الدستور، ولأن المشاركة في الاستفتاء ليست محددة بنسب.
وقال كل من عارضوا الدستور الجديد، إن كل العملية مصممة لخدمة هدف سعيد. ومنع المسؤولون المحليون عددا من التظاهرات المعارضة للاستفتاء بذرائع أمنية، وصادق الوزراء الذين عيّنهم سعيد على المسودة، وحث الرئيس الناس مرتين على المشاركة بنعم. وخصصت مؤسسة التلفزة والإذاعة التي تمول من المال العام، تغطيةً واسعة لمؤيدي الاستفتاء واستبعدت المعارضة. وردّت قوات أمن سعيد على تظاهرات نهاية الأسبوع، برش غاز الفلفل على المتظاهرين واعتقال الكثير منهم.
بعد عام من قرارات سعيد بحل البرلمان والحكومة، يبدو سكان تونس في حالة نوم وغير مهتمين ولا يستمعون كثيرا لنداءات الرئيس بالذهاب إلى صناديق الاقتراع
واستبعد استفتاء تموز/ يوليو، التونسيين الذين خرجوا لقضاء العطلات. وقال رئيس حزب آفاق تونس، فاضل عبد الكافي: “الناس الذين يدفعون بنعم، كل الإدارة والقوى المؤيدة لسعيد منظمة بشكل جيد، أما الطرف الآخر المستعد لقول لا، فهو ليس موجودا”. وحزب آفاق تونس كان من أحزاب قلة قررت المشاركة في الاستفتاء. و”عندما يدفع الرئيس الشعب للتصويت وتغطى كل المدينة بإعلانات التصويت بنعم، فهذا وضع غير منصف”. وتزامن التصويت مع تحرك سعيد لعزل رئيس الوزراء وتعليق البرلمان ردا كما قال في حينه على الأوضاع الاقتصادية والرد الفاشل على انتشار كوفيد- 19.
وقبل عام، صفق التونسيون فرحا وتدفقت الجموع على العاصمة مرحبة بسعيد كمنقذ، وأن سيطرته على السلطة ضرورية لمعالجة البلاد من الفساد والنظام السياسي العاجز. وبعد عام، يبدو سكان تونس في تموز/ يوليو كمن في حالة نوم وغير مهتمين ولا يستمعون كثيرا لنداءات سعيد بالذهاب إلى صناديق الاقتراع. وكان الحر الشديد مانعا لترك منازلهم، أو مغادرة شواطئ البحر التي يقضون عليها عطلاتهم، وشغلهم ارتفاع أسعار المواد الغذائية والأجور المتدنية، في وقت تنزلق البلاد نحو الدمار، عن الاهتمام بالتصويت.
وقال أمين غالي، مدير مركز الكواكبي للتحول الديمقراطي في تونس: “نناقش هناك مصير الأمة، إلا أن الكثير من الناس فقدوا الثقة بكل العملية” وأضاف أن كل شيء كان يصب في صالح سعيد في الفترة التي سبقت الاستفتاء “وهذا تلاعب”.
وترى الصحيفة أن مشاركة متدنية تعكس خيبة أمل بسعيد إن لم تكن كل عملية المعارضة بأسرها. وحث سعيد المواطنين على المشاركة لتصحيح مسار الثورة، كما وعدهم عندما استولى على السلطة. إلا أن الكثير من الذين هتفوا للحرية والكرامة والفرص، رأوا خلال العام الماضي القليل ليتناسب مع هذه الآمال. وخسر سعيد الدعم الكبير الذي حظي به العام الماضي، ذلك أنه منح الأولوية للإصلاحات السياسية بدلا من معالجة الاقتصاد المتداعي، حتى بعد غزو روسيا لأوكرانيا التي أدت لارتفاع حاد في الأسعار ومعاناة الكثير من التونسيين.
ودعم الكثير من الناشطين السياسيين ومنظمات المجتمع المدني والنقابات العمالية والأحزاب السياسية تحرك سعيد العام الماضي، إلا أنه خسر دعمهم بعدما بدأ يحكم من خلال الأوامر الرئاسية واعتقل المعارضين، وعيّن شلّته في المؤسسات المستقلة سابقا، بما فيها هيئة الانتخابات. ووجدت دراسة مسحية دولية، أن الدعم لسعيد تراجع بنسبة 20 نقطة ما بين تشرين الثاني/نوفمبر وأيار/مايو.
حتى بدستور جديد، فإن المأزق الذي يواجه إصلاحات سعيد وشرعيته وفشله في حل المشاكل الاقتصادية، يعني أن تونس ستظل غارقة في الأزمات
ونُظم الاستطلاع قبل دعوة المعارضة لمقاطعة الاستفتاء، ووجد أن نسبة 30% من السكان لن تشارك فيه. وظهرت الإشارة الأولى عن عدم اهتمام التونسيين بما يقوم به سعيد، في آذار/ مارس، عندما لم تشارك سوى نسبة 5% من السكان في الاستبيان الوطني على الإنترنت بشأن الأولويات الوطنية. ولم يرتدع سعيد، حيث أعلن عن تشكيل لجنة لكتابة الدستور، رغم أن بعض من وردت أسماؤهم قالوا إنهم لم يوافقوا على المشاركة، فيما قال عدد من مؤيدي سعيد السابقين إنها ليست شاملة.
لكن اللجنة أعدت مسودة في عدة أسابيع، خلافا لدستور 2014 الذي أُعدت مسودته الأولى بعد نقاشات استمرت عامين. وفي أيار/ مايو، قالت لجنة البندقية، وهو مجلس استشاري أوروبي مكون من خبراء في القانون الدستوري إن صياغة الدستور لم تكن شرعية ولا موثوقة، وردّ سعيد بالهجوم على المجموعة وطرد أفرادها من تونس.
وبعد مراجعة المسودة، خرج سعيد في نهاية حزيران/ يونيو بنسخة منحته سلطات أوسع من النسخة التي قدمت إليه. وحذّر الخبير الذي عينه سعيد لرئاسة العملية صادق بلعيد من أن النسخة المعدلة “تعبّد الطريق إلى ديكتاتورية مشينة”.
وحتى بدستور جديد، فإن المأزق الذي يواجه إصلاحات سعيد وشرعيته وفشله في حل المشاكل الاقتصادية، يعني أن تونس ستظل غارقة في الأزمات. ويرى غوردون غري، من مركز التقدم الأمريكي والذي عمل سفيرا في تونس ما بين 2009- 2012، أنه “يبدو هذا كمشروع يرضي غروره، وماذا بعد؟ ما هو العقد الاجتماعي الذي يعرضه سعيد؟ وبالأساس، لا حقوق ولا نمو اقتصاديا وهو أمر غير جذاب، والكيفية التي سيرد فيها التونسيون هي السؤال”.
نيو يورك تايمز لا تريد الخير للعرب والمسلمين أبدا أبدا لاتريده إلا لدويلة الباطل إسرائيل المحتلة لأرض فلسطين التي تقتل الفلسطينيين وتهدم منازلهم بغير وجه حق منذ 1948 وإلى يوم الناس هذا ???
…بالأمس قلتم انقلابا ! / قلنا مرحى ! / و اليوم ألف فرحة / ألف مرحى / بذا الإنقلاب ! / و ثمرة ذا الإنقلاب ! /…..
قريباً جداً، سيكتشف الذين صؤتوا بنعم ، أن الدستور لن يحلّ أزماتهم الاقتصاديّة ولن يلغي الفساد ولن يعيد إلى المال العام إلى خزينة الدولة. لو كانت دساتير الدول تنعش الأقتصاد وتلغي الفساد، لما بقي في العالم بلداً واحداً يبحث عن القروض والمساعدات. علوم الاقتصاد شيئ وفنون الدساتير شيئ آخر.