لندن – “القدس العربي”:
تحت عنوان “امرأتان بطلتان لزمننا” كتب المعلق في صحيفة “نيويورك تايمز نيكولاس كريستوف ” عن معاناة ناشطتين واحدة في إيران والثانية في السعودية، وشجب في هذا السياق ازدواجية المعايير لدى إدارة دونالد ترامب التي تهتم بحقوق الإنسان في الدول التي تكرهها فقط.
وبدأ كريستوف مقالته بالإشارة إلى أننا نعيش زمن حزين يسيطر فيه الأقوياء والمتنمرون على العالم، وما يريح البال هو وجود أمثلة جميلة إلى جانب السيئة “دعونا نجد الإلهام في بطلتين”. وهما امرأتان تحدت كل واحدة منهما كراهية المرأة والديكتاتورية في إيران والسعودية. فهذان البلدان ربما كان عدويين إلا أن ما يجمع بينهما هي المعاملة البربرية للمرأة ولأنهما تحاولان سحق هاتين المرأتين فعلينا أن نصرخ باسميهما من قمم الجبال.
نسرين ستوده ، كاتبة ومحامية في مجال حقوق الإنسان وتدافع ولعقود عن المرأة والأطفال في إيران. وقالت عائلتها إن محكمة إيرانية حكمت عليها هذا الأسبوع بالسجن مدة 33 عاما إلى جانب الخمسة أعوام التي تقضيها الآن و148 جلدة.
لجين الهذلول، 29 عاما هي زعيمة حركة المرأة السعودية، وظهرت أمام المحكمة يوم الأربعاء بعدما أشهر من السجن والتعذيب بما في ذلك الجلد والتحرش الجنسي واستخدام أسلوب الإيهام بالغرق والصدمات الكهربائية. وبحسب شقيقتها علياء الهذلول فقد وجهت للجين أخيرا لائحة اتهامات تضم الاتصال مع منظمات حقوق الإنسان وانتقاد نظام “الولاية” في السعودية. وعلق كريستوف قائلا: “اقترحت في الماضي منح الهذلول جائزة نوبل للسلام وتم ترشيحها. وفي ضوء الحكم الجديد اقترح كريستوف تسمية كل من الهذلول و ستوده لجائزة نوبل لدفاعهما الشجاع عن حقوق المرأة في بلدين ديكتاتوريين متنافسين تجمعها كراهية المرأة.
ما لا تفهمه إدارة دونالد ترامب هو الآتي: إن لم تهتم بحقوق الإنسان إلا في الدول التي تمقتها فأنت في الحقيقة لا تهتم بحقوق الإنسان”.
ويقول الكاتب إن الكثيرين سيعلقون قائلين إن المشكلة ليست في النظامين بل في الإسلام. ويقول إن هذا كلام سهل ومن الإنصاف القول إن ولي عهد السعودية محمد بن سلمان ومرشد الجمهورية الإسلامية آية الله علي خامنئي شوها صورة الإسلام في العالم أكثر من أي ملحد. ويشير الكاتب لردة فعل وزارة الخارجية الأمريكية على الحكم الصادر على نسرين ستوده “هذا الحكم أكثر من همجي”. وهذا صحيح إلا أن وزارة الخارجية ترفض إظهار نفس التشدد وشجب تعذيب وسجن الهذلول لأن السعوديين حلفاء أما الإيرانيون فهم أعداء. ويعلق كريستوف قائلا: “ما لا تفهمه إدارة دونالد ترامب هو الآتي: إن لم تهتم بحقوق الإنسان إلا في الدول التي تمقتها فأنت في الحقيقة لا تهتم بحقوق الإنسان”. وأخبرت علياء الهذلول الكاتب أن شقيقتها لجين أمرت بالتوقيع على رسالة تطلب فيها عفوا ملكيا، وهو ما فعلته وأن التعذيب قد انتهى. ويقول كريستوف “آمل أن يكون ولي العهد البحث عن طرق للخروج من معاملته الوحشية للنساء الناشطات ويصدر العفو الذي “طلبته””.
وفي الوقت نفسه تبدو إيران أكثر قمعا، ذلك أن تقارير منظمة أمنستي إنترناشونال كشفت العام الماضي عن اعتقال 7.000 معارضا وأن الحكم الصادر على ستوده ، ومجموعه 38 عاما يعد الحكم الأقسى ضد أي مدافع عن حقوق الإنسان يصدر في إيران في السنوات القليلة الماضية. وقال الإعلام الحكومي إن الحكم الصادر عليها أقصر، ولكن ستوده وعائلتها هم أوثق من الحكومة الإيرانية. ونقل الكاتب عن كومي نيادو، السكرتير العام لأمنستي إنترناشونال “الحكم القاسي الصادر ضدها يكشف عن التوتر الذي أصاب السلطات الإيرانية”. مضيفا ” الناشطات في إيران أصبحن أكثر جرأة، ويلوحن بالحجاب مربوطا بعصا أو وضع أشرطة فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي”. وعلق نادو قائلا: “يبدو أن السلطات الإيرانية تريد أن تجعل من نسرين ستوده مثالا واستفزاز المدافعين عن حقوق الإنسان”. وكان زوج ستوده قد سجن في كانون الثاني (يناير) وصدر عليه حكم ستة أعوام بتهمة وضع معلومات عن حالة زوجته وتطورات القضية على وسائل التواصل الاجتماعي. ولدى الزوجين ابن اسمه نيما، 12 عاما وابنة اسمها ميهرافا، 19 عاما.
رسالة كريستوف إلى ولدي نسرين ستودة، نيما وميهرافا “والدتكما بطلة وهي ملهمة للناس في كل أنحاء العالم ولن يغير سجن أو جلد هذا، وسيتذكرها التاريخ، مثل لجين الهذلول.
وقال مدير مركز حقوق الإنسان في إيران هادي غائمي إن أقارب ستوده وزوجها ربما تحملوا توفير العناية للولد والبنت. وكتبت ستوده مرة لابنتها من السجن “يا أعز ما لدي، ميهرافا، انت كل ما يدفعني للدفاع عن حقوق الأطفال.. ففي كل مرة كنت أعود فيها إلى البيت بعد دفاعي طفل تعرض للمعاملة السيئة كنت احضنك انت وشقيقك بين ذراعي وكنت أجد صعوبة في تحريركما من معانقتي”. وكتبت مثل ذلك لنيما في الخريف الماضي حيث شرحت له قائلة “إنه في السجن وليست معه لكي ترافقه في اليوم الأول من بداية العام الدراسي “كيف أشاهد إعدام الأحداث في بلدي وأظل صامتة؟ وكيف أغمض عينيي على حالات سوء معاملة الأطفال؟” وتضيف “لم أستطع وهذه هي خطيئتي”. وختم كريستوف مقالته بتوجيه رسالة إلى ولديها، نيما وميهرافا “والدتكما بطلة وهي ملهمة للناس في كل أنحاء العالم ولن يغير سجن أو جلد هذا، وسيتذكرها التاريخ، مثل لجين الهذلول كزعيمة أخلاقية، وربما كحاملة لجائزة نوبل للسلام والتي واجهت المستبدين وغيرت العالم للأحسن”.
السؤال المهم بعد إحالة مواطن أو أجنبي للقضاء بأية دولة: هل خالف المتهم قوانين سارية معلنة بتلك الدولة وثبت عليه بأدلة وقرائن وشهود فتم إحالته للقضاء؟ فإن توصل القضاء أنه خالف قوانين سارية معلنة بشكل قطعي وصدرت أحكام قضائية قطعية بتطبيق عقوبات نصت عليها القوانين بعد المرور بكل مراحل تقاضي فعندها يتحمل المتهم مسؤولية مخالفاته ويبقى مجال ندم وإعتذار وطلب عفو الحاكم لتخفيف عقوبة. فبدون قوانين تدخل الدول بفوضى ويتوالد أمراء بكل حي وقرية ويفرض كل منهم شريعة غاب تخصه، ولا عصمة لأحد ولا يغني تعدد جنسيات
بإسم آلله عز وجل الرحمان الرحيم . ومن البداية إلي الأبد هو هذا الرحمان الرحيم .