نيويورك تايمز: سياسي بريطاني سابق لعب دورا في تشكيل قرار فيسبوك بشأن حساب ترامب وتعليقه

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن- “القدس العربي”: قالت صحيفة “نيويورك تايمز” إن سياسيا بريطانيا وزعيم حزب سابق هو من يقف وراء تشكيل قرار شركة فيسبوك في تعاملها مع حساب الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومنعه من المنصة.

وفي التقرير الذي أعده آدم ستايريانو وسيسليا كانغ قالا فيه إن قرار مارك زوكربيرغ مدير الشركة منع الرئيس السابق بعد هجمات الكونغرس في كانون الثاني/يناير كتب مسودته قبل ليلة نيك كليغ. وبعد أسبوع حث كليغ زوكربيرغ على ترك الأمر للجنة خارجية كي تقرر السماح بعودة ترامب إلى المنصة. وشك البعض في موافقته على قرار يتعلق بحرية التعبيرـ لكن زوكربيرغ قال “أحيل الأمر إليك، نيك”، حسبما قال تاكر باوندز، المتحدث باسم فيسبوك الذي كان في الإجتماع.

لعب نيك كليغ دورا من خلف الأضواء في القرارات المتعلقة بترامب، وهو دور مهم في لحظة حرجة من حرية التعبير في أمريكا

وقرر مجلس فيسبوك الرقابي، أمس الأربعاء، استمرار تعليق حساب ترامب ومنعه من نشر أي شيء على فيسبوك وانستغرام. ولكنه تحدث عن خطأ الشركة بممارسة منع دائم على ترامب ودعا الشركة لمراجعة القرار في غضون ستة أشهر.

ويقول زملاء لكليغ إنه لعب دورا من خلف الأضواء في القرارات المتعلقة بترامب، وهو دور مهم في لحظة حرجة من حرية التعبير في أمريكا وقام بتطوير المبرر الذي استخدمه زوكربيرغ وأنشأ المجلس واختار أعضاءه.

وجاء قرار المجلس بمثابة امتحان للجدل الذي دافع عنه كليغ داخل فيسبوك. فبدلا من تحمل الشركة مسؤولية التحكيم عليها أن تبحث عن مساعدة مجلس شبه قضائي خارجي مكون من خبراء لاتخاذ القرار النهائي.

انضم كليغ لفيسبوك في 2018 بعد خفوت نجمه السياسي كزعيم لحزب الديمقراطيين الأحرار عام 2017، وبعدما نفر أعضاء الحزب والناخبين بقبوله المشاركة في حكومة المحافظين برئاسة ديفيد كاميرون

وتساءل الكثيرون ومنهم عاملون في الشركة عن جهود الشركة في إنشاء محكم دولي لحرية التعبير، لفقدانه الشرعية لأن المجلس ممول من الشركة وتعمل فيه مجموعة مختارة منها. إلا أن كليغ ناقش أنه في غياب القواعد الواضحة من الحكومات فليس لدى فيسبوك سوى خيارات قليلة بإنشاء مؤسسات على غرار الموجودة في الدولة لاتخاذ القرارات. ورفض كليغ (54 عاما) التعليق عما ورد في التقرير، إلا أن فيسبوك فتحت المجال امام عدد من المدراء للحديث عن دوره بشرط عدم ذكر أسمائهم. وربط كليغ الصحيفة بعدد من الأشخاص خارج الشركة للحديث عن دوره. واتصلت الصحيفة بعدد من الأكاديميين والصحافيين وأعضاء المجلس الرقابي والرموز السياسية وجماعات عمل مدني على معرفة بعمل كليغ.

وانضم كليغ لفيسبوك في 2018 حيث كلف بالإشراف على سياستها وفريق العلاقات العامة. وجاء انضمامه بعد خفوت نجمه السياسي كزعيم لحزب الديمقراطيين الأحرار عام 2017، وبعدما نفر أعضاء الحزب والناخبين بقبوله المشاركة في حكومة المحافظين برئاسة ديفيد كاميرون. وعندما زادت الحكومة الرسوم الجامعية حمل المتظاهرون مجسمات له على المشانق الوهمية في لندن.

وجاء قرار تعيينه لحاجة فيسبوك تحسين علاقاتها مع الجهات التنظيمية والقادة السياسيين والإعلام في أعقاب فضيحة كامبريدج أنالتيكا التي استخدمت بيانات الشركة من اجل تطوير معلومات شخصية عن الناخب وتوجهاته. وجذبت تجربة كليغ الدولية ومعرفته بخمس لغات: الإنكليزية والإسبانية والفرنسية والألمانية والهولندية الشركة الأمريكية. ويقول أصدقاء إن كليغ تردد بالانضمام للشركة لكنه كان راغبا بالعودة إلى مركز النقاش السياسي المهم. وفي مذكرة حدد فيها رؤيته لدوره قال إن شركة خاصة مثل فيسبوك لا تستطيع الحفاظ على قوتها الكبيرة مثل الحكومات المنتخبة. وقال توني بلير، رئيس الوزراء السابق، “نصيحتي اقبلها” وذلك بعدما طلب كليغ نصيحته و”لأنك ستكون جزءا من أقوى الشركات في العالم وفي مرحلة تغير عالمي ضخم حيث التكنولوجيا في مركز هذا التغيير”.

جاء قرار تعيين كليغ لحاجة فيسبوك إلى تحسين علاقاتها مع الجهات التنظيمية والقادة السياسيين والإعلام في أعقاب فضيحة كامبريدج أنالتيكا

ونال كليغ ثقة زوكربيرغ الذي يعتمد على مجموعة من الأصدقاء والعاملين الاوائل للنصيحة. وفي مقر الشركة حيث يعتبر قرب المكتب للمدير علامة سلطة، تم وضع مكتب كليغ قريبا منه.

وقام كليغ بتنظيم رحلة لزوكربيرغ إلى أوروبا التقى فيها مع قادة الإتحاد الأوروبي في بروكسل والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في باريس. ومنذ وصوله إلى الشركة أحدث كليغ تغيرات في سياستها، فهي تقبل الآن بالتنظيمات والضرائب العالية. واستطاع التغلب على تردد زوكربيرغ والمسؤولين الأخرين لمنع الإعلانات السياسية قبل يوم من الإنتخابات. وهو مسؤول عن المنتج الجديد للشركة الذي يعطي المستخدم سلطة على المنشورات التي يرونها على صفحاتهم. وقال كريس كوكس، مدير المنتج “لديه سجل في معرفة ما يمكن أن ينجح داخل الحكومة التي تحتاج لاتخاذ قرارات سريعة تتناسب مع سرعة البلد وفي هذه الحالة المنصة”.

ويقول النقاد إن تعيين كليغ في فيسبوك كان محاولة لاستخدام شخصية سياسية معروفة لتلطيف صورتها الدولية. ورغم التغيرات التي أحدثها كليغ إلا أن الشركة لا تزال تقاوم الرقابة والتنظيمات الشديدة. كما أن ما فعله كليغ لم يحل المشكلة الجوهرية وهي نموذج الشركة التجاري الذي يخترق الخصوصية، والذي يؤدي بالمستخدمين مواصلة تصفح خلاصاتهم على فيسبوك والمبالغة في الانقسام السياسي وتضخيم المعلومات.

يقول النقاد إن تعيين كليغ في فيسبوك كان محاولة لاستخدام شخصية سياسية معروفة لتلطيف صورتها الدولية

وقال العضو المحافظ في البرلمان البريطاني داميان كولينز الذي قاد تحقيقا في سياسات منصات التواصل الإجتماعي إن السؤال الذي يوتجه لكليغ: “هل انت متأكد أنك على الجانب الصحيح هنا؟”، مضيفا أنه حصل على أموال طائلة للعمل مع الشركة وهذا يتنافى مع المعايير الأخلاقية. ولكن أثر كليغ بدا واضحا في المجلس الرقابي الذي أخذ بعدا مهما بعد انضمامه للشركة. ففي أيلول/سبتمبر 2019 قدم لزوكربيرغ هيل ثورنينع شميدت، رئيس وزراء الدانمارك السابق، ليكون رئيسا مشاركا للمجلس. وهما صديقان بعدما التقيا في حفلة تخرج في أوروبا. وبعد 6 كانون الثاني/يناير ناقش كليغ ضرورة تعليق حساب ترامب لأن منشوراته كانت بمثابة تحريض. ودعا لتحويل القرار بشأنه إلى المجلس. لكن النقاد قالوا إنه بمثابة رمي قرار مهم يتعلق بحرية التعبير إلى المجلس ليحلل الشركة من المسؤولية. لكن كليغ ناقش أن القرار سيمنح المجلي المصداقية حتى لو أدى إلى النقد ويظهر استقلاليته. لكن قراره يوم الأربعاء أعاد الكرة مرة ثانية إلى مدراء المجلس، أي إلى كليغ نفسه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية