لندن- “القدس العربي”: تساءل غريغ بينسنغر في صحيفة “نيويورك تايمز” عن موقف أكبر شركات التكنولوجيا من أكاذيب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وإن كانت غير مستعدة للكشف عنها.
وفي مقاله المعنون: “غوغل تعطي غطاء لأكاذيب ترامب” قال فيه إن طريقة معالجة دونالد ترامب لوباء كورونا تعتبر حالة للدراسة في أساليب الإدارة التي قامت على الأكاذيب والاستفزاز.
وخوفا من إثارة غضبه، قام المسؤولون العاملون معه والنواب الجمهوريون بالتستر عليه عندما أخر عملية رد منسقة على فيروس كورونا بعدما أصاب 200 أمريكي في بداية الأزمة. ولم يكن حلفاء الرئيس وحدهم الذين اتبعوا هذه الطريقة، ولكن غوغل التي استطاع الرئيس تدجينها. فعندما أعلن يوم الجمعة الماضية عن حالة الطوارئ الوطنية، قال إنه جند غوغل من أجل إنشاء شبكة على الإنترنت لتسهيل عمليات الفحص ضد الفيروس.
وقال إن 1.700 من المهندسين يعملون على الموقع و”حققوا تقدما كبيرا”، وكانت خطة طموحة وواعدة لو كان كلام الرئيس صحيحا. وما تبع ذلك محاولات من غوغل لإرضاء الرئيس والبحث عن طرق لتحقيق ما قال الرئيس أنها تقوم بعمله. ونظرا للمفاجأة، قالت غوغل أولا إن شركة شقيقة لها اسمها “فيرلي” تعمل على إنشاء موقع للإنترنت ولكن ليس على القاعدة التي تحدث عنها الرئيس، بل لمساعدة العاملين الصحيين في منطقتين من مناطق الساحل الأمريكي. وتم تطوير الموقع بناء على تعاون بين فيرلي وصهر الرئيس جارد كوشنر والذي أخذ الفكرة بعدما تحدث مع المدير التنفيذي لشركة فيرلي أندي كونارد، كما كشفت صحيفة “نيويورك تايمز”.
وبدأت العملية يوم الأحد لكنها لم تكن قادرة على مواجهة مطالب الناس الراغبين بالفحص. ثم قامت شركة غوغل بالإعلان وتقديم الفكرة على أنها موقع على قاعدة قومية واسعة. وربما انتهت القصة عند هذا الحد، إلا أن ترامب هاجم الصحافة بشدة لتصحيحها ما قال، وهو أن غوغل لم تكن لديها نية بناء شبكة على الإنترنت بهذا الطموح. ولم تتحرك غوغل لتصحيح كلامه مما ورطها في عملية هجومه وعدم ثقته بالصحافة.
ويوم الأحد، قال ترامب إن غوغل كانت تخطط للموقع الوطني، وهاجم في الوقت نفسه الصحافة: “لا أعرف من أين جاءت الصحافة بهذه الأخبار المزيفة ولكنهم حصلوا عليها من مكان ما”. وقال إن مدير شركة ألفابت، الشقيقة لغوغل، سوندر بيشاي اتصل به معتذرا، مع أن الرئيس لم يقدم توضيحا للاعتذار ومبرره. ورفضت الشركة التأكيد للصحيفة عن المكالمة وما كان على بيشاي الاعتذار عنه. ثم قالت إنها لا تريد مناقشة الموضوع بتاتا.
وليست هذه المرة الأولى التي خنعت فيها شركات التكنولوجيا لترامب، فقد رفض مدير أبل تيم كوك تصحيح الرئيس عندما قال في تشرين الثاني/نوفمبر إنه كان السبب في افتتاح مركز لتصنيع الكمبيوتر في تكساس، مع أن المركز يعمل منذ عام 2013. بالطبع ستحاول أبل وغوغل تجنب إغضاب الرئيس التي تقوم إدارته بالتحقيق في خرق الشركتين لقانون الاحتكار. وكان انتقامه من شركة أمازون التي يملكها جيف بيزوس مالك صحيفة “واشنطن بوست” سببا السبب لخسارتها عقدا مع الحكومة قيمته 10 مليارات دولار.
وببساطة، فهجمات ترامب عادة ما تنجح، فموقف غوغل يكشف عن أساليبه ومخاطر تواطئها مع حملته ضد الإعلام، خاصة عندما يحاول الأمريكيون فهم مشكلة الصحة المتزايدة.
وظهر موقع غوغل صباح السبت بعد أسبوع من إعلان الرئيس المفاجئ عنه. واحتوى بشكل كبير على روابط لمواقع أخرى تابعة لغوغل مثل يوتيوب، وكيفية تصور العاملين في البيت وتحديث لقطات الفيديو من مركز السيطرة على الأمراض، لكنه لا يسهل عمليات الفحص كما وعد ترامب.
وعبر عدد من السناتورات الديمقراطيين يوم الأربعاء عن قلق من موقع “فيرلي” على أنه يساعد في جمع المعلومات الخاصة عن المرضى. وفي النهاية تستحق شركة غوغل الشكر على ما قامت به من إنشاء موقع قد يساعد على مكافحة كورونا، ولكن عليها التوضيح وكشف أكاذيب الرئيس. وما يريده الرأي العام، قيادة هادئة وصريحة سواء من سيليكون فالي، أو واشنطن. وهي بحاجة لرئيس يتحدث بدقة عن الأزمات الدولية المتصاعدة ويعمل بشفافية وحزم مع الصناعة.
التاريخ يسجل و المحاسبة…..حتمية…..