نيويورك تايمز: الإمارات تعول على أمريكا للدفاع عنها لكنها توثق علاقاتها مع روسيا والصين

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريرا لمديرة مكتبها في الخليج فيفيان نيريم تساءلت فيه عن سبب توثيق الإمارات العربية المتحدة، البلد الغني الحليف للولايات المتحدة، علاقاتها مع كل من الصين وروسيا. وقالت إن الإمارات التي حولت ثروتها إلى تأثير واسع تبنت موقفا متباينا مع السياسة الأمريكية، وبخاصة عزل روسيا والحد من العلاقات مع الصين.

وأضافت أن الرئيس الإماراتي الشيخ محمد بن زايد هو حليف مهم للأمريكيين الذي يعول على الولايات المتحدة للدفاع عن بلده، لكنه سافر مرتين إلى روسيا في العام الماضي واجتمع مع الرئيس فلاديمير بوتين. وفي حزيران/يونيو احتفل ببلده كضيف شرف في مؤتمر القيادة الروسية بمنبر الاستثمار. وفي نهاية هذا الشهر تخطط الإمارات والصين لتدريب قواتهما الجوية ولأول مرة، وهو تحول مهم من دولة غنية اعتمدت دائما على المقاتلات والأسلحة والحماية الأمريكية.

وتضيف الصحيفة أن تعميق العلاقات هذه، يظهر الطريقة التي ينظر فيها قائد في الشرق الأوسط تعتبره الولايات المتحدة شريكا رئيسيا، وهو يخط طريقه الخاص. ولم ينجح المسؤولون الأمريكيون في إقناع الشيخ محمد لكي يصطف مع السياسة الخارجية وبخاصة عندما يتعلق الأمر بالحد من العلاقات العسكرية مع الصين وعزل روسيا بعد غزو أوكرانيا. وبدلا من ذلك فقد انتعشت الإمارات على تدفق المال والنفط والذهب الذي أدى إلى انتعاش في سوق العقارات والمدينة البراقة دبي.

وتقول الصحيفة إن العلاقات المتنامية مع خصوم الولايات المتحدة وتوسيع علاقاتها الاقتصادية مع الهند على حد سواء، هو تحضير لزمن لن تهيمن عليه الولايات المتحدة في يوم ما. ونقلت عن المستشار الدبلوماسي للشيخ بن زايد، أنور قرقاش قوله “نحن نرى أن النظام الدولي ليس فقط متعدد القطبية ولكننا نراه مائعا تتغير فيه الأمور”. وفي محاضرة ألقاها العام الماضي كان أكثر وضوحا عندما قال إن الهيمنة الغربية تعيش “أيامها الأخيرة”.

وعلى مدى العقد الماضي، زادت مخاوف الإماراتيين من التزام واشنطن طويل الأمد للشرق الأوسط، مع أن لديها عشرات الآلاف من الجنود. وخافوا من تراجع الاهتمام الأمريكي بالمنطقة والدفاع الذي يترافق معه، وناقشوا أن أمريكا لم تفعل ما يجب لردع التهديدات من إيران. وفي نفس الوقت، فإنهم يحاولون الحصول على حماية كبيرة من الولايات المتحدة.

وقالت دانا سترول، نائب المساعدة لوزير الدفاع الأمريكي “أعتقد أنها لحظة صعبة”، حيث تحدثت لمجلس تحرير “نيويورك تايمز” في حزيران/يونيو، جوابا على سؤال حول تصرفات الإمارات. ولا تزال الولايات المتحدة حاضرة في المنطقة ولكنها “تطلب من شركائنا العمل أكثر، وهذا هو التحول”. وتعتبر الإمارات من كبار مصدري النفط ولديها صندوق سيادي بـ 1.5 تريليون دولار وهو أكثر من القيمة السوقية لشركة أمازون.

وفي الوقت الذي يحاول فيه قادة الإمارات فحص حدود علاقاتهم مع الولايات المتحدة، فإنهم يعتمدون على التأثير الدولي الكبير الذي بنوه من خلال ثروتهم. وكتب الإماراتيون قواعد اللعبة التي قام قادة الخليج بنسخها، وبخاصة السعودية، من ناحية تنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، وتحديدا في مجال الرياضة. وتحرك الإماراتيون أبكر من جيرانهم لمتابعة سياسة خارجية مستقلة والتعامل بحزم مع الولايات المتحدة، وهي سياسة اتبعها ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان.

وترى الصحيفة أن النهج الإماراتي نابع من حالة الضعف. فقد كان من المتوقع أن تتماهى الدولة التي كانت محمية بريطانية بسكان لا يتجاوز عددهم مئات الآلاف، وهي محشورة بين جارين قويين، السعودية وإيران، حيث اعتقد البعض أنها ستتماهى مع أي منهما، لكنها تطورت وأصبحت مركزا قويا. واليوم تعتبر دبي مركزا لأكثر المطارات حركة في العالم ولديها أطول بناية في العالم وشركة موانئ تدير منشآت خارج الشرق الأوسط. وفي السنوات الأخيرة انتهزت الإمارات الفرص التي فتحت بسبب عدد من المصائب، مثل فيروس كورونا وحرب أوكرانيا، حيث يختلط الأثرياء البريطانيون والأوليغارش الروس والأثرياء الهنود.

وقال محمد الجرجاوي، الوزير في الحكومة الإماراتية “العالم كله يعرفنا” و”يعرف أهميتنا ويعرف تأثيرنا في العالم”. وتشكلت السياسة الخارجية الإماراتية منذ عقد وبعد ثورات الربيع العربي وسياسة التوجه نحو آسيا التي بدأها باراك أوباما، وأرسلت جنودها للمشاركة في عدد من نزاعات المنطقة. وفي 2014 شنت غارات ضد ليبيا بدون إخبار الولايات المتحدة، وفي عام 2015 عندما سيطر الحوثيون، حلفاء إيران على العاصمة صنعاء انضمت الإمارات للحملة التي قادتها السعودية، المستمرة، والتي أدخلت اليمن في أسوأ كارثة إنسانية. وقررت الإمارات سحب قواتها في عام 2019، وهي مرحلة التحول نحو الشؤون الداخلية وسياسة دبلوماسية واقتصادية ناعمة. وتبنت خفض التوتر وبخاصة مع إيران، وهو نهج تبنته السعودية عندما أعادت علاقاتها مع إيران هذا العام.

لكن السخط الإماراتي من الولايات المتحدة لا يزال قائما، ففي عام 2017 زار الشيخ محمد بن زايد واشنطن ووقع اتفاقية لشراء مقاتلات أف-35 لكنها توقفت في 2021، وتوصلت الإمارات لسلسلة اتفاقيات للحصول على أسلحة من عدة دول بما فيها مقاتلات خفيفة من الصين. ويقول قرقاش “تريد في الحقيقة التزاما حقيقيا لأمنك في منطقة صعبة”.

وتعتمد أهمية الإمارات كمركز للسياحة والتجارة على استقرارها في منطقة متقلبة. ولكن الولايات المتحدة لم تتحرك للدفاع عن الإمارات عندما تعرضت لهجمات صاروخية من الحوثيين في كانون الثاني/يناير 2022 مع أن واشنطن استخدمت بطاريات باتريوت من قاعدة عسكرية لإحباط الهجوم، إلا أن الرد لم يكن كافيا وكذا التطمين الذي تأخر. ففي تشرين الثاني/نوفمبر قال بريت ماكغيرك بمؤتمر للأمن في البحرين ردا على مظاهر قلق دول المنطقة من أمريكا والتزامها “بدون شك، نحن هنا لنبقى”.

وأكدت الإمارات ودول المنطقة أنه يجب أن يظل باب الحوار مفتوحا والوساطة في الحرب الأوكرانية ورفضت دعم طرف في النزاع. ومهما يكن فما يشغل الإماراتيون هو أن يكون للأمريكيين رهان كبير في المنطقة وليس صغيرا، كما تقول دينا اسفندياري من مجموعة الأزمات الدولية. وتظل السياسة الخارجية الإماراتية متوائمة مع المصالح الأمريكية، فهي أول دولة في الخليج تبنت التطبيع مع إسرائيل عام 2020.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية