نيويورك تايمز: ليبيا تنزلق مرة أخرى إلى سيناريو الفوضى وسلطتين في الشرق والغرب

إبراهيم درويش
حجم الخط
0

لندن – “القدس العربي”:

علقت صحيفة “نيويورك تايمز” على عودة ليبيا إلى وضعها القديم بحكومتين بالقول إن رفض رئيس الوزراء الحالي عبد الحميد دبيبة قرار مجلس النواب في طبرق تعيين رئيس وزراء جديد يثير مخاوف بعودة البلاد للانقسام القديم.

وفي تقرير أعدته فيفيان يي ومحمد عبد السميع قالا فيه إن قرار مجلس النواب تعيين حكومة انتقالية جديدة رغم رفض رئيس الوزراء الحالي يأتي بعد فشل البلد الغني بالنفط إجراء انتخابات وطنية كانت مقررة في كانون الأول/ديسمبر. وكانت هذه ستنهي عقدا من الحرب الأهلية والتي بدأت بعد الإطاحة بالزعيم معمر القذافي الذي ظل يحكم ليبيا لأكثر من أربعة عقود.

وتقول كلوديا كازيني، الخبيرة في الشأن الليبي بمجموعة الأزمات الدولية “سنرى خلافا حول من هي الحكومة الشرعية”. و”سنرى فوضى في المؤسسات ولوقت”. وأعلن البرلمان أن سلطة الحكومة الحالية قد انتهت بعد انهيار خطط عقد الانتخابات وبدون خطة طريق سياسية. ووافق البرلمان بالإجماع على انتخاب وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا ليقود الحكومة الجديدة.

ووصف دبيبة التصويت بأنه غير شرعي وتعهد بالبقاء في السلطة. وجاء قرار تعيين الحكومة من البرلمان في الشرق والذي تسيطر عليه ميليشيا الجنرال خليفة حفتر. أما دبيبة المعترف به دوليا، فهو في العاصمة طرابلس.

وقال أنس القماطي، من معهد الصادق في العاصمة الليبية، بتغريدة “أخبار اليوم، ليبيا لديها مرة أخرى رئيسا وزراء”. وهو سيناريو مفزع لليبيين والدول الغربية التي دعمت العملية الانتخابية، وهو الطريق الصحيح الذي تراه الأمم المتحدة والدول الغربية لتحقيق الاستقرار في ليبيا. وهناك مخاوف من عودة البلاد إلى الحرب بين الحكومتين. وليس من الواضح إن كانت الكثير من الدول الغربية أو الأجنبية التي لها تأثير على ليبيا، بما فيها تركيا وروسيا والإمارات العربية المتحدة ستدعم باشاغا كرئيس وزراء معين.

وعبر وزير الخارجية المصرية عن “ثقته” بالحكومة الجديدة، إلا أن الأمم المتحدة واصلت اعترافها بقيادة دبيبة. وكانت الانتخابات ستنهي الترتيب الحالي وهو حكومة انتقالية بمجلس رئاسي مكون من ثلاثة أشخاص، برئيس واحد. وعبرت الدول الغربية عن أملها أن يكون لدى الرئيس المنتخب الشرعية الكافية لكي يدفع باتجاه كتابة دستور جديد وينهي وجود المرتزقة في البلد وينشئ مصرفا مركزيا واحدا وجيشا موحدا من بين مؤسسات أخرى ضرورية للبلد.

وتقول الصحيفة إن الصراع على السلطة أثار عنفا مع احتمالات للتصعيد. وقالت وزارة الداخلية يوم الخميس إن موكب دبيبة تعرض لإطلاق النار ولكن لم يصب أحد بأذى. ووصف صهر دبيبة الهجوم بمحاولة الاغتيال الفاشلة. وأدى الفراغ في السلطة إلى مناوشات بين ميليشيات بعضها يخضع اسميا للدبيبة ولكل واحدة منها أجندتها الخاصة. وأدى إلى عودة نشاط تنظيم الدولة الإسلامية والذي خرج من الصورة في الأعوام الماضية بعدما استغل التنظيم الفراغ والفوضى اللذين تبعا رحيل القذافي وسيطر على مناطق وشن هجمات.

وسجل حوالي 3 ملايين ليبي أسماءهم للانتخابات التي كانت مقررة في 24 كانون الأول/ديسمبر بعدها تم تأجيلها لأجل غير معلوم. وحصل 2.5 مليون منهم على بطاقاتهم الانتخابية، لكن احتمال الانتخابات يبدو بعيدا الآن. وفي تغريدة على تويتر، الشهر الماضي قالت مبعوثة الأمين العام للأمم المتحدة إلى ليبيا ستيفاني ويليامز “الطريق الوحيد لحل أزمة الشرعية في ليبيا لا تتم إلا عبر صندوق الاقتراع”، وكررت نفس الرسالة التي قدمتها للساسة الليبيين مرة بعد الأخرى، لكنهم لم يستمعوا إليها.

يرى المحللون أن تحرك الخميس هو خطوة لتجنب عقد الانتخابات التي قد تؤثر على سلطة الأقوياء

ويرى المحللون أن تحرك الخميس هو خطوة لتجنب عقد الانتخابات التي قد تؤثر على سلطة الأقوياء. وحدد البرلمان الخطوات نحو الانتخابات إلا أن الخطوات العملية المباشرة غير واقعية ويرى الليبيون أنها قد تقود إلى عدم استقرار وفوضى بدلا من منحهم فرصة للتصويت.

وجاء اختيار البرلمان لباشاغا الذي يحظى بدعم قادة الشرق لأنه مصمم على الإطاحة بدبيبة الذي عين العام الماضي في مؤتمر للحوار رعته الأمم المتحدة. ويقول الدبلوماسيون والمحللون إن باشاغا عقد على ما يبدو صفقة مع خليفة حفتر، الزعيم العسكري الذي يسيطر على الشرق وقاد حملة غير ناجحة للسيطرة على طرابلس.

وقالوا إن حفتر منح الدعم لباشاغا مقابل حصول الموالين له على الوزارات المهمة والتمويل لجيشه. ولم ينتظر دبيبة نتائج التصويت في البرلمان وألقى خطابا وعد فيه أن يستمر حتى تسليم السلطة عبر الانتخابات. ومع أن طموحه بالبقاء في السلطة ليس أقل من منافسيه، فقد تعهد عند انتخابه العام الماضي بعدم ترشيح نفسه للرئاسة لكنه تراجع بعدما ظهر أن سياساته مثل دفع رواتب الشباب ومساعدتهم على الزواج قد تساعده بين الناخبين.

وقال محمد رحيل، 36 عاما، من طرابلس إنه كان يأمل برؤية تقدم وتنمية بدلا من المماحكات السياسية لكن الساسة فرضوا رأيهم. وقال إن خريطة الطريق فشلت و”ستظل تفشل طالما ضمن فشلها تمسكهم بالسلطة”.

وانتخب دبيبة العام الماضي في منبر الحوار السياسي الليبي، وهو مؤتمر رعته الأمم المتحدة وشارك فيه 75 ممثلا، وكان الهدف من انتخابه هو تعبيد الطريق للانتخابات، في وقت تراجع فيه حفتر عام 2020 واستمر وقف إطلاق النار. لكن عملية التحضير للانتخابات رافقتها خلافات وانقسامات حول الشخصيات التي رشحت نفسها ومن بينها حفتر نفسه وسيف الإسلام القذافي، نجل الديكتاتور السابق. وأدى عدم وجود قانون انتخابي بقاعدة دستورية إلى فشل التحضيرات. ودعا قرار البرلمان الخميس إلى استفتاء على دستور جديد قبل الذهاب للانتخابات وهو طموح عال، نظرا لسجل البلد في الخلافات حول التغييرات الدستورية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية