“نيويورك تايمز”: مشروع نووي مدني وضمانات دفاعية أمريكية هي شروط السعودية للتطبيع مع إسرائيل

إبراهيم درويش
حجم الخط
14

لندن- “القدس العربي”: نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً، أعدّه مايكل كرولي وفيفيان نيريم وباتريك كينغزلي، حول شروط المملكة العربية السعودية للتطبيع مع إسرائيل، وتتضمن دعماً في مجال بناء مشروع للطاقة النووية مدني الطابع، وضمانات أمنية من الرئيس الأمريكي جو بايدن، وهو ثمن باهظ لاتفاق طالما سعت إليه إسرائيل.

ونقلت الصحيفة عن مطّلعين على خفايا التبادل الدبلوماسي أن السعودية تريد قيوداً أقل على صفقات الأسلحة التي تشتريها من الولايات المتحدة. وعلّقت أنه لو تم التوصل لصفقة تطبيع سعودية- إسرائيلية فإنه سيكون أكبر تحوّل في منطقة الشرق الأوسط واصطفاف القوى فيه. ويمنح الطلب السعودي فرصة للرئيس بايدن كي يرعى اتفاقاً قد يشكّل علاقات إسرائيل مع الدولة العربية القوية. وربما أوفى بوعد قطعه، وهو استمرار جهود التطبيع، أو ما عرف باتفاقيات أبراهام، التي أدت لاتفاقيات دبلوماسية بين إسرائيل والإمارات العربية المتحدة والبحرين والمغرب. وتضيف الصحيفة أن التطبيع قد يكون فرصة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للوفاء بطموح طالما سعى إليه، وتعزيز إرثه السياسي من خلال زيادة أمن إسرائيل ضد العدو اللدود: إيران.

قال المسؤولون السعوديون إن تطبيع العلاقات مع إسرائيل ليس ممكناً قبل إعلان الدولة الفلسطينية.

وانقسم المسؤولون والخبراء في الشرق الأوسط حول كيفية التعامل مع المطالب في ضوء العلاقة الباردة بين بايدن وولي العهد السعودي محمد بن سلمان. وأضافت الصحيفة أن تصاعد العنف في ظل الحكومة اليمينية المتطرفة في إسرائيل، والتي أدت لبيانات شجب من الحكومة السعودية، إنْ تَطَوَّرَ إلى انتفاضة فلسطينية ثالثة فإن عقد اتفاق كهذا سيكون مستحيلاً.

وقال المسؤولون السعوديون إن تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وهي خطوة قد تضم علاقات دبلوماسية رسمية مع إسرائيل، وعلى الأرجح اتفاقيات تجارية وحرية حركة/ سفر، ليس ممكناً قبل إعلان الدولة الفلسطينية.

إلا أن العارفين بالنقاشات يعتقدون أن السعوديين، الذين يقيمون علاقات غير رسمية مع إسرائيل، قد يقبلون بأقل من هذا، حسبما أوردت صحيفة “وول ستريت جورنال” قبل فترة.

ونقلت “نيويورك تايمز” عن مارتن أنديك، السفير الأمريكي السابق في إسرائيل أثناء إدارة كلينتون، قوله: “هذا مثير للاهتمام، ولعدد من الأسباب”. أولاً، نتنياهو “يحتاج هذا وبشكل كبير حتى يحصل على دعم بايدن”، و”يخلق هذا نفوذاً لبايدن على نتنياهو، ويقنعه بأنه لن يحدث أي شيء جيد مع السعوديين لو سمح للوضع في الضفة الغربية بالتدهور والانفجار”. وأضاف أن بايدن سيرى في التطبيع الكامل بين البلدين “مصلحة” أمريكية، ووسيلة لمواجهة التأثير الإيراني.

 وقال المسؤولون في إدارة بايدن إنهم يريدون البناء على اتفاقيات التطبيع في حقبة دونالد ترامب. لكن مطالب الرياض تعتبر إشكالية وتضع عقبات، فالمسؤولون الأمريكيون يخشون، ومنذ وقت من محاولات السعودية بناء مشروع نووي للأغراض المدنية. ويخافون من أن يكون خطوة أولى للحصول على الأسلحة النووية، كنوع من الضمانة ضد جارتهم الإيرانية ومشروعها النووي.

وليس من الواضح ما هي الضمانات الأمنية التي تريدها السعودية، ولكنها ستكون قريبة من الضمانات الدفاعية بين دول الناتو. وحتى لو أظهر بايدن ميلاً لتلبية مطالب السعودية، فمن المتوقع أن يلقى مواجهة قوية من الكونغرس، حيث دفع عددٌ من المشرعين الديمقراطيين لتخفيض مستوى العلاقات مع السعودية.

وقال السناتور الديمقراطي عن ولاية كونيكتيكت كريستوفر ميرفي: “علاقتنا مع السعودية يجب أن تكون علاقة ثنائية مباشرة”، و”يجب ألّا تمرّ عبْر إسرائيل”. وقال إن السعوديين يتصرفون بطريقة سيئة وبشكل مستمر، وضغط باتجاه الحد من صفقات الأسلحة مع المملكة التي يمكن استخدامها في اليمن.

وقال: “لو أردنا الدخول في علاقات مع السعوديين، حيث نعقد صفقات أسلحة مهمة، فيجب أن تكون بناءً على السلوك الجيد باتجاه الولايات المتحدة، وليس تجاه إسرائيل”.

ميرفي: الدخول في علاقات مع السعوديين يجب أن يكون بناءً على السلوك الجيد باتجاه الولايات المتحدة، وليس تجاه إسرائيل.

 وأشارت الصحيفة لتعهدات بايدن في حملته الانتخابية المتعلقة بمقتل الصحافي جمال خاشقجي، ورفض السعودية الاستجابة لمطالب بايدن بزيادة معدلات النفط، حتى لا يستفيد فلاديمير بوتين من ارتفاع أسعاره لدعم جهوده الحربية. ورفض متحدث باسم مجلس الأمن القومي الأمريكي التعليق على المحادثات، واكتفى بالقول إن الإدارة الأمريكية تدعم علاقات جيدة بين إسرائيل وجيرانها العرب، بمن فيهم السعودية. ولم تعلق السفارة الإسرائيلية في واشنطن على طلب الصحيفة مباشرة، لكن نتنياهو قال في تصريحات، يوم الخميس، لصحيفة “لا ريببليكا” الإيطالية: “أعتقد، وبشدة، أن اتفاقية سلام بيننا وبين السعوديين ستقود لاتفاق مع الفلسطينيين”. ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن على أسئلة الصحيفة، إلا أن مسؤولاً سعودياً دعا للتعامل مع قائمة المطالب بجدية، مضيفاً أن بلاده لا تزال تربط التطبيع بإقامة الدولة الفلسطينية.

ويقول شخصان على معرفة بالمفاوضات إن الفريق الأمريكي يقوده بريت ماكغيرك، منسق شؤون الشرق الأوسط في مجلس الأمن القومي، وعاموس هوشستين، مستشار بايدن لشؤون الطاقة العالمية. وقال أحدهما إن الأمير محمد بن سلمان لعب دوراً مباشراً في المفاوضات، إلا أن المحاورة البارزة كانت سفيرة الرياض في واشنطن الأميرة ريما بنت بندر آل سعود. وعندما أوصل السعوديون مطالبهم للأمريكيين والإسرائيليين، بدأوا بتعريف خبراء السياسة الخارجية في أمريكا بها، بما في ذلك معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى، وهو معهد موال لإسرائيل في واشنطن، وزار وفدٌ منه الرياض، في تشرين الأول/أكتوبر العام الماضي. وكتب المدير التنفيذي للمعهد روبرت ساتلوف، والذي كان ضمن الوفد، تقريراً، مع زميل له، جاء فيه إن القادة السعوديين “يعتقدون بمرارة أن الولايات المتحدة غير مهتمة بمظاهر القلق الأمني السعودي”. إلا أن مسؤولاً سعودياً بارزاً فاجأ الزوار عندما قدم لائحة المطالب مقابل التطبيع. وجاء الطلب وسط مرحلة متوترة في العلاقات الأمريكية- السعودية، وعقب رفض السعوديين لمطلب بايدن أثناء زيارته لجدة بزيادة معدلات النفط.

ويرى عبد العزيز الغشيان، الخبير في العلاقات السعودية- الإسرائيلية، إن الرسالة وراء العرض السعودي هي وضع بايدن في وضع غير مريح، وأنه رفض المساعدة في تسهيل اتفاق، وبنتيجة قد تخيب الجماعات اليهودية ذات النفوذ في أمريكا. ويرى أن السعوديين لن يساعدوا بايدن على تحقيق نصر وهو في الرئاسة، نظراً للتظلّمات التي يحملونها ضد إدارته. وقال إن “النخبة السعودية الحاكمة لا تريد لبايدن أن يكون الرئيس الأمريكي وراء التطبيع السعودي– الإسرائيلي، ولكنهم لا يهتمون لو تحمل المسؤولية عن غيابه”.

وترى الصحيفة أن المفاوضات هي تعبير عن مواقف براغماتية لا أيديولوجية، وتقوم على تغليب المصلحة السعودية. لكن العنف المتزايد في الضفة الغربية، ونشاطات المستوطنين، ومحاولة نتنياهو وحكومته ممارسة سيطرة على حياة الفلسطينيين، ستعقّد من هدف التطبيع.

المسؤولون الأمريكيون يخشون أن يكون مشروع نووي سعودي خطوة للحصول على أسلحة نووية.

وقال وزير الخارجية السعودية الأمير فيصل بن فرحان، الشهر الماضي، إن الوضع في إسرائيل “لحظة خطيرة جداً”، وإن السلام مع البلد “يجب أن يشمل الفلسطينيين، لأنه من دون معالجة موضوع الدولة الفلسطينية لن نحظى بسلام في المنطقة”. ويرى محللون أن السعودية تستطيع تجاوز الرأي العام، ولكن لمرحلة معينة، فقد أظهرَ استطلاع نظّمه، في تشرين الثاني/نوفمبر، معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى أن نسبة 76% من السعوديين لديهم مواقف سلبية من اتفاقيات أبراهام. وبأكثر من 20 مليون نسمة يصعب على القادة السعوديين مواجهة الرأي العام، كدول صغيرة مثل البحرين والإمارات العربية المتحدة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول abuelabed:

    ضمانات دفاعية أمريكية ليبقي النظام إلى ما شاء الله. بالإضافة حتى يبقى الصراع مستمر مع إيران وبذلك تبتز أمريكا الخليج. أمة ضحكت منها الامم.

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية