هآرتس.. إسرائيل لـ “لاهاي”: قاموسنا يخلو من ما تسمونه احتلالاً

حجم الخط
0

بدأ في لاهاي أول أمس أسبوع مداولات في طلب الجمعية العمومية للأمم المتحدة من محكمة العدل الدولية إصدار فتوى في مسألة المكانة القانونية للاحتلال الإسرائيلي، نظراً لطبيعة وأعمال إسرائيل في إطاره. وبدأت المداولات بإسماع ادعاءات الوفد الفلسطيني، وتواصلت بادعاءات 51 دولة وثلاث منظمات دولية.
كما للحرب، الاحتلال له قوانين أيضاً. فأحكام الاحتلال، التي هي حقل في أحكام الحرب وفق القانون الدولي، تقضي بأن أي أرض خارج أراضي الدولة السيادية، واحتلت في حرب، تدار مؤقتاً إلى حين حل دائم متفق عليه. أحكام الاحتلال تمنح نظام الاحتلال قوى سلطوية معينة، وتفرض عليها قيوداً بهدف حماية الخاضعين للاحتلال وحقوقهم. أحد القيود المركزية هو الحظر على هندسة ديمغرافية للأرض المحتلة: محظور طرد سكانها منها، ومحظور توطينها بمواطني المحتل. إضافة إلى ذلك، محظور حظراً تاماً ضم الأرض المحتلة من طرف واحد وليس كجزء من اتفاق مع ممثلي الخاضعين للاحتلال. الحظر الذي ضم أرضاً محتلة هو واحد من البنود الأساسية للنظام القانوني العالمي الجديد الذي نشأ على خرائب الحربين العالميتين، وهدفه تعطيل أحد الحوافز المركزية لشن الحروب: اكتساب السيادة بقوة الذراع.
لا يوجد مبدأ من مبادئ أحكام الاحتلال إلا وخرقته إسرائيل في الـ 57 سنة منذ حرب الأيام الستة. فقد ضمت القدس الشرقية، وأقامت مئات المستوطنات التي انتقل إليها مئات آلاف الإسرائيليين بتشجيع حكومي، وخلقت نظاماً قضائياً منفصلاً للإسرائيليين والفلسطينيين الذين يسكنون في الضفة في ظل توجيه كل مقدرات الأرض للإسرائيليين على حساب الفلسطينيين، واليوم ثمة محافل مركزية في الحكومة تتحدث حتى علناً عن طرد سكان غزة.
عملياً، استغلت إسرائيل القوى والصلاحيات التي تمنحها أحكام الاحتلال للمحتل كي تقوض غاياتها. بدلاً من حماية حقوق الفلسطينيين، سلبت أراضيهم وحجزت على أملاكهم في صالح المستوطنات، وبدلاً من أن تتصرف كمديرة مؤقتة للأرض عملت على تثبيت سيطرتها فيها، بدلاً من أن تقيم فيها نظاماً عادلاً يهتم برعاياه، خلقت نظام أبرتهايد من سيطرة وقمع ممنهجين للفلسطينيين. ويسعى قادتها في السنوات الأخيرة، بالأفعال وبشكل رسمي، على ضم قانوني كامل للضفة أو أجزاء منها، من طرف واحد.
إسرائيل لا تشارك في المداولات، لإدراكها أنها ستستصعب صد الادعاءات. وبدلاً من التنديدات التلقائية للمحكمة، من الأفضل أن تغير سياستها وتسعى على عجل لإنهاء الاحتلال الذي ينغص حياة ملايين البشر ويفسد المجتمع الإسرائيلي.
أسرة التحرير
هآرتس 21/2/2024

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية