هآرتس: بعد ضجة “شهداء”.. البرلمانية سليمان: “المخرب هو من ينضم إلى جوقة النفاق والعنصرية”

حجم الخط
1

في هذا الأسبوع ضجت البلاد لأنني استخدمت كلمة “شهداء”، لكن ظاهرياً. عملياً، ضجت البلاد لأنني تجرأت على قول الحقيقة البسيطة، وهي أنه كلما تعمق الاحتلال تشتد المقاومة. جيش الاحتلال يقتحم مدن الضفة المحتلة يومياً ويعدم فلسطينيين بدون محاكمة، ويفرض حصاراً إجرامياً على غزة، لكن أعضاء حكومة التغيير يتوقعون كسر الشعب الفلسطيني فيوافق بخضوع على حكم الاحتلال. للأسف، من يسمون أنفسهم “اليسار الصهيوني” انضموا إلى الجوقة النفاق والعنصرية التي تسمي كل من يتواقح ويقاوم الاحتلال بالمخرب. ثم تصف من تنتقد جرائم الاحتلال بالمخربة.
في السنوات الأخيرة، كثيرون من اليسار يئسوا ووافقوا، بالسر أو العلن، على الخطاب وعالم مفاهيم اليمين المتطرف. كثيرون منا تعودوا على القيام بالرقابة الشخصية، وحتى لا ينتظرون هجمات اليمين الفاشي، بل يخفون غير المريح قوله في المناخ السياسي الحالي. يتحدثون كثيراً عن الحاجة إلى استقرار الحكومة. مبدأ عدم هز السفينة يُعرض كقيمة عليا، لكن المعنى الحقيقي للاستقرار في الحكم كما يبدو هو غياب أي مبادرة سياسية أو رؤية سياسية حقيقية. يوحدون الصفوف، لكن خلف أقوال غير الصحيحة. حكومة تسقط تلو حكومة، لأنها ترفض عرض حلول حقيقية للمشكلات الحادة. حتى إنه لا يجري أي حوار حقيقي حول بدائل فكرية أو بدائل للوضع القائم.
من شدة خوفهم من عودة نتنياهو إلى الحكم أو تسلم بن غفير وزير الداخلية، تبنى كثيرون مخزون الكلمات وأخرجوا أساليبهم العنصرية إلى حيز التنفيذ. مغسلة الكلمات تعمل ساعات إضافية. لا تقولوا إنهاء الاحتلال، تحدثوا عن إدارة النزاع؛ لا تطرحي موضوع المستوطنات، الأكثر شعبية هو التحدث عن اتفاقات التطبيع مع دول الخليج؛ من الأفضل عدم ذكر أن غزة محبوسة منذ 15 سنة، من الأسهل الحديث عن السلام الاقتصادي؛ وإن من يسمون الوسط أو اليسار الصهيوني لا يتجرأون على أن ينبسوا ببنت شفة، بل إنهم يساعدون في تعميق الاحتلال وسياسة الأبرتهايد. بالنسبة لي، من يسمون بالخطأ كتلة التغيير، من أجل “ترتيب البيت وإنقاذ الديمقراطية”، قد يبقون على الملايين تحت الاحتلال والقمع اليومي. وعلى الفلسطينيين الانتظار.
أمام هذا الصمت والإسكات، سنواصل، أنا وأصدقائي في اليسار العربي – اليهودي الحقيقي، وضع مرآة أمام المجتمع الإسرائيلي والقول بأن الملك عار. خلافاً لكل من يهربون من قول الحقيقة ويرتبون صفوفهم حسب الخطاب القومي المتطرف الإسرائيلي، فإن اليسار الحقيقي لا يصوت لصالح الحفاظ على أنظمة الأبرتهايد وتفكيك عائلات فلسطينية، ولا يدفع ضريبة كلامية لحل الدولتين، ولكن يجلس في حكومة تصادق وتخرج تصفيات بدون محاكمة وتوسع المستوطنات إلى حيز التنفيذ. اليسار الحقيقي لا يشارك فيقمع الشعب الفلسطيني وفي نفس الوقت يقدم له المواعظ الأخلاقية.
لسنا جزءاً من الكتلتين. نحن الكتلة المعارضة لسياسة الأبرتهايد وسنحارب ضد الاحتلال. نحن الكتلة التي ستحارب من أجل المساواة في الحقوق ومواطنة متساوية لجميع مواطني الدولة. نحن -بنات الشعب الفلسطيني وأبناءه ومواطني الدولة- من حقنا الوصول لحقوق وطنية وسياسية ومدنية واقتصادية متساوية. نحن اليسار العربي – اليهودي الحقيقي، الذي يقول الحقيقة وقت لا يكون ذلك مريحاً، ولو كلفنا ذلك الثمن غالياً… إن إنهاء الاحتلال سيؤدي إلى الأمن الحقيقي، لا للتصفيات ولا للاعتقال الإداري ولا للحصار ولا لتوسيع المستوطنات.
بقلم: عايدة توما سليمان
هآرتس 27/10/2022

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول قلم حر في زمن مر:

    سيدتي الغالية عايدة توما سليمان : أنت فلسطينية شجاعة . فتحية كبيرة لك على وقوفك في وجه ابرتهايد الصهيونية البغيضة الحقيرة التي تقتل أطفال فلسطين وتهدم منازلهم بغير وجه حق منذ 1948 وإلى يوم الناس هذا

إشترك في قائمتنا البريدية