هآرتس: سموتريتش يهزأ بـ “القلق” الأمريكي.. وإسرائيل: “عبوات جنين” تقلقنا 

حجم الخط
0

استخدمت الحكومة ضغطاً كبيراً على قوات الأمن لشن حملة عسكرية واسعة في شمال الضفة الغربية. ازدادت الضغوط مؤخراً على خلفية عدد عمليات إطلاق النار في المنطقة والحملة التي تديرها قيادة المستوطنين والتي تطالب بإعادة السيطرة على منطقة جنين. ما زال الجيش متحفظاً من عملية كبيرة، لكن يبدو أن “الشاباك” أخذ بالتدريج في تغيير موقفه لسببين: الأول، تحسن واضح في مستوى العبوات الناسفة التي يعدها مخيم جنين للاجئين وقربه. الثاني هو الخوف من م امتداد الفوضى السائدة في شمال الضفة إلى مناطق أخرى تحت سيطرة السلطة الفلسطينية.

صباح أمس، تعقدت عملية اعتقالات قامت بها قوات الأمن في مخيم جنين للاجئين. قوات الأمن اعتقلت مطلوبين فلسطينيين، عضواً في حماس وآخر في “الجهاد الإسلامي”. تطور في المكان تبادل شديد نسبياً لإطلاق النار، وحتى إنه تم تفجير عبوة ناسفة قرب سيارة إسرائيلية محصنة. قتل خمسة فلسطينيين وأصيب 66 شخصاً. أحد القتلى فتى فلسطيني ابن 15 سنة، وفتاة تبلغ 15 سنة أصيبت إصابة بالغة. جنديان إسرائيليان وخمسة جنود من وحدة المستعربين “يمام” التابعة لحرس الحدود أصيبوا في الحادثة. عدد من المصابين تم إخلاؤهم وهم مصابون إصابات طفيفة، وعدد منهم أصيبوا بإصابات متوسطة ومتوسطة – بالغة.

استمرت العملية بضع ساعات، بسبب قرار إخلاء سيارة محصنة أصيبت في المكان من نوع “بانتر”. إضافة إلى ذلك، تعطلت عدة سيارات عسكرية محصنة أيضاً. كانت السيارات في المنطقة المكشوفة نسبياً لإطلاق النار في المخيم. يبدو أن الفلسطينيين قد أعطبوا محركات السيارات ونجحوا في اشتعال النار التي تسبب إلحاق الضرر بالسيارات. أثناء إخلاء المصابين وفي محاولة للتغطية على جهود الإنقاذ، أطلقت طائرات لسلاح الجو ناراً رادعة على المناطق المفتوحة بهدف طرد خلايا المسلحين.

العملية في جنين، مثل العمليات السابقة للجيش الإسرائيلي و”الشاباك” وحرس الحدود في المدينة منذ ارتفاع عدد الأحداث العنيفة في الضفة منذ آذار من العام الماضي، تعكس عدة خطوات في المنزلق الحاد. خلال سنة، تزداد المعارضة لخطوات الجيش الإسرائيلي داخل القصبات وفي مخيمات اللاجئين شمالي الضفة. وفقاً لذلك تستخدم إسرائيل المزيد من الضغط في هذه العمليات، وإزاء الاحتكاك المتزايد يصاب المزيد من المدنيين الفلسطينيين الذين يصادف وجودهم في مرمى النار. الفلسطينيون يستخدمون المزيد من الوسائل، بما في ذلك العبوات الناسفة المتطورة نسبياً والأكثر ضرراً، وإسرائيل ترد بنار أكثر، التي شملت الآن للمرة الأولى منذ انتهاء الانتفاضة الثانية في 2006 أيضاً نار الطائرات القتالية.

يدرك الجيش هذه التطورات المقلقة والصورة العامة في الساحة الفلسطينية: تأثير رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، آخذ في الضعف، وعملياً تجري في حركة فتح معركة على الوراثة بين عدد من المتنافسين، حتى أثناء حضوره. السلطة تخشى من استخدام أجهزة الأمن في نابلس وجنين، وتدخل إلى الفراغ تنظيمات محلية كمحاكاة لـ “عرين الأسود” التي تشكلت في نابلس قبل سنة تقريباً.

حماس التي أرادت في البداية الاعتماد على “الخلايا النائمة” لها في الضفة، غيرت نهجها الآن: هذه المنظمة تستثمر الآن في التحريض من خلال وسائل الإعلام والشبكات الاجتماعية، وتضخ الأموال للتنظيمات المحلية المستقلة على أمل الاستمرار في إشعال المنطقة.

على الرغم من هذه التوجهات، فإن الجيش غير متحمس لشن عملية واسعة. قوات الجيش الإسرائيلي تعمل في جنين بضعة أيام في الأسبوع. وحسب رأي هيئة الأركان العامة، فالجهود الحالية تكفي لكبح أعمال العنف وإبقائها بقوة محتملة. حسب هذه المقاربة، فإن المعلومات الدقيقة التي يجمعها “الشاباك” والاستخبارات العسكرية تسمح بالتركيز على الخلايا المسلحة بدون الانزلاق إلى عملية لاحتلال المنطقة، التي قد تطول وتتعقد. احتلال المنطقة والاحتفاظ بها لن يؤدي إلى نتائج إيجابية، بل ستزيد حدة الأزمة على نحو قد ينتج تداعيات سلبية.

مقابل الجيش، أخذ “الشاباك” يطرح مواقف أخرى في النقاشات. ويتركز قلقه على تطور العبوات الناسفة وعلى الخوف من أن تضر هذه في المستقبل ليس فقط الجنود الموجودين في السيارات المدرعة، بل والسيارات الإسرائيلية المسافرة على الشوارع في مناطق الضفة.

أما المستوى السياسي فله اعتبارات أخرى؛ تبرز شخصية يوسي دغان، رئيس المجلس الإقليمي “شومرون” والسياسي المتحمس الذي له خطوات في الليكود والذي يحاول منذ سنة تقريباً حث الجيش على شن عملية واسعة. يطلب دغان إعادة احتلال الضفة الغربية. وفي كل مرة يصاب فيها إسرائيلي بالنار في “السامرة”، يرجع السبب إلى سياسة منضبطة جداً للجيش الإسرائيلي، حسب رأيه، ويطالب بإعادة الحواجز التي ستقلص سفر الفلسطينيين في الشوارع التي تخدم الآن المجموعتين السكانيتين.

 ينضم إلى هذه الضغوط أيضاً وزير المالية (الوزير في وزارة الدفاع بتسلئيل سموتريتش). صباح أمس وأثناء العملية، غرد سموتريتش على صفحته في “تويتر” بأنه “حان الوقت لاستبدال العمليات الصغيرة بعملية واسعة لاجتثاث أوكار الإرهاب في شمال “السامرة” وإعادة الردع والأمن”. رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي تجنب حتى الآن القيام بمثل هذه العملية خوفاً من التصعيد، أصبح يصغي إلى ادعاءات اليمين المتطرف والمستوطنين. وربما يرى في ذلك إغراء آخر، وهو استبدال الأجندة العامة والإعلامية بالانقلاب النظامي الذي لم يواجه فيه حتى الآن إلا الإخفاقات.

خطط الحكومة ضد جهاز القضاء تثير الرعب الشديد، لكن لا يجب تجاهل الأضرار التي سببتها في “المناطق” [الضفة الغربية]. أصبحت خطواتها هنا ناجعة جداً. فقد نجح سموتريتش أمس في الحصول على مصادقة الحكومة لإجراء تغيير دراماتيكي في آلية رخص البناء في المستوطنات، الذي يقلص تأثير الإدارة المدنية ووزارة الدفاع على العملية، وربما يقصر هذه الإجراءات بشكل كبير. في الوقت نفسه، تم الدفع قدماً ببناء آلاف الوحدات السكنية الجديدة في المستوطنات. وأصدرت وزارة الخارجية الأمريكية بياناً عبرت فيه عن “القلق” من الخطوات الأخيرة، لكن المستوطنين واليمين يحققون ما يريدونه عملياً.

في ظل الصراع حول الانقلاب النظامي، تدفع حكومة نتنياهو قدماً بعدد غير قليل من الخطوات لخدمة اليمين المتطرف. يمكن المواصلة والاستهزاء بنتنياهو على عدم الوفاء بوعده بإخلاء الخان الأحمر. في الحقيقة، حقق المستوطنون مأربهم في “حومش” وفي إجراءات التخطيط والوحدات السكنية. وهذه التطورات تساهم في زيادة التوتر المتزايد أصلاً في الساحة الفلسطينية.

عاموس هرئيل

 هآرتس 20/6/2023

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية