عاد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، كعادته، إلى التحريضات وزرع الدمار. فإذا كان هذا سلوكاً يسمم المجتمع ومنظومات الدولة في الأيام العادية، فهو سلوك يضع إسرائيل في خطر وجودي في أيام الحرب.
أول أمس، أعلن أنه يجب فحص ما إذا كانت دعوات الرفض قد أثرت على قرار رئيس حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، لبعث رجاله إلى الهجوم الإرهابي على بلدات غلاف غزة في 7 أكتوبر. لا تفسير يريح العقل لحقيقة أن رئيس الوزراء يتصرف على هذا النحو في أصعب اللحظات من تاريخ دولة إسرائيل. نتنياهو يمثل العقرب في قصة الضفدع والعقرب؛ هذه طبيعته، دولة كاملة تصحو من كل ما آمنت به، ونتنياهو وحده أبو المفهوم الذي تفجر إلى شظايا في 7 أكتوبر، وهو من كان مسؤولاً عن أمن إسرائيل، ووقف على رأس حكومة إسرائيل في 12 من أصل 14 سنة أخيرة، ومن رفض طلبات متكررة من جانب جهاز الأمن لوقف الانقلاب النظامي وتجاهلها باحتقار وغرور مأخوذين من التراجيديات اليونانية، وها هو يبقى على ما كان: ملاك التخريب. 1400 قتيل لم يكفوه، 240 مخطوفاً لا يحركون فيه ساكناً، آلاف الإسرائيليين الذين أصبحوا لاجئين في بلادهم وبلدات كاملة خربت، وما زال على حاله؛ يحرض كالأمس وأول أمس، ويفكر بنفسه، ويحمي كرسيه ولا يحرص إلا على مستقبله.
“نتنياهو يغرس سكيناً في قلب المقاتلين، في زمن الحرب. كل الشعب – الجيش (باستثناء أبنائك) وأنت تواصل تنسيق الشعب”، رد أعضاء حركة “إخوة السلاح”، لا طريقة أدق من هذه لوصف ما يفعله نتنياهو.
ومثلما في الطقوس الدائمة، ها هو رئيس المعسكر الرسمي الوزير بيني غانتس، الذي دعا نتنياهو للتراجع (“التملص من المسؤولية وإلقاء الطين وقت الحرب هما مس بالدولة”، غرد يقول. “رئيس الوزراء ملزم بالتراجع عن أقواله بشكل حاد وواضح”)؛ ومرة أخرى “تراجع” نتنياهو، وغرد: “حماس شنت ضدنا حرباً، لأنها تريد قتلنا جميعاً وليس بسبب أي جدال في داخلنا”. ما الذي يضيره أن يتراجع؟ فالسم قد انتشر الآن في الجو، وسلسلة العدوى باتت في ذروتها.
نتنياهو يمنع الدولة من الدفاع عن نفسها في وجه المصيبة التي– بقصوراته التي لا توصف – أوقعها عليها. سلوكه في هذه الساعة الصعبة إضافة خطيئة إلى الجريمة. محظور الاعتياد على هذا النمط المريض في ساعة الحرب. محظور قبول استمرار قيادته كقدر لا يمكن تغييره. يجب على الساحة السياسية أن تجد سبيلاً لوضع نهاية لحكم نتنياهو الخبيث. الثمن الذي تدفعه دولة إسرائيل على استمرار حكمه عالٍ للغاية.
أسرة التحرير
هآرتس 7/11/2023