لم يمر يوم منذ تخلصوا مما تبقى من نزعة رسمية مثلها غالانت حتى توجه “رفاقه” في الائتلاف لتنفيذ مبتغاهم. رئيس الوزراء نتنياهو ورئيس كتلة “يهدوت هتوراة” إسرائيل ايخلر، سارعا للتوافق فيما بينهما على تأجيل التصويت في الكنيست على قانون لتمويل المتملصين. وكل هذا للمضي بقانون يعفي الحريديم من التجنيد للجيش دفعة واحدة وإلى الأبد، وليمت الخادمون. لن يكون هذا بالطبع على حساب الدعم الحكومي لحضانات أطفال طلاب الدين أو يمس بميزانيات المدارس الدينية؛ لأن الهدف هو فقط سلب الدولة بأكبر قدر ممكن.
“محظور السماح لقانون تمييزي وفاسد بأن يجاز في الكنيست وإعفاء عشرات آلاف المواطنين من حمل العبء”، شدد غالانت في تصريح لوسائل الإعلام ألقاه عقب إقالته. أما نتنياهو ورفاقه في الائتلاف، فلا بد أنهم فقعوا ضحكاً على سماع كلمة “محظور”. فالأغلبية قضت بأن كل شيء مباح.
نتنياهو لا يمتنع عن شيء؛ كما أنه لا يراعي حقيقة حاجة الجيش الإسرائيلي إلى آلاف المقاتلين الإضافيين وأن خادمي الاحتياط يجثمون تحت العبء. فحفظ الائتلاف يسبق كل شيء، وبقاء الحكومة أهم من بقاء الدولة. وإذا كانت هناك حاجة للتضحية بوزير الدفاع من أجل إجازة قوانين التملص، فهذا ما سيكون. وإذا كان هذا غالانت – الذي يطلب تحديد أهداف الحرب، ويزعج بـ “اليوم التالي” ومعني بصفقة تعيد المخطوفين – فمبارك أننا تخلصنا منه. وإذا كان ممكناً استبدال شخص ذي عمود فقري بشخص عديم الفقرات كـ إسرائيل كاتس – فليكن.
غالانت جزء من المفهوم الذي أدى بإسرائيل إلى الكارثة، فـ 7 أكتوبر وقع في ورديته، واسمه مسجل على الطابع الوحشي للقتال في قطاع غزة، وانتهاك قوانين الحرب، والمس غير المتوازن بالمدنيين، واستعداد الجيش لبقاء طويل وربما لاستيطان يهودي في القطاع. لكن ليست مصالحة الدولة أو أمنها هما ما يقفان أمام ناظر نتنياهو في إقالة وزير الدفاع؛ لم يفعل سوى أنه أزال عائقاً سياسياً عن الطريق.
حتى بعد إقالة غالانت فإن سلة أهداف نتنياهو السياسية مليئة بحماة الحمى (وعلى رأسهم المستشارة القانونية للحكومة) وكل من يعمل لمصلحة الدولة وليس لمصلحة الحكومة. إزالتهم ضرورية لمواصلة الهرب من المسؤولية على ما أوقعه بإسرائيل إسقاط الذنب والمسؤولية الحصرية عن 7 أكتوبر على جهاز الأمن، والمضي بالانقلاب النظامي حتى إقامة حكم مطلق يهودي مفسد في أراضي إسرائيل، والضفة، و”بمعونة الرب” في غزة أيضاً.
على المعارضة في الكنيست والشارع أن تنتظم مرة أخرى في إسقاط حكومة نتنياهو الدموية قبل أن تتمكن من استكمال تخريب الدولة.
أسرة التحرير
هآرتس 7/11/2024