«هجمات» دبلوماسية: تطبيع وجيوش وتجارة ورياضة!

حجم الخط
8

شهد العالم العربي خلال عامي 2020 و2021، «هجمات» تطبيع دبلوماسية ضروس من قبل إسرائيل، وبرعاية إدارتين أمريكيتين، ودول عربية، مما أسفر عن تطبيع شامل واتفاقات متلاحقة بين أبو ظبي وتل أبيب، وغيرها مع البحرين، وتقارب وزيارات متكررة وتدخلات سياسية وأمنية في السودان، مما كان له دوره، حسب مصادر عديدة، في حصول الانقلاب العسكري الأخير ضد حكومة عبد الله حمدوك، وصولا إلى زيارة وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس إلى المغرب مؤخرا، والتي أسفرت عن «مذكرة تفاهم» عسكرية وأمنية، وكان ذلك خلفية سعي المغرب لإقرار دولي بسيادته على الصحراء الغربية.
شهدنا كذلك «هجمة» دبلوماسية عالميّة باتجاه قطر، الدولة الخليجية الصغيرة التي كانت محاصرة ومقاطعة من أربع دول عربية لسنوات، وذلك بعد انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية ودول التحالف العديدة الأخرى من افغانستان، ونتج عنها توكيل واشنطن، وعواصم أخرى، للدوحة بمهامها الدبلوماسية في كابول، كما نشهد حاليا قدوم زعماء عرب إلى قطر، على خلفية مسابقة «كأس العرب» بينهم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والرئيس اللبناني ميشال عون، وهناك حديث عن قرب وصول الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى الدوحة، لبحث الشأن اللبناني المتدهور مع عون، ولابد أن حدوث اللقاء في الدوحة يعني أن هناك استشرافا لدور لها تلعبه بعد استعصاء الأزمة بين بيروت ودول الخليج الأخرى.
راقبنا أيضا «هجمة» دبلوماسية مفاجئة من ملك الأردن عبد الله الثاني باتجاه النظام السوري، وذلك بعد عودة من زيارة ناجحة إلى الولايات المتحدة الأمريكية إثر تشكيل إدارة الرئيس جو بايدن، قيل بعدها أن العاهل الأردني استعاد مركز الزعيم العربي «المفضّل» للإدارة الأمريكية، وتبع ذلك إعلان عن موافقة أمريكية لتأمين الوقود المصريّ (أو الإسرائيلي كما قالت تل أبيب) عبر الأراضي السورية نحو لبنان، في تخفيف لإجراءات قانون «قيصر» والعقوبات الأمريكية على نظام دمشق.
تبعت ذلك زيارة «مفاجئة» لوليّ عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيّان، إلى دمشق، التقى فيها بشّار الأسد، وتزامنت معها تصريحات مرحّبة من قبل الجزائر، تحت إطار إعادة مقعد سوريا في الجامعة العربية للنظام.
وإذا كان موقف أبو ظبي من النظام السوريّ قريبا للاستيعاب، حيث أن الإمارات، أكثر من أي دولة خليجية، تركت أبوابا عديدة للتعامل مع النظام السوري حتى في الفترة التي جرى فيها اصطفاف خليجي عام ضدّه، كما أن علاقاتها مع إيران، راعي وحليف النظام السوري، شهدت تحسنا متزايدا بعد إعلان انسحاب قواتها من اليمن، فإن الزيارة التالية لبن زايد إلى أنقرة كانت أكثر مفاجأة واستدعاء للتحليلات المضنية حول معاني إعادة تموضع أبو ظبي ضمن المعادلات الإقليمية التي لعبت فيها دورا رئيسيا في أكثر من ساحة عربية، وكانت على مواجهة شبه دائمة مع تركيا، بل إن أبو ظبي، رغم استقبالها رئيس أفغانستان الهارب أشرف غني، ورصيدها الطويل من القتال ضد أي أشكال الحركات الإسلامية، المسلحة منها والمدنية، فقد باشرت مباحثات مع حركة طالبان، وعرضت عليها إدارة مطار كابول.
تعكس بعض التحرّكات الدبلوماسية الحاصلة رغبة في الخروج من استعصاءات كبيرة في المنطقة العربية، كما تعكس التغيّرات العالمية التي مثّلتها الاستراتيجية الأمريكية الجديدة التي فرضت انسحاب واشنطن من أفغانستان، وتراجع اهتمامها بمجمل المنطقة العربية، لكنّها أيضا تعكس، على الأغلب، تغيّرات أعمق، تعطي الأولوية للقضايا المحلّية، وتتراجع فيها القضايا الأيديولوجية، وتعلو المصالح ومحاولات حلّ الإشكالات بأسرع وأوفر الطرق، وهي سياسات قد تخفّف حدّة التوتّرات الهائلة، وخصوصا فيما سموات العالم تتلبّد بغيوم أزمات كبرى عديدة.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول إبسا الشيخ:

    تحياتي لقدسنا العزيزة علينا

  2. يقول عربي مقهور:

    لتصحيح المسار وإعادة حقوق الشعوب العربية المهضومة الحل هو القضاء على الأنظمة العربية العسكرية فهي سبب الأساسي في الدمار الذي حل بالمنطقة منذ جلاء الإحتلال الأجنبي بعد الحرب العالمية الثانية.
    مصر والعراق وسوريا وليبيا والجزائر حكمها العسكر بعد الاستقلال وأدخلوا المنطقة في داومة عنف من انقلابات واغتيالات وحروب بالوكالة والمتاجرة بالقضية الفلسطينية التي ما زال الشعب الفلسطينى يعاني من ويلات الإحتلال والحصار من قبل إسرائيل ودول الجوار العربي.

    وفي 2021 وبعد ان صار ت الأنظمة العربية تلعب على المكشوف والكل يلهث وراء سراب الإحتلال الاسرائيلي يخرج علينا النظام الجزائري ليدعو الى استضافة قمة عربية لتصحيح ولم الشمل العربي والصفح على أكبر مجرم وسفاح العصر الذي ما زال يذبح شعبه بالوكالة في سابقة تاريخية تستحيي جرائم إسرائيل من سادية جرائم بشار وايران وحزب الله وكأن تحرير فلسطين يمر عبر جماجم ودماء الأطفال والشيوخ وتشريد المدنيين في اصقاع ألعالم تتقاذفهم أمواج البحر والعنصرية الغربية ليتحول المشهد الكارثي الى سياسة دول كالسودان الذي هدد فيه حمدوك أوروبا إلى إرسال الشعب السودانى في قوارب الموت لإجبار الغرب على قبول بمجرمين وقطاع طرق كحكام جدد للسودان.

    1. يقول العربي - العراقي:

      اختلط عليك الأمر كثيرا يا عربي مقهور خاصة ما تقوله عن المشهد السوداني _ أعد النظر بدون قهر لحتى تتضح لك الصورة

    2. يقول عبدالله ناصر:

      صدقت …. ما حكم العسكر بلدا الا افسدوه ودمروه وجعلوا اعزة اهله اذلة

  3. يقول حنا السكران:

    توثيق تسلسل الاحداث يستحق التقدير … ماذا لو حصل التموضع والتقارب بين بعض الاطراف قبل الدخول في مواجهات لم تثمر سوى خسائر مادية وبشرية …

  4. يقول الكروي داود النرويج:

    عيال زايد يلعبون دوراً مرسوم لهم!
    هل الماسونية مازالت تقود العالم؟ ولا حول ولا قوة الا بالله

  5. يقول سامح //الأردن:

    *للأسف معظم دولنا العربية تدور حول
    الضبع الأكبر (أمريكا) وتنفذ ما هو مرسوم لها
    ومن يحاول أن يلعب بذيله يتم تصفيته
    ولنا في(صدام والقذافي) عبرة ومثل..
    حسبنا الله ونعم الوكيل.

  6. يقول بلحرمة محمد:

    لن تستقيم احوال العرب الا من خلال اعادة الثقة في انفسهم ووحدتهم وتعاونهم اما غير دلك فستبقى الانقسامات والصراعات والتدخلات الاجنبية التي تزيد النار اشتعالا.

إشترك في قائمتنا البريدية