دمشق – «القدس العربي»: في انتهاك جديد للقانون الدولي الإنساني، يضاف إلى سجل أسود من الانتهاكات، شنت قوات النظام السوري هجمات مدفعية وصاروخية، يومي السبت والأحد، استهدفت الأحياء السكنية ومخيماً يؤوي مهجرين على أطراف مدينة سرمين شرق إدلب، ما أدى لمقتل مدنيين اثنين وإصابة اثنين آخرين جميعهم من عائلة واحدة، وسط موجة نزوح لسكان المخيم الذي يضم نحو 25 عائلة مهجرة قسراً من أرياف إدلب وحماة. وقال نائب مدير الدفاع المدني السوري منير المصطفى في تصريح لـ”القدس العربي” إن قوات النظام قصفت أمس الأحد بالمدفعية الثقيلة قرية النيرب والأراضي الزراعية لقرية معارة عليا في ريف إدلب الشرقي، كما أصيب مزارع بجروح خطرة أثناء عمله بقطاف التين، إثر قصف مدفعي لقوات النظام استهداف الأراضي الزراعية بمحيط بلدة كنصفرة في جبل الزاوية جنوبي إدلب، حيث أسعفته فرق الدفاع المدني إلى أقرب مشفى، كما تعرضت أطراف قرية آفس والأراضي الزراعية بين بلدة النيرب ومدينة سرمين لقصف مماثل.
وكانت قوات النظام القصف قامت بـ”انتهاك جديد، حيث استهدفت مخيمات المهجرين، بهجمات صاروخية مساء السبت 23 أيلول، على أطراف مدينة سرمين شرق إدلب، ما أدى لمقتل رجل مسن وامرأة، وإصابة اثنين آخرين (طفل حالته حرجة ورجل) جميعهم من عائلة واحدة”.
وأدى القصف إلى حريق في المخيم، حيث أسعفت فرق الإنقاذ والاسعاف المصابين وانتشلت جثماني القتيلين وأخمدت الحريق في المخيم، كما عاودت قوات النظام وكررت قصفها على محيط المخيم.
نزوح من جديد
وترافق القصف مع نزوح السكان من المخيم الذي يضم نحو 25 عائلة مهجرة قسراً من ريف إدلب الشرقي وريف حماة الشرقي، كما شهد مخيم قريب نزوحاً جزئياً للسكان خوفاً من تجدد القصف.
وهذا الهجوم وفق مصطفى “هو الثاني من نوعه الذي يستهدف مخيماً على أطراف سرمين والرابع من نوعه الذي يستهدف مخيماً في شمال غربي سوريا، وهذه الهجمات هي انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني وموت يلاحق المهجرين بملاذهم الأخير، في ظل غياب موقف دولي حازم يردع هذه الهجمات”.
وتتعرض مدينة سرمين بشكل دائم لقصف من قبل قوات النظام، إذ قتل طفل رضيع، وأصيب 4 مدنيين بجروح بينهم طفل – وهو شقيق الطفل المتوفى – بقصف صاروخي لقوات النظام استهدف الأحياء السكنية في مدينة سرمين في ريف إدلب الشرقي، مساء السبت 2 أيلول. وقال منير مصطفى: سجلت فرقنا نزوحاً جزئياً من مدينة سرمين وبلدة آفس في ريف إدلب الشرقي مطلع شهر أيلول، جراء القصف المكثف من قبل قوات النظام، مع بقاء الكثير من العائلات في المنطقة، لعدم توفر أماكن آمنة يلجأون إليها في المنطقة، واضطرارهم للبقاء في المنطقة لجني محاصيلهم الزراعية التي تشكل مصدر رزقهم الوحيد.
واستجابت فرق الدفاع المدني السوري، لـ 711 هجوماً من قوات النظام وروسيا والميليشيات الموالية لهم، منذ بداية العام الحالي 2023 حتى 12 ايلول، راح ضحية هذه الهجمات 61 شخصاً بينهم 11 طفلاً و5 نساء، وأصيب على إثرها 261 شخصاً بينهم 94 طفلاً و37 امرأة، وفق تقارير حقوقية.
ووفقاً لمنظمة الخوذ البيضاء، فقد قتلت صواريخ النظام السوري، يوم الاثنين 4 أيلول، طفلةً وأصابت شقيقتها بجروح، بعد استهداف خيمة تقطنها عائلة الطفلتين، في أرض زراعية على أطراف مدينة سرمين شرقي إدلب، وكانت العائلة نازحة من بلدة آفس في ريف إدلب إلى أطراف سرمين هرباً من القصف.
وقال التقرير: في سياسة ممنهجة لملاحقة المهجرين في ملاذهم الأخير، قتل مدني وأصيب طفل بجروح (الطفل المصاب هو ابن أخي الشاب الذي قُتل) إثر قصف صاروخي مصدره مناطق السيطرة المشتركة لقوات النظام وقوات سوريا الديمقراطية استهدف مخيم برشايا في ناحية الباب شرقي حلب، يوم الخميس 7 أيلول، كما استهدف قصف مدفعي من المصدر نفسه تجمعاً للخيام أطراف قرية دويرة قرب قباسين بالقذائف المدفعية يوم السبت 2 أيلول، ما تسبب بإصابة 3 مدنيين من عائلة واحدة، بينهم طفل وامرأة.
ويهدد التصعيد والهجمات المكثفة على شمال غربي سوريا استقرار المدنيين في وقت باتت فيه المنطقة الملاذ الأخير لآلاف العائلات التي هجرتها قوات النظام وروسيا ويعيشون أزمة إنسانية حادة، وينذر هذا التصعيد بكارثة إنسانية حقيقية، في وقت مازالت آثار كارثة الزلزال تؤثر بشكل كبير على السكان وتعمق جراح الحرب المستمرة عليهم منذ 12 عاماً.
وكانت المملكة المتحدة، قد حذرت الأسبوع الفائت، من أن “الصراع في سوريا لم ينته بعد، وأن مقتل الآلاف في زلزال شباط الماضي لم يكن بمثابة راحة من الهجمات التي شنها النظام وحلفاؤه على الأبرياء”. وأكدت أن انتهاكات حقوق الإنسان وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية لا تزال مستمرة بشكل مأساوي في سوريا، وعليه لا بد من العمل من أجل الوصول الفوري والمستدام دون عوائق للمساعدات الإنسانية إلى من هم في أمس الحاجة إليها.
جاء ذلك في كلمة ألقاها السفير البريطاني في الأمم المتحدة، سيمون مانلي، الجمعة 22 من أيلول، خلال اجتماع الدورة الـ 54 لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بشأن سوريا.
المساعدات الإنسانية
وقال إن المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة للأشخاص نفسهم الذين يواجهون القصف العشوائي “تقع تحت نزوة النظام السوري”، مضيفًا أنه مرة أخرى، تنتهي صلاحيات وصول المساعدات الإنسانية فجأة في ذروة فصل الشتاء. وطالب المجتمع الدولي بالعمل “معًا من أجل الوصول الفوري والمستدام ودون عوائق للمساعدات الإنسانية إلى من هم في أمس الحاجة إليها”.
وأشار مانلي، في حديثه إلى الابتزاز الذي يواجه اللاجئون العائدون إلى سوريا، والاعتقال التعسفي وسوء المعاملة على أيدي قوات الأمن السورية، مؤكدًا أن العديد منهم قد اختفى بمن فيهم الأطفال، أثناء عودتهم، مشيرًا إلى أن النظام السوري يرحب بعودة اللاجئين من الدول المجاورة “لكن على أساس أدلة تلك الانتهاكات فلا يمكن الوثوق به”.
الوفيات بين المدنيين، والقيود على المساعدات، والاعتقال التعسفي، تؤكد أن بشار الأسد “لا يبالي بحياة الشعب السوري، ويجب ألا نتخلى عنهم”، حسب ما قاله السفير البريطاني، داعيًا أعضاء مجلس حقوق الإنسان إلى “توحيد الجهود” لضمان المساءلة عن هذه الجرائم. وقال رئيس لجنة التحقيق الدولية الخاصة بسوريا باولو بينيرو، إن التطبيع مع النظام السوري دون معايير واضحة وملموسة لن يخرج سوريا من “المأزق”.
وأشار خلال اجتماع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في الدورة 54، إلى أن الجمود الحالي في سوريا لا يمكن التسامح معه، وأن شباب سوريا اليوم “يفرون من بلدهم بأعداد كبيرة، تاركين خلفهم دولة مجزأة واقتصادًا منهارًا وبيوتًا مدمرة، وفقدوا الشعور بأنهم يملكون مستقبلا في بلدهم”.