أيام أخرى للأرض
ذكرت المهندسة عناية جريس أن إسرائيل عمدت خلال السنوات العشر التي تلت النكبة، إلى مصادرة نحو مليون دونم وإقامة نحو 104 بلدات يهودية في الجليل، من دون أن تقام حتى اليوم أي بلدة عربية، وواصلت سياسة مصادرة ملكية الأراضي وتحويلها لنفوذ المجالس اليهودية، إذ تقلصت ملكية الفلسطينيين في الداخل للأراضي ومسطحات البلدات العربية لتقتصر على 3.4′ من مساحة الدولة بحدود عام 1967، مع إن تعدادهم من السكان يصل إلى ما يزيد عن 20”.
وهنا علينا التذكير بأن انتفاضة قد حدثت من قبل سكان الجليل الفلسطيني في عام 1976، وذلك على خلفية مصادرة السلطات الإسرائيلية نحو 1500 فدان من المنطقة التاسعة في الجليل، وسقط من جراء ذلك شهداء وجرحى، وتم اعتقال عشرات المحتجين. وقد تم تحويل يوم الانتفاضة في 30 مارس/اذار من كل عام يوما للأرض في جميع أنحاء فلسطين وبلدان الشتات العربي والعالمي.
وعلينا التذكير كذلك بأن مدينة كرمئيل الإسرائيلية أقيمت على الأراضي التي صادرتها السلطات من قرى دير الأسد والبعنة ونحف في الجليل الفلسطيني. وها هي السلطات نفسها تسعى إلى توسيع تلك المستوطنة على حساب المساحات المتبقية لبعض القرى العربية القريبة. كما إن مدينة الناصرة العليا التي أقيمت لإسكان أغلبية من أتباع الدين اليهودي، بنيت على تلال وأراض كانت تابعة لمدينة الناصرة والقرى العربية القريبة منها. وعلينا ألا ننسى بأن مخططا شبيها قد تم وضعه للاستيلاء على أراضي المواطنين الفلسطينيين من بدو النقب، وأن مسلسل تدمير القرى ومطاردة السكان واعتقالهم تزداد وتيرته بين فترة وأخرى، وذلك في محاولة لنقلهم إلى معازل بعيدا عن بيوتهم وأراضيهم ومراعيهم.
في هذا السياق، كشف السيد رجا خوري مدير المركز العربي للتخطيط البديل عن وثيقة صهيونية تستهدف ‘تجديد مخطط تهويد الجليل’ جاء فيها أن المستوطنات التي أقيمت في الجليل منذ قيام الدولة في عام 1948، أوجدت استيطانا قويا، لكنه لم ينجح في ترجيح كفة الميزان الديموغرافي في الجليل لصالح اليهود، بحسب ما جاء في الوثيقة، خاصة أن هناك إشارة واضحة إلى هجرة اليهود من الشمال والجليل باتجاه مركز البلاد في تل أبيب والجنوب في بئر السبع والمستوطنات في النقب..
وكشف خوري أيضا أن الخطة تقضي بإقامة اربع بلدات يهودية جديدة لضمان استقطاب عشرات آلاف المستوطنين اليهود إلى الجليل. علما وكما ذكر، بأنه تمت المصادقة على إقامة مدينتين جديدتين شيبوليت ورمات أربيل كما تم التخطيط لبناء منطقتين هما يسخار وخروب. كما يتضمن المخطط أيضا توسيع عشرات البلدات اليهودية بعشرات آلاف الدونمات، بحيث تمتد ما بين طبريا ومنطقة البطوف في سهل مرج بن عامر. وهكذا فإن مخطط الاستيلاء على الأراضي وطرد السكان الفلسطينيين والتضييق عليهم وعلى حياتهم، وحرمانهم من حقوق عدة، ما زال مستمرا في جميع الأراضي الفلسطينية، لا فرق بين ما تم احتلاله من فلسطين في عام 1948 أو في عام 1967. ولذا.. يبدو اننا بصدد قيام هبات وانتفاضات جديدة في الوسط العربي الفلسطيني، وتجديد اندلاع أيام غضب واحتجاج على مخططات الاستيلاء على المزيد من أراضي فلسطين التاريخية، تماما كما حدث في الثلاثين من مارس من عام 1976، وكما حدث منذ أسابيع قليلة في النقب وبقية المناطق الفلسطينية.
كاتب فلسطيني