هجمة جديدة لمصادرة المزيد من أراضي الجليل الفلسطيني

في الرابع من فبراير/ شباط حصل نقاش غاضب وحاد واحتجاجي بين نواب من اليمين الإسرائيلي المتطرف، ونواب من العرب الفلسطينيين في الكنيست الإسرائيلي، على خلفية طرح خطة لمصادرة المزيد من أراضي الفلسطينيين في منطقة الجليل شمال فلسطين المحتلة عام 1948. من ضمن ما ذكر النواب العرب أن المخطط الإسرائيلي الحكومي يتجاهل احتياجات المواطنين الفلسطينيين في مجالات عدة؛ ولا يستجيب لمتطلباتهم، واشاروا الى وجود نقص خدماتي حاد وفاضح في العديد من المجالات منها: الصحة والطرق والتعليم والكهرباء والمجاري، وإيجاد فرص عمل تشغيلية وغير ذلك.
على هذه الخلفية، وفي 22 أغسطس/ آب عام 2012، ذكرت صحيفة ‘يديعوت أحرونوت’ الإسرائيلية أن هناك تمييزا سلبيا في المعطيات التشغيلية في أوساط فلسطينيي عام 1948، وارتفاع مستواه إلى ما يفوق نحو ثلاث مرات ما هو عليه الوضع لدى الأيدي العاملة اليهودية. كما ارتفعت نسبة البطالة في شتى القرى والبلدات العربية في الأراضي المحتلة، وكانت الذروة في بلدة أم الفحم في منطقة المثلث التي وصلت نسبة البطالة فيها إلى 30′. وبدلا من السعي إلى معالجة هذا التمييز والنقص، فإن الخطة الجديدة ‘تسمح بالتغيير وفق اعتبارات ليست مهنية، بل مبنية أساسا على ما يسمى التوازن الديموغرافي لصالح اليهود’. بحسب ما ذكرت المهندسة عناية جريس من المركز العربي للتخطيط البديل كما جاء في صحيفة ‘المستقبل’ اللبنانية في 2/2/2014.
لذا فإن خطة الحكومة تسعى إلى زيادة عدد اليهود في الجليل الفلسطيني بنحو 100 ألف يهودي، ورفع العدد الإجمالي من اليهود ليزيد عن عدد السكان الفلسطينيين الذين يبلغون نحو 700 ألف نسمة، في حين إن عدد اليهود في الجليل يصل إلى نحو 630 ألف نسمة. لذلك فإن المخطط يسعى إلى تغيير معادلة ‘الديموغرافيا’ وجعلها تصب في مصلحة الاستيطان اليهودي، ومحاصرة المدن والبلدات والقرى الجليلية الفلسطينية بالمزيد من المستوطنات اليهودية، ومصادرة المزيد من الأراضي في مناطق عكا والناصرة وسهل البطوف وشفا عمرو وغيرها، وعلى حساب البلدات الفلسطينية كسخنين وعرابة البطوف ودير حنا وقرى أخرى.

أيام أخرى للأرض

ذكرت المهندسة عناية جريس أن إسرائيل عمدت خلال السنوات العشر التي تلت النكبة، إلى مصادرة نحو مليون دونم وإقامة نحو 104 بلدات يهودية في الجليل، من دون أن تقام حتى اليوم أي بلدة عربية، وواصلت سياسة مصادرة ملكية الأراضي وتحويلها لنفوذ المجالس اليهودية، إذ تقلصت ملكية الفلسطينيين في الداخل للأراضي ومسطحات البلدات العربية لتقتصر على 3.4′ من مساحة الدولة بحدود عام 1967، مع إن تعدادهم من السكان يصل إلى ما يزيد عن 20”.
وهنا علينا التذكير بأن انتفاضة قد حدثت من قبل سكان الجليل الفلسطيني في عام 1976، وذلك على خلفية مصادرة السلطات الإسرائيلية نحو 1500 فدان من المنطقة التاسعة في الجليل، وسقط من جراء ذلك شهداء وجرحى، وتم اعتقال عشرات المحتجين. وقد تم تحويل يوم الانتفاضة في 30 مارس/اذار من كل عام يوما للأرض في جميع أنحاء فلسطين وبلدان الشتات العربي والعالمي.
وعلينا التذكير كذلك بأن مدينة كرمئيل الإسرائيلية أقيمت على الأراضي التي صادرتها السلطات من قرى دير الأسد والبعنة ونحف في الجليل الفلسطيني. وها هي السلطات نفسها تسعى إلى توسيع تلك المستوطنة على حساب المساحات المتبقية لبعض القرى العربية القريبة. كما إن مدينة الناصرة العليا التي أقيمت لإسكان أغلبية من أتباع الدين اليهودي، بنيت على تلال وأراض كانت تابعة لمدينة الناصرة والقرى العربية القريبة منها. وعلينا ألا ننسى بأن مخططا شبيها قد تم وضعه للاستيلاء على أراضي المواطنين الفلسطينيين من بدو النقب، وأن مسلسل تدمير القرى ومطاردة السكان واعتقالهم تزداد وتيرته بين فترة وأخرى، وذلك في محاولة لنقلهم إلى معازل بعيدا عن بيوتهم وأراضيهم ومراعيهم.
في هذا السياق، كشف السيد رجا خوري مدير المركز العربي للتخطيط البديل عن وثيقة صهيونية تستهدف ‘تجديد مخطط تهويد الجليل’ جاء فيها أن المستوطنات التي أقيمت في الجليل منذ قيام الدولة في عام 1948، أوجدت استيطانا قويا، لكنه لم ينجح في ترجيح كفة الميزان الديموغرافي في الجليل لصالح اليهود، بحسب ما جاء في الوثيقة، خاصة أن هناك إشارة واضحة إلى هجرة اليهود من الشمال والجليل باتجاه مركز البلاد في تل أبيب والجنوب في بئر السبع والمستوطنات في النقب..
وكشف خوري أيضا أن الخطة تقضي بإقامة اربع بلدات يهودية جديدة لضمان استقطاب عشرات آلاف المستوطنين اليهود إلى الجليل. علما وكما ذكر، بأنه تمت المصادقة على إقامة مدينتين جديدتين شيبوليت ورمات أربيل كما تم التخطيط لبناء منطقتين هما يسخار وخروب. كما يتضمن المخطط أيضا توسيع عشرات البلدات اليهودية بعشرات آلاف الدونمات، بحيث تمتد ما بين طبريا ومنطقة البطوف في سهل مرج بن عامر. وهكذا فإن مخطط الاستيلاء على الأراضي وطرد السكان الفلسطينيين والتضييق عليهم وعلى حياتهم، وحرمانهم من حقوق عدة، ما زال مستمرا في جميع الأراضي الفلسطينية، لا فرق بين ما تم احتلاله من فلسطين في عام 1948 أو في عام 1967. ولذا.. يبدو اننا بصدد قيام هبات وانتفاضات جديدة في الوسط العربي الفلسطيني، وتجديد اندلاع أيام غضب واحتجاج على مخططات الاستيلاء على المزيد من أراضي فلسطين التاريخية، تماما كما حدث في الثلاثين من مارس من عام 1976، وكما حدث منذ أسابيع قليلة في النقب وبقية المناطق الفلسطينية.
كاتب فلسطيني

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية