هجوم قره باغ الأذربيجاني: عقوبة روسية لأرمينيا؟

حجم الخط
0

في تصريح لافت يسخر من رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان، قال دميتري مدفيديف، نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، بعيد الأنباء عن غزو الجيش الأذربيجاني لناغورني قره باغ إن «أحد الزملاء في الدول الشقيقة خسر الحرب في قره باغ (…) ثم قرر إلقاء اللوم في هزيمته النكراء على روسيا (…) وقرر مغازلة الناتو، وذهبت زوجته بصلف إلى أعدائنا بالحلوى والبسكويت مؤخرا… هل لكم أن تخمّنوا مصيره؟».
يشير مدفيديف هنا إلى رحلة زوجة باشينيان إلى كييف وتقديم مساعدات إنسانية لأوكرانيا، وكذلك إلى إجراء مناورات عسكرية على الأراضي الأرمنية بمشاركة الولايات المتحدة، وقد نُشرت بعد ذلك أنباء عن دخول «عدد كبير» من أفراد مجموعة فاغنر العسكرية الروسية الخاصة إلى أرمينيا مما صعّد مخاوف الأرمن من احتمال تدخّل عسكري روسي، وتبعت ذلك العملية العسكرية الأذرية التي بدأت أول أمس الثلاثاء وانتهت بعد مرور يوم واحد من القتال، لتختم، على الأغلب، النزاع الطويل الأمد بين أذربيجان وأرمينيا حول الإقليم.
يمكن تأريخ بدء الصراع الأرمني – الأذري في العصر الحديث بعام 1923 حين قررت القيادة السوفييتية منح الإقليم وضع الحكم الذاتي، وصولا إلى مرحلة انهيار الاتحاد السوفييتي ويمكن متابعة دور الترجيح الروسي في ما حصل بعد ذلك منذ اندلاع حرب 1992-1994 بعد عام من إعلان قره باغ استقلالها، ثم اندلاع اشتباكات عام 2014 و2016، وحرب 2020 التي دخلت بعدها «قوات حفظ السلام الروسية» إلى المناطق التي يسيطر عليها الأرمن، والتي لم تلعب دورا يذكر خلال العمليات القتالية التي جرت مؤخرا، مما أدى للسيطرة الأذرية الكاملة على الإقليم، وبنزع سلاح القوات الأرمنية وانسحابها.
الحكومة الأرمنية كانت واضحة، أمس، باتهام موسكو بـ»عدم الوفاء بالتزاماتها بالدفاع عن قره باغ» مما استدعى ردا من المتحدث باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أظهر انحيازا واضحا للجانب الأذري حيث قال إن ما حصل من الناحية القانونية «إجراءات تتخذها أذربيجان على أراضيها» وأن الجانب الأرمني «يعترف بقره باغ على أنه جزء لا يتجزأ من الأراضي الأذربيجانية».
مقابل الإعلان التركي بدعم العملية الأذربيجانية، كان الموقف الفرنسي الحاد، والمطالب بعقد جلسة طارئة لمجلس الأمن، لافتا، فمن الطبيعي أن تكون دول الإقليم، مثل روسيا وتركيا وإيران، مرتبطة بالنزاع وتعتبر ما يحصل ضمن مجالها الحيوي، ومن المفهوم أيضا أن تكون الولايات المتحدة الأمريكية مرتبطة بما يحصل باعتبارها القطب العالمي الأكبر، والمعنيّة بشكل رئيسي بتداعيات الحرب الأوكرانية، وهو ما جعل تدخّل باريس يبدو أقرب لاستدعاء مبالغ فيه لدورها الاستعماري القديم الذي تلقى ضربات موجعة في افريقيا.
الشيء المؤكد في ما حصل أن التغيير الذي جرى في الإقليم هو نتيجة للاستقطاب العالمي الشديد حول الحرب الأوكرانية ـ الروسية، وعلى ما استدعته من استقطابات أكبر، يتصارع فيها محور الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية، وحلفاؤهم، مع المحور الأمريكي ـ الغربي وحلفائه. لقد كان سقوط قره باغ مسألة وقت لكن القرار الروسي بمعاقبة حكومة أرمينيا كان سريعا ومشددا، وربما لن يكتفي بهذه النقلة ولعل الكرملين يفكّر أيضا بنقلة أخرى تتعلق بمصير باشينيان الذي أراد مدفيديف منا تخمين ما سيحصل له.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية