لو كنت مغربيا لمنعتُ نفسي عن الاحتفال بقرار الإمارات فتح قنصلية عامة في العيون، كبرى مدن الصحراء الغربية.
قرار مثل هذا يستحق الاحتفال لو صدر من بريطانيا أو أمريكا أو سويسرا. أما من الإمارات، فهو يدعو للحذر والتشاؤم أكثر منه للتفاؤل والفرح، رغم أهميته الرمزية والاستراتيجية.
ليس من الخطأ القول إن الإمارات لم تتخذ قرارها حبًّا في المغرب، بل خدمةً لإسرائيل والولايات المتحدة ونكاية في الجزائر.
لدى المغاربة من التجارب الحديثة مع الإمارات، ما يكفي وما يجبرهم على الحذر منها. لم يعد سرًّا أن التحركات الإقليمية للإمارات في السنوات العشرين الأخيرة مبنية كلها على شراء الذمم، وخلفياتها دسائس ومؤامرات. وقراراتها فردية تُتخذ في لحظة مزاجية سلبا أو إيجابا. هي أيُّ شيء إلا حسابات دولة وقرارات مؤسسات. ترضى عنك فتفتح لك قنصلية في كل ثقب من أرضك الشاسعة، تغضب منك (حتى لأتفه سبب) فتغلق سفارتها في عاصمتك دهرا، وفي أحسن الأحوال تتركها مهجورة بلا سفير، ثم تبدأ مناورات الإضرار بك.
مثلا: في السنوات الثلاث الأخيرة اجتهدت أبوظبي كثيرا لإذلال المغرب. سحبت سفيرها بالرباط دون أن تكلف نفسها عناء إعلان ذلك رسميا وبوضوح. أطلقت عليه وسائل إعلامها وسعت لعزله والإضرار به، فقط لأنه فضّل بعض التروي في موقفه من الحصار الاقتصادي والدبلوماسي الذي قررته الإمارات والسعودية على قطر.
المغاربة، بنُخبهم وعَوامِهم، يذكرون ضغوط أبوظبي الأخيرة حتى في موضوع الصحراء. أرشيف وسائل الإعلام المغربية والإماراتية حافل بالشواهد في هذا الشأن.
منذ منتصف شهر أغسطس (آب) الماضي وقرار التطبيع العلني مع إسرائيل، أصبحت الإمارات أكثر من مجرد دولة (أخرى) تقيم علاقات مع تل أبيب. أبوظبي اليوم هي الوكيل الحصري لإسرائيل والولايات المتحدة في الهلال الممتد من نواكشوط إلى مقديشو، وربما أبعد إذا ما استطاعت. الإمارات هي المفاوض نيابة عن واشنطن لصالح إسرائيل. مهمتها جلب أكبر عدد من الركاب إلى قطار التطبيع في أسرع وقت. أساليبها تتراوح بين الترغيب بالمال والمساعدات للفقراء والمحتاجين، والترهيب عن طريق التهديد بالتخريب للعنيدين والرافضين.
لهذا لا يمكن فصل قرار فتح قنصلية في العيون عن شرط سيلحقه، أو ربما وُضع سلفًا على مكتب الملك محمد السادس: تطبيع رسمي مع إسرائيل. يدرك المسؤولون الإماراتيون أن المسألة مع المغرب لن تكون صعبة جدا. هناك عدة معطيات تُسهّل مأمورية أبوظبي، منها أن الحاجز النفسي بين المغرب وإسرائيل مكسور منذ سنوات. وهذا لأسباب أبرزها وجود علاقة سابقة بين البلدين، ولو على مستوى منخفض، وأيضا وجود جالية يهودية في المغرب تضع رجْلا هنا وأخرى هناك دون أن تحاول إخفاء ذلك.
أصبحت الإمارات أكثر من مجرد دولة (أخرى) تقيم علاقات مع تل أبيب. أبوظبي اليوم هي الوكيل الحصري لإسرائيل والولايات المتحدة في الهلال الممتد من نواكشوط إلى مقديشو
هناك سبب آخر لا يقل أهمية يتمثل في كون ملف الصحراء الغربية هو نقطة ضعف المغرب التي تجعله متعطشا لأي دعم دبلوماسي في خصوصه. سبق للمغرب أن احتفل بدعم ومواقف لا قيمة حقيقية لها في قضية الصحراء، فما بالك بفتح قنصلية في العيون، وهو قرار يشبه هدية من ذهب لشخص انتظر منك نحاسا فقط أو ما دونه. وهذا من صميم التكتيك الإماراتي: الإغداق بلا حساب.. على الخصوم لإغرائهم وإخضاعهم، وعلى الحلفاء للحفاظ عليهم.
هناك طرف آخر في هذه المعادلة: الجزائر. لن يغفر المسؤولون الإماراتيون بسهولة كلام الرئيس عبد المجيد تبون العلني عن «المهرولين إلى التطبيع مع العدو» وعن «فلسطين قضيتنا الأساسية شعبا وحكومة». كان ذلك في مقابلة تلفزيونية في ذروة ردود الفعل السلبية على إعلان اتفاق التطبيع بين الإمارات وإسرائيل.
كان في إمكان الرئيس الجزائري أن يسجّل موقفا لصالح فلسطين وضد التطبيع دون الوخز في الإمارات أو غيرها. شيء من الواقعية ما كان سيكلفه شيئا. كان على مستشاريه أن ينصحوه بوضع الأمر في سياق جديد ومختلف تماما، من نتائجه أن المنطقة كلها مُقبلة على زمن يصبح فيه المنبوذ هو الممتنع عن التطبيع (إن وُجد أصلا ممتنعون سيستطيعون الصمود) وليس العكس كما كان الحال في العقود الماضية.
الفضل الأول في انقلاب المفاهيم الذين نحن مقبلون عليه قريبا، سيعود للإمارات وثروتها الطائلة وجرأة قادتها على إنجاز المستحيل واللامعقول.
الجزائر التي نددت احتجت بشدة على قرار كوت ديفوار ودول إفريقية أخرى فتح ممثلية دبلوماسية في العيون العام الجاري، لم تعلّق علنا على قرار الإمارات. ولم يبدر من وسائل إعلامها ما يفيد عن غضب أو احتجاج رسمي أو إعلامي.
يمكن إيجاد تفسير لهذا الارتباك الجزائري في نفوذ الأخطبوط الإماراتي، وفي تداخل المصالح والحسابات إقليميا. سيكون من الصعب على الجزائر وأيّ دولة عربية أخرى أن تغضب من الإمارات مثلما تغضب من كوت ديفوار أو جمهورية إفريقيا الوسطى. علما أن موضوع القنصليات تكرر خلال العام الجاري، وأصبح من الصعب أو توقفه لحظة غضب أو استدعاء سفير، إذ هناك اليوم ما لا يقل عن 15 قنصلية إفريقية موزعة بين مدينتي العيون والداخلة.
من الواضح أن هذه القنصليات الإفريقية هي ثمرة عمل دبلوماسي مغربي طويل، لا يقابله ثمن كبير تطلبه الدول المعنية أو تنتظره. أما القنصلية الإماراتية فهي ثمرة جهد تبرعت به أبوظبي دون أن يطلبه المغرب، مقابل ثمن كبير طلبته الإمارات أو ستطلبه. إنها هدية مسمومة ردّها مشكلة وقبولها مشكلة.
كاتب صحافي جزائري
ليس الامر كما تراه.العلاقات بين المغرب والامارات علاقات وطيدة رغم مرورها مؤخرا ببعض المشاكل والامارات شاركت بوفد رفيع في المسيرة الخضراء قبل ان يكون هناك تطبيع ولا هم يحزنون.المغرب حليف للامارات والعكس صحيح اما قطار التطبيع فالكل سيركبه طوعا او كرها وخاصة اذا اعيد انتخاب ترامب.اما فيما يخص الصحراء فالخليج والاردن ودول اخرى سيفتحون كلهم قنصليات هناك .
الإمارات ماحطت ايدها على بلاد.الا وخربتها الله يستر على المغرب من وراهم هادو عيال زايد
هدية مسمومة متفق مع هذا التحليل المغرب و الجزائر لديهم كل المقومات الاقتصادية و البشرية و الطبيعية للدفع بالامة الإسلامية إلى الأمام و لكن هيهات ما يفرقهما اقل من ما يجمعهما اللهم وحد بين الأشقاء
الإمارات مع اسرائيل ليست كالامارات مع المغربيل
هاده هدية احسن من عند الشقيق
أتفق مع الكاتب في شئ واحد يعلمه جيدا وهو أن فتح الإمارات لقنصليتها بالصحراء المغربية يعد صفعة مدوية لنظام الجزئر ، صفعة ستليها صفعات أخرى من دول أخرى
لو كنت تعتقد بأن الإمارات العربية المتحدة التي تساند المغرب في وحدته الترابية انها بهدا الفعل قد تضر مصالح المغرب فماذا يمكننا القول عما تقوم به الجزائر التي تعادي وحدة الترابية للمغرب
نعم صدقت … شيطان العرب ..اخطر من العقرب الاسود
“شكر الله سمعاك”!!
أهل مكة أدرى بما تكيدون لها. أنت أعلم هنا بما تريده منك العصابة التي يحاول أحرار الجزائر التحرر منها…
العلاقة الاخوية المتميزة القوية بين المغرب والإمارات، هي علاقة قديمة دائمة و مستمرة رغم المطبات بين الفينة والأخرى التي تمر بها نظرا للإختلاف في بعض التوجهات السياسية.. الشي الذي لا يمنع كلتا البلدين للتدخل في الوقت المناسب لنصرة بعضهما البعض..
لذا ففتح قنصلية عامة للإمارات في مدينة العيون في الصحراء المغربية تعد خطوة مهمة ستحذوها كثير من الدول الأخرى..بل تعد فتحا كاملا لباب الإستثمارات الضخمة في المنطقة..
شكرا لشعب الإمارات العربية المتحدة على هاذا الدعم القوي لقضية إخوانهم في المملكة المغربية..