كل الدلائل تشير إلى أن النظام الإقليمي القومي العربي يمرّ الآن في محنة، وأن الأنظمة الإقليمية العربية الفرعية، مثل مجلس التعاون الخليجي، أو مجلس الاتحاد المغاربي، هي الأخرى تمرّ بمحنها الخاصة بها.
وكل الدلائل تشير إلى أدوار، ظاهرة وباطنة، تخططها قوى صهيونية عالمية، وتنفذها قوى استعمارية، وبالأخص نظام الحكم الأمريكي الحالي. وتتمثل تلك الأدوار في أشكال من الابتزاز الاقتصادي والمالي، ومن اختراقات أمنية، ومن خلال الإشعال المستمر والمتنامي، لنيران الجنون الجهادي التكفيري، داخل وخارج الأرض العربية، ومن إيقاظ لأحلام وهمية وادعادءات نرجسية في بعض دوائر الحكم العربية، ومن خلط للأوراق وحبك صراعات مذهبية وقبلية وقطرية عبثية عبر شبكات التواصل الاجتماعي العربية.
مؤامرات الخارج لتمزيق هذه الأمة وهذا الوطن وإدخالهما في حالات العجز والتخلف الحضاري لن تتوقف
وبالطبع فان ذلك كله ما كان لينجح ويحقق أهدافه الشيطانية، لولا وجود نقاط ضعف شديدة في المجتمعات العربية المدنية من جهة، وفي أنظمة الحكم العربية من جهة أخرى. ما يؤلم ويحير ليس وجود تلك الموجه الهائلة المتعاظمة من المؤامرات، إذ أن التاريخ العربي، قديما وحديثا، وعلى الأخص، بعد زرع الكيان الصهيوني في قلب الوطن العربي، وبعد قيام شتى محاولات التمرد على الوجود الاستعماري الغربي في الكثير من الأقطار العربية، يؤكد بأن مؤامرات الخارج لتمزيق هذه الأمة وهذا الوطن وإدخالهما في حالات العجز والتخلف الحضاري لن تتوقف، بل لن تتراجع. ما يؤلم وما يحير، هو الصمت المريب الذي تمارسه كل المؤسسات العربية، القومية منها والمناطقية، تجاه ما يجري. فالجامعة العربية، ومؤسسة القمة العربية، والمجالس المناطقية العربية، ومعهما منظمة التعاون الإسلامي، ترى التدخلات الفاضحة أمامها، وترى التراجعات المعيبة في الالتزامات القومية، ولكنها تقف عاجزة أو مهملة أو حتى راضية. هل يعقل أن تقبل كل تلك الجهات بأن يدار الموضوع العربي السوري من قبل روسيا وإيران، وأن يدخل العساكر الأتراك الأرض العربية السورية، ويتصرفوا وكأنهم هم الذن يملكون ويحكمون الشمال الغربي السوري، وأن تصل الصراعات الجنونية في ليبيا إلى قرب مرحلة تفتت ذلك القطر العربي، ونهب ثرواته، والتدخل في شؤونه من قبل كل من هب ودب، وأن يواجه عشرون مليونا من الإخوة اليمنيين الجوع والمرض والدمار الشامل، لكل ما بني عبر عشرات القرون، وأن يواجه القطر العربي اللبناني إمكانية الإفلاس والانهيار الاقتصادي، وأن يشاهدوا الاحتقار الأمريكي لكل حقوق وآمال وأهداف الشعب العربي الفلسطيني، وتسليم كل فلسطين العربية إلى كيان صهيوني استعماري اجتثاثي، وأن يسمعوا يوميا عن شتى فضائح التطبيع المجنون المخزي، بين هذا البلد العربي أو ذاك، والكيان الصهيوني، ولأسباب انتهازية ضيقة مؤقتة، ومن أجل استدرار الرضى الأمريكي الذي يقهقه ساخرا وهو يرى التخبط العربي والتسابق البليد للحصول على كلمة مباركة، أو ابتسامة ساخرة من رئيس نرجسي جاهل تحركه وتسيطر على عقله أوهام توراتية أسطورية؟ هل يعقل أن تقبل كل تلك الجهات بكل ذلك؟
إذا كانت هناك جهات في تلك المؤسسات العربية المشتركة، تعرف الجواب على هذا التساؤل المحير الموجع، فلم لا تشير إلى مسببيه الحقيقيين في إحدى جلسات تلك المؤسسات، وتطالب بالعمل الجمعي لأيقاف من يعبثون بمصير هذه الأمة؟ بجانب كل العلل التي أصيبت بها أمتنا عبر العصور، هناك الآن مرض سرطاني مميت يعيش في الجسم العربي ويهدده بالموت المؤكد. كما توجد أياد عربية تمنع معالجة ذلك المرض، لأنها تقتات على وجوده. لن ندخل اليوم في موضوع النوم العميق لمؤسسات المجتمع المدني السياسية، خارج الحكم، وهي تشاهد كل ذلك. ولا يمكن لأحد أن يقنعنا بأنها تحرك ساكنا مفيدا، غير إصدار البيانات المعادة المملة. نعلم أننا نمارس الصراخ في وادٍ لا يسمع ولا يشعر، لكننا نعلم يقينا بوجود قوة في هذا الوادي المقفر، قوة ستسجيب لنداء التاريخ، وستبهر العالم كله.
كاتب بحريني
منذ أن ولدت وقد بلغت الستين من عمري وأنا أقرأ وأسمع وأشاهد وأكتب عن إنحطاط أمتنا العربية والإسلامية منذ سقوط آخر خلافة إسلامية ومازلنا في إنحطاط إنحطاط وإنحطاط لا يتوقف بل يزيد ويزيد أكثر إنحطاطاً كل ساعة وكل يوم رغم التضحيات ورغم الشعارات والأكثر ألماً توافر الثروات ولكن تبعثرت في إراقة دم الشهداء والقتلي والخراب والدمار علي أي حكام وجيوش عربية
ورغم كل ذلك لايزال عندي يقين في أن كل ذلك سيزول إن شاء الله قريباً وفقط عندما يأتي بقوم يحبهم ويحبونه أذلة علي المؤمنين أعزه علي الكافرين يجاهدون في سبيل الله ولا يخافون
قد يكون هذا هو الجواب الذي يستكمله الكاتب في آخر مقاله
استاذنا الكبير الرائع علي فخرو
يقال إذا كنت تعلم فتلك مصيبة وإذا كنت لا تعلم فالمصيبة اعظم. وجزما أن النخب السلطوية العربية تعلم تماما الوضع ولكنها إما عاجزة عن اتخاذ اي قرار أو أنها ارتضت لنفسها المهانة كأفضل حل للبقاء. وما يحدث حاليا في العالم العربي هو نسخة جديدة من مسرح اللامعقول. فلا حياة لمن تنادي، جلود كجلود التماسيح لايؤثر فيها شيء..