منذ أن أغوى رأسَه بـ«العصفِ»
حتى أطلق ساقيه لريحِ المعنى،
كان اسمه يُكدّسُ الأساطير، ويمنح «دم الذبيحة» سحرَه المقدّس،
لذا ظلّ مكشوفا للأخطاء والعابرين، وصنّاع الحرائق الصغيرة..
الاسمُ مفتتحٌ للمعنى أو للذبحِ، أو للغواية،
يكشفُ لنا سيرةَ أسماءِ القتلى، يشحذُ لها
الكلامَ
على طريقة السيّافِ،
لا تنتهي الحكايةُ حتى يضحكُ كثيرا على ما تفعلُه
الأسماءُ الصاخبةُ والعاطلةُ،
الأسماءُ التي أيقظها الثوارُ عند حافةِ الفكرةِ،
أو تركها السيّافُ عند حافةِ المقصلة..
أنا أقرأهُ مثل لوحٍ أسطوري، أشاطره نزفَ المعنى،
لكني أخشى أسحارَه البلاغية،
إذ كثيرا ما يُقشّر الأبجديةَ، ويتركني للاستعاراتِ المُفخخةِ.
«هذا هو اسمي» هكذا يُصرّحُ أدونيس،
يتغوّى به، يمنحه سرَّ الأقنعة والأحجيةِ،
يحمله قيدا أو ضوءا،
ويُحرّضنا على ارتكاب الأخطاء النبيلة،
في الطريق إلى المعنى، لم يشأ أن يقلّب «تاريخه المقتول»
إذ هو تاريخُ الأرضِ والسلالةِ والنساءِ المسبيات،
ويرمي له تاريخَ المرآة بحجر، يُساخره مثل خدعةٍ طائشة،
مررها الملوكُ/ الرؤساءُ/ الفقهاءُ ذات حربٍ طائشةٍ أيضا..
كنّا مخدوعين كثيرا، نلتذُ بخدعتنا، نبكي موتانا الأسطوريين،
نبكي مدنا وممالكَ ضائعةً،
يهجرُنا المعنى، أو نهجره مثل الأطفالِ،
لكنّ اللغةَ كانت قرصاناً أعورَ، أغوى البحارةَ والبحرَ،
وأطلق للريحِ حكاياتٍ غاويةً عن مدنٍ لا تغفو عند خطيئات الليل،
إذ تنفرُ مثل لصوصِ المعنى، تُخادعُ المُقدّسَ بالخطايا،
و«خوذة السيّاف» برائحة الأنثى…
لقد تركتْ الحربُ/ المدن
والحربُ/ الطوائف أسماءَنا متعثرةً بالتأويل،
والفراغاتِ الفاضحةِ، فما عدنا نملكُ سوى «أساطير الجند»
وتعازيم الطين..
«هذا هو اسمي» لعبةٌ فادحةٌ في الفضائحِ، وسقوطٌ للأعلى،
إذ يوهبُ تعويذةُ الخلاصِ، وحكايةُ النظائر والأقنعة والتوريات.
أنا «عليُ بن يقطين» وأنت «عليُ بن سعيد»
كلانا خارجانِ من الغوايةِ إلى الاستعارةِ،
من سعةِ الفكرةِ إلى ضيقِ العبارةِ،
ألبسُ قناعَك، فاتوهمُ الطرقَ غاويةً،
أخلعهُ فأوهمَ نفسي بالطيران..
الأسماءُ سماواتٌ أو سيطراتٌ للمعنى القاتل، أو للمعنى الباذخِ،
أو للمعنى المكشوف على آزفة التأويل..
يا ابنَ سعيد.. أعرفُ أنكَ لا تصنع المدائحَ، تشتري التاريخَ بالخردة،
إذ تكرهُه مثل ظلكَ في المرآة،
تعانده مثلَ شيخٍ رمم السنواتِ بالترياقِ، فاطلقَ عقيرتَه للغناءِ البليلِ
والشجاعة الباسلة..
اسمي يا ابنَ سعيد يشبهك كثيرا،
وربما أنا أشبهكَ كثيرا،
أحمل معي زوادةً وأسلحةً وأساطيرَ وكيسا من المراثي،
لا استترُ عن المعنى، فأنا عالقٌ بالغوايةِ، أبادله الفضائحَ، وأكشفُ له
عن أخطاء الجنرالاتِ والشعراء والعيارين.
لا أوهم الحشودَ بالثورات الصاخبة جدا،
لكني لا أصدّق أيضا أسطورة السلحفاة،
لذا أتقصى اسمكَ/ أو اسمي
أتقنّعه، أُشطارُه لعبةَ البلاغةِ والفصاحةِ والتوريةِ،
كي أتحسسَ ترياق الفكرةِ، وسحرَ العبارة،
وغواية الرؤيا..
أعرفُ أنكَ تناورُ على طريقةِ الشطّار، تُدجج المدينةَ
بالمجازات، بالأحاجي، لتمحو بالأسئلةِ ما غابَ عن الفكرةِ،
لكنكَ « تُعطي للنار» شهوة الخلقِ، ليكون الجسدُ خالقا، والأنثى صالحة للخصبِ، والقرطاسُ مكشوفا للمحو والتدوين،
أراهنُ على اسمي/ اسمكَ
أتوهمه حصنا للأساطير، لا يشبهُ أقنعةَ اللصوص،
هو مسكونٌ بأبهّة السلالة، له ديّة المقتولين منذ السقيفة،
يشاطرنا حكمةَ السجال،
ويقظةَ الجمر،
ويقظةَ المعنى..
فأنا أتوهمه الشاهدَ والخالقَ والرائي،
لذا أنحازُ إلى اسمكَ القديمِ، أتغوى بجذره المقتولِ، والواقفِ في
حنجرةِ الوقتِ أبدا…
كاتب وشاعر عراقي