رام الله- غزة- “القدس العربي”:
لا يزال المستوطنون وسلطات الاحتلال يستغلون حالة الطوارئ القائمة في المناطق الفلسطينية، والتي يلتزم فيها السكان منازلهم، للوقاية من فيروس كورونا، ليصعدوا هجماتهم الممنهجة ضد الأراضي الفلسطينية، التي وضعت سابقا ضمن مخططاتهم الهادفة للسيطرة عليها، وتحويلها لتكون جزءا من المستوطنات، وذلك في الوقت الذي تتجه فيه أحزاب إسرائيل التي تنوي تشكيل الحكومة الجديدة، لتنفيذ مخطط ضم المستوطنات ومنطقة الأغوار، بدعم من الإدارة الأمريكية.
وفي تقرير أصدرته منظمة “بيتسيلم” الحقوقية الإسرائيلية، ذكرت أنه في أوج وباء “كورونا” والعمل على محاربته، ارتفعت بشكل حاد أعمال عنف المستوطنين ضد السكان الفلسطينيين ومنازلهم، ويؤكد التقرير أنه في حين أن ملايين البشر في إسرائيل والضفّة الغربيّة يلتزمون منازلهم، “يتواصل عُنف المستوطنين برعاية الدولة”، ويشير التقرير إلى أن المستوطنين “يهاجمون الرعاة في المراعي ويغيرون على القرى الفلسطينيّة ويعتدون على السكان ويُتلفون ممتلكاتهم”.
ويؤكد التقرير أن العديد من الهجمات الأخيرة التي نفذها المستوطنون، ضد منازل فلسطينيين تواجد خلالها جنود أتاحوا للمستوطنين أن يفعلوا ما يحلو لهم، وانشغلوا في إبعاد الأهالي بالذات، رغم أنهم خرجوا لحماية منازلهم وعائلاتهم، ويشير إلى أن “عنف المستوطنين تجاه الفلسطينيين أضحى منذ زمن جزءا لا يتجزّأ من روتين الاحتلال”.
وقد أكد ذلك أيضا، رئيس أساقفة سبسطية للروم الأرثوذكس المطران عطا الله حنا، بقوله في تصريح صحافي، إن سلطات الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس خاصة، وفي باقي الأراضي المحتلة عامة، تستغل الانشغال بوباء “كورونا” لفرض وقائع جديدة على الأرض، من خلال تمرير المشاريع الاستيطانية وسياسة العنصرية الإقصائية التي تستهدف مدينة القدس، والأراضي الفلسطينية، داعيا لليقظة والحذر لما يخطط له الاحتلال.
من جهته حذر أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير صائب عريقات، من عواقب قرار الاحتلال ضم أراض فلسطينية محتلة، والآثار التدميرية المترتبة على أمن واستقرار المنطقة وعملية التسوية المتعثرة، بسبب الإجراءات التي تتخذها السلطات الإسرائيلية من جانب واحد.
والإثنين، وجّه الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، رسائل إلى عدد من المسؤولين الدوليين، حول خطورة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية في ظل وباء “كورونا”، خاصة في ضوء مؤشرات متواترة تُفيد بقيام الاحتلال بتوظيف الأزمة من أجل تحقيق مخططاته بضم أجزاء من الضفة الغربية، وتوسيع الاستيطان، وإحكام السيطرة على سكان القدس الشرقية.
وذكرت وكالة الأنباء الفلسطينية، أن أبو الغيط، حذر في رسائل وجهها إلى السكرتير العام للأمم المتحدة، ووزراء خارجية كل من الولايات المتحدة، وروسيا، وفرنسا، وبريطانيا، والصين، وألمانيا، والممثل الأعلى للسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، من توجه خطير وواضح لدى القيادات الإسرائيلية، خاصة من “حزب الليكود”، باستغلال الظرف العالمي الطارئ والمتعلق بمواجهة وباء كورونا، من أجل تكثيف التوسع في البؤر الاستيطانية ومحاولة فرض واقع جديد على الأرض خاصة في القدس الشرقية ومحيطها.
ويأتي ذلك بسبب الدعم الكبير الذي تقدمه الأحزاب الإسرائيلية التي تنوي تشكيل الحكومة الجديدة، للاستيطان ومخطط الضم، مستفيدة بذلك من الدعم الأمريكي اللامحدود، لإقرار خطة ضم المستوطنات ومنطقة الأغوار الفلسطينية.
ويؤكد تقرير أصدره المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، التابع لمنظمة التحرير الفلسطينية، أن مخططات الضم لم تعد تشكل عقبة في وجه فرص تشكيل حكومة اسرائيلية جديدة، حيث تفيد أحدث المعلومات بشأن احتمال تشكيل حكومة إسرائيلية بأن حزب “الليكود” بقيادة بنيامين نتنياهو، وحزب “أزرق أبيض” بقيادة بيني غانتس، قد اتفقا على فرض السيادة الإسرائيلية على أراض فلسطينية في الصيف المقبل.
وأشار التقرير إلى أن ذلك يزيل عقبة في طريق تشكيل الحكومة الاسرائيلية، حيث يقضي الاتفاق بفرض الضم الإسرائيلي على غور الأردن وشمال البحر الميت من خلال حوار مع الإدارة الأمريكية والمجتمع الدولي ، لافتا إلى أن الحديث يدور عن موعد 10 يوليو القادم لإعلان الضم، بدعم من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويستند التقرير الذي أصدرته أحد المراكز التابعة لمنظمة التحرير، إلى أن حكومة الاحتلال الاسرائيلي تستغل ظلال عدوى “كورونا” وتستعد لعملية الضم وسط عدم اكتراث محلي ودولي بهذه القضية السياسية بسبب الانشغال بالوباء، حيث جاء التقرير على المكالمة التي أجراها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، مع رئيس مجلس المستوطنات في الضفة الغربية دافيد الحياني، والتي وعده خلالها بإقرار السيادة الإسرائيلية على غور الأردن في الضفة الغربية وشمال البحر الميت، ومن ثم ضم هذه المنطقة في غضون الشهور القليلة المقبلة.
ويوضح التقرير، أنه في الوقت نفسه توشك واشنطن وتل أبيب، حسب رونين بيرتس مدير عام ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية، على الاتفاق بشكل نهائي على خريطة المناطق في الضفة الغربية التي سيتم ضمها إلى إسرائيل.
وفي هذا السياق، يواصل الفريق الأمريكي الإسرائيلي الذي يقوده السفير الأمريكي ديفيد فريدمان ووزير السياحة الإسرائيلي يريف ليفين، العمل في هذه الأيام من أجل إنجاز الاتفاق. وقد قال بيرتس خلال مقابلة مع إحدى الصحف الإسرائيلية، إن الفريقين يناقشان حالياً بعض الملاحظات والتعديلات التي ترى إسرائيل وجوب إدخالها على الخريطة الأصلية التي وردت في الخطة الأمريكية المعروفة بـ”صفقة القرن”، والتي تشير إلى المناطق التي يجوز لإسرائيل ضمها، موضحا أن الحديث يدور عن تعديلات بسيطة تتعلق بمصير بعض الشوارع التي يسلكها المستوطنون داخل الضفة، منبهاً إلى أن إسرائيل تصر على ضم الشارع الالتفافي الذي يستخدمه المستوطنون الذين يقطنون في المستوطنات التي تقع جنوب مدينة نابلس، والمعروف بـ”التفافي حوارة”.
ولفت إلى أن الفريق الإسرائيلي يقدم ملاحظاته على الخريطة الأمريكية بعد التشاور مع رؤساء مجالس المستوطنات في الضفة، مشدداً على أن ديوان نتنياهو يعمل مع مجالس المستوطنات بشكل وثيق ودائم حتى في هذه الأيام، ويؤكد المكتب الوطني لمقاومة الاستيطان، أنه استنادا إلى عمل الفريق الأمريكي الإسرائيلي هذا، تواصل إسرائيل تنفيذ مخططاتها المتمثلة في البناء في المناطق الاستراتيجية داخل الضفة، لا سيما مشروع “E1”، الذي يربط بين القدس ومستوطنة “معاليه أدوميم”، والذي سيؤدي إنجازه إلى فصل جنوب الضفة الغربية عن شمالها.
ويشير إلى أن إسرائيل أحدثت طفرة كبيرة في المشروع الاستيطاني في الضفة الغربية خلال العامين والنصف الماضيين، فقد تم خلال هذه الفترة الشروع في بناء 15 ألف وحدة سكنية، إلى جانب صدور قرار ببناء 10 آلاف وحدة أخرى تم إضفاء الشرعية على عدد كبير من البؤر الاستيطانية التي أقامها المستوطنون في الضفة الغربية من دون الحصول على إذن الحكومة والجيش، وأن المستوطنين الذين يعيشون في هذه النقاط باتوا يتمتعون بالمكانة ذاتها التي يتمتع بها أي إسرائيلي.
ويقول إنه في الوقت الذي يواصل العالم انشغاله بالحرب على وباء “كورونا” وسط مخاوف من توسع انتشاره، تواصل اسرائيل حربها على الفلسطينيين بالمزيد من النشاطات والمخططات الاستيطانية، حيث تخطط الحكومة الاسرائيلية للاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي الفلسطينية شمال مدينة القدس وتعمل على توسيع المستوطنات القائمة في المنطقة، وفرض وقائع جديدة يصعب تغييرها في المستقبل، حيث قامت في بداية شهر مارس الماضي، بطرح مخطط بناء مستقبلي يهدف لتوسيع مستوطنة “كوخاف يعقوب” الواقعة شمال القدس وخارج حدود بلدية القدس، على مساحات واسعة من الأراضي وبناء نحو 3541 وحدة استيطانية جديدة على الأراضي المحيطة بالمستوطنة والتي تعود لبلدات وقرى كفرعقب برقة ومخماس، في خطوة من شأنها تقويض التواصل الجغرافي لهذه التجمعات الفلسطينية.
وفي تصعيد خطير وخلال التزام المواطنين الفلسطينيين بالحجر المنزلي منذ إعلان حالة الطوارئ، وسّع جيش الاحتلال والمستوطنون هجماتهم على الأهالي في المدن والقرى الفلسطينية، وسط تجاهل كامل لمخاطر نشر العدوى بفيروس “كورونا”، كما قام الاحتلال والمستوطنون بشن هجمات تمثلت في تجريف أراضٍ زراعية واقتلاع أشجار، ووضع مخطط لبناء سكة حديد قرب الأقصى، علاوة عن هدم منازل ومنشآت زراعية، وشق طريق استيطاني جديد.