هكذا تكلم أبو مازن لكيري

حجم الخط
0

تعلم أبو مازن شيئا من نتنياهو ومن عدد من رؤساء وزراء اسرائيليون سبقوه: وهو أن لا يُقال لا لوزير خارجية امريكي متحمس مركز طموح، وألا يُقال لا بصراحة على كل حال، وقد حرص أبو مازن في احاديث مع اجانب في نهاية هذا الاسبوع ايضا على أن يؤكد الجانب الايجابي في جهود الوساطة الامريكية. يطلب نتنياهو أن تكون الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، يقول. وأنا اؤيد ذلك فليست بي أية حاجة الى جيش لأنه اذا انشأنا جيش فسينقلب علي آخر الامر، فتكفيني شرطة مدنية كما هي الحال اليوم.’
ونتنياهو يطلب فترة انتقالية طويلة حتى التنفيذ النهائي، يقول. وقلنا إنه تكفي ثلاث سنوات، وأنا الآن مستعد لخمس سنوات. واسرائيل والاردن تخشيان ما سيحدث في غور الاردن، حسن. وأعارض أن توضع قوة دولية كقوة من الاردن وحلف شمال الاطلسي مثلا، في غور الاردن بعد الفترة الانتقالية وتبقى هناك الى الأبد.
لن أعلن اعترافا باسرائيل دولة يهودية، يقول، لكنني أبقي بين السطور مكانا لتفكير خلاق. فقد تحدث قرار التقسيم الذي صدر عن الامم المتحدة في تشرين الثاني 1947 القرار 181 عن دولة يهودية ودولة عربية تنشآن في ارض اسرائيل. وتبنى عرفات القرار وكرر هذه الجملة بصوته. وقد يصبح عرفات الدرع الواقية التي تُمكن أبو مازن من الاستجابة للطلب الاسرائيلي دون أن يعرضه جمهوره على أنه خائن. وهو يقبل ضمنا مخطط كلينتون بشأن القدس بأن تكون الاحياء اليهودية وراء الخط الاخضر تحت سيادة اسرائيل؛ وتكون الاحياء العربية تحت سيادة فلسطين. لكنه يصر على أن يكون شرقي القدس عاصمة الدولة الفلسطينية ويشمل ذلك الحوض المقدس والاحياء حوله لا ما يحب الاسرائيليون أن يسموه ‘القدس الكبرى’.
وتبنى فيما يتعلق بمستقبل المستوطنات ايضا موقفا محنكا يُمكنه من حرية الحيلة وهو يقول لنصغ أولا خط حدود متفقا عليه. وفي المرحلة التالية تستطيع اسرائيل أن تبني في كتلها الاستيطانية كيفما تشاء؛ وتُجمد البناء في المستوطنات شرقي هذا الخط، ويُحدد مستقبلها بالتفاوض بعد ذلك.
وهو يصر على أن تحصل الدولة الفلسطينية في تبادل الاراضي كما وُعدت على ‘ارض مساوية بالمساحة والجودة ايضا’. وحينما يُذكرونه بمبلغ صعوبة الوفاء بهذا الوعد يُبين أن ليست الشهوة الى الارض هي التي توجهه بل الرفض الاسرائيلي لتحقيق حق العودة لأنه اذا كان يفترض أن تتلقى الدولة الفلسطينية 300 400 ألف لاجيء فيها فهي محتاجة الى ارض، يقول.
في الوقت الحالي قُبيل انقضاء الموعد الذي حدده كيري لنفسه، أصبحت اللعبة تجري في ملعبين في نفس الوقت. في أحد الملعبين تجري لعبة اتهام وهي كيف يستطيع كل طرف أن يضائل الضرر الذي سيصيبه في غد تفجير المحادثات؛ وتجري في الملعب الثاني لعبة الاتفاق وهي كيف يستطيع كل طرف أن يدفع قدما بمصالحه في الوثيقة التي سيصدرها الامريكيون. إن احتمالات النجاح غير كبيرة لكنها أكبر كثيرا من التقديرات التي صاحبت المحادثات منذ بدأت.
كان يبدو في الاشهر الاولى من بعثة كيري أن الرئيس اوباما الذي خبر الاخفاقات في ولايته الاولى، ينأى بنفسه عن التفاوض. وقد يكون حدث تغيير في هذه القضية المهمة ايضا، فقد بين أحد كبار مسؤولي الادارة في الماضي زارنا هنا في الاسبوع الماضي، بين أن اوباما يريد في السنوات الثلاث الباقية أن يحصر عنايته في تراثه. وهو متجه الى اليسار في الحزب الديمقراطي الذي يولي احراز اتفاق بين اسرائيل والفلسطينيين أهمية كبيرة.
إن تأييد الرئيس يعطي وعود كيري قوتها ويعزز تهديداته، فحينما يحذر اسرائيل من مقاطعة دولية كما حدث مع جنوب افريقيا يعلم ما الذي يتحدث عنه. وأنه يكفي أن يقول في حال الفشل إن الولايات المتحدة تنفض يدها من المسيرة أو أخطر من ذلك أنه خلص الى استنتاج أنه لا سبيل الى التوصل الى حل الدولتين لجعل اسرائيل في نظر جزء كبير من الغرب تشبه جنوب افريقيا ذات نظام الفصل العنصري.
سأله اسرائيلي التقى معه في دافوس هل شعر بالاهانة بسبب النعوت التي ألصقها به بوغي يعلون، وزعم أن لا، وقال ‘حينما كنت حاكم ولاية ماساشوسيتس تلقيت اهانات اسوأ كثيرا’.

‘يديعوت 3/2/2014

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية