هكذا يقصي غانتس “المشتركة” ويخلّص إسرائيل من “لاسامية العرب وقوميتهم المتطرفة” 

حجم الخط
0

كل من له عينان في رأسه فهم بسرعة بأن غانتس ما كان بمقدوره أن يشكل حكومة ويحقق الوعد الأكبر لناخبيه: لن تكون هناك انتخابات رابعة، وحكومة بدون بيبي. وكل شيء يبدأ بالحقيقة البسيطة التي حاولوا التنكر لها بأن “أزرق أبيض” أخفق بثلاثة مقاعد في التنافس مع الليكود، وانتهت بذلك حربه العالمية. في البداية حاولوا أن يعزوا هذا إلى أحابيل بيبي، ولكن الواقع انتصر.

يخيل إليّ أن المسائل الأساس التي كانت في هذا الوضع أمام غانتس وحزبه هي الآتية: أيهما الأهم كراهية هذا الرجل أم مصلحة الدولة؟ هل يعدّ نكث الوعد أهم من إخراج الدولة من الأزمة الرهيبة التي تعيشها والتي تشق صفوف الشعب بلا أمل في الصلاح؟ هل نواصل في زمن الحرب معارك الفئوية السياسية الصغيرة ونترك الدولة بلا ميزانية؟ هل يُعنى معظم الجمهور وأولئك الذين انتخبوني بلوائح اتهام نتنياهو ومحاكمته، أم بوجودهم الجسدي والاقتصادي؟ أين سأساهم للدولة أكثر: بكوني داخل الحكومة أم خارجها. متى يصبح احتمالي هو الأكبر كي أكون رئيس وزراء وأسقط نتنياهو: عندما يكون هناك اتفاق مضمون في ذلك، أم حين أواصل المعارك السياسية بحثاً عن رئاسة وزراء في إطار الغيب؟

أعترف بأنه عندما حسم غانتس وملأت الشتائم التقليدية الهواء، نمتُ بشكل أفضل في الليل بعد ليال طويلة من القلق، فما بالك أنه تبين لي في الصباح أن ديمقراطيتنا لم تمت. أخيراً ستكون لنا حكومة على ما يبدو، بعد ثلاثة حملات انتخابية. لماذا ينبغي لها أن تكون منتفخة هكذا؟ جنون. ولكن على الأقل هناك حكومة واسعة، تشكل كابينت حربياً منسقاً لكورونا مع هيئة أركان مهنية تجند كل مقدرات الدولة لهذه الحرب.

برأيي، إن الناتج الأهم لحسم غانتس، فضلاً عن مجرد تشكيل الحكومة، هو وبضربة واحدة أنهى التعاون بين حزب صهيوني وقائمة مناهضة لإسرائيل، لاسامية، قومية فلسطينية متطرفة، غايتها تقويض دولة إسرائيل كدولة يهودية، كدولة الشعب اليهودي. إن الفكرة الشوهاء المتمثلة بتشكيل حكومة أقلية متعلقة بمثل هذه القائمة شطبت تماماً عن جدول الأعمال. وكان واضحاً بأنه لا توجد أصوات كافية لحكومة أقلية، وكانت “المشتركة” حينئذ هي الأداة الأساس لـ”أزرق أبيض” لخلق أغلبية 61 من أجل “احتلال” الكنيست، ومحاولة إجازة قوانين تلقي إرادة ملايين الناخبين إلى سلة القمامة.. كان هذا أمراً مشوقاً! أما الآن فهم في المعارضة. في إطار المحاولة “لتبييض” خطايا “المشتركة”، طرحت الحجة بأن الاعتراض على الشراكة مع “القائمة” هو ضرب من العنصرية، لأنها تمثل 20 في المئة من سكان الدولة، وهم يستحقون المشاركة بمنظومات الحكم فيها. وبعنصريتكم في معارضة “المشتركة” الإشراك في الائتلاف فإنكم تشطبون الحقوق المدنية لأولئك المواطنين العرب.. هذه هي الحجة وهي مغلوطة من أساسها. لماذا؟ عندما كان حزب العمل اليهودي في المعارضة لسنوات طويلة وليس في الائتلاف، هل شطبت الحقوق المدنية لمصوتيه؟ بالتأكيد لا. فلماذا تطرح هذه الحجة السخيفة حول “المشتركة” حين تكون في المعارضة؟

ليس هذا فقط: إن الائتلاف لا يقبل حزباً يرفض الاندماج في دولة يهودية. وعلى أي حال، إذا ما قام حزب عربي يخط على علمه هدف الاندماج في دولة يهودية في ظل الحفاظ على ثقافتها ودينها، فهذا حزب ينبغي تشجيع إقامته. وسيكون له بالتأكيد مكان في الائتلاف، مثلما سيكون له في الحكومة مكان لوزير عربي لا ينتمي لأحزاب “المشتركة”.

بقلم: عاموس جلبوع

معاريف 2/4/2020

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية