كان برنامج “نرى العالم” ليعقوب احمئير، برنامج أخبار دولية، فقيراً تقريباً ومثيراً للغضب أحياناً. مع ذلك، شاهدتُه بشكل متواصل لعشرات السنين. لقد كان ملاذي من سخافة برامج الأخبار الأخرى، ومن تحيزها ومن غسل الأدمغة. إن إلغاء هذا البرنامج لا يعتبر كارثة مثلما تصف الشبكات الاجتماعية ذلك، وليست له أي صلة بموقف احمئير اليميني، مثلما ادعى رئيس الحكومة. ولكنه جزء من التغيير العميق والمقلق: إسرائيل فقدت الاهتمام بما يجري في العالم. إذا لم يكن ذلك لاسامية ولم يكن هناك يهود أو إسرائيل، فلا يوجد عالم. على كل الأحوال، كل العالم ضدنا. فلماذا نهتم به. وعلى كل الأحوال، نعرف كل شيء بصورة أفضل، الشعب المختار، نحن الضوء للأغيار، شعب الهايتيك وجوائز نوبل. إذاً ما شأننا والعالم الآن؟
قبل بضعة أيام على إلغاء برنامج “نرى العالم” أوقفت شبكة “هوت” نقل بث الأخبار العالمية لـ بي.بي.سي. هذا القرار المثير للغضب والفضائحي ترك مستخدمي “هوت” دون أي شبكة دولية باستثناء الـ سي.إن.إن التي هي أمريكية جداً. أما قناة “الجزيرة” بالإنكليزية، فقد ألغتها “هوت” منذ زمن. إن استخفافها بزبائنها هو الموضوع الأساسي. إلغاء القناة البريطانية سبقه خبر أن “شبكة بي.بي.سي ستتوقف عن البث في 31 كانون الأول”. هيئة الإذاعة البريطانية لم تتوقف عن البث بالطبع. إنما “هوت” المغرورة وضيقة الأفق التي تعتقد أن زبائنها جهلة، أوقفت بث الـ بي.بي.سي. دون قناة “الجزيرة” والـ “بي.بي.سي” لم يعد في عالمنا إفريقيا أو آسيا. لا يوجد عالم ثان أو ثالث. بصعوبة هناك ما سنفعله بين برلين ونيويورك، بالأساس في كل ما يتعلق بمركز العالم، إسرائيل. هكذا يربون على الأفق الضيق والجهل، ويقدمون وجبة أخرى من القومية المتطرفة من البوابة الخلفية.
“هوت” و”كان 11″ عرفتا كما يبدو ما تفعلان. فما يجري في العالم ليس له طلب في إسرائيل، باستثناء البرنامج اليومي الممتاز لموآف فاردي (كان 11) والتغطية المستمرة والجيدة لعراد نير (القناة 12) ونداف ايال وعمانوئيل الباز فلبيس (القناة 13)، فإن الإسرائيليين تقريباً لا يطلعون على ما يجري في العالم غير المرتبط بإسرائيل. والرأي السائد الذي يقول بأن عالماً ليست إسرائيل في مركزه فهو عالم غير موجود ولا يحركه اليهود، ينبع أيضاً من هذه التغطية. منذ زمن تحولت الأخبار في التلفاز إلى أخبار تسلية، يتم افتتاحها ببضع دقائق من التقارير السياسية والشائعات السياسية المحلية والكوارث التي يتم تضخيمها وبضع قصص بطولة لجنود، ومن ثم نصل إلى أسعار الرحلات وأسعار العطور مقارنة بأسعارها في لندن.
استمعوا إلى انطباع الإسرائيليين عند عودتهم من السفر: كم كلفني هذا وكم سيكلفك. أما الاحتفال بتدشين الرحلة بعد الجيش فلا يوسع أفقهم: استمعوا للشباب عند عودتهم. لا توجد للأغلبية الساحقة أي فكرة عن المكان الذي كانوا فيه. يتراوح انطباعهم بين الحمص والشنيتسل في بيت حباد، وبين الاحتفال بالقمر الكامل في جاوا، مع القليل جداً من الاهتمام بالدول التي زاروها وعرفوا عنها
“نرى العالم” كان طائراً غريباً بدرجة ما، وصاغه احمئير على صورته. الحاصل على جائزة إسرائيل والذي من المشكوك أنه سجل في حياته المهنية الطويلة إنجازاً واحداً يبرر حصوله على الجائزة. لقد قدم برنامجاً أظهر العالم بالفعل، ولكنه لم يفوت أي فرصة لإدخال حب إسرائيل والخوف من اللاسامية إلى برنامجه. لقد كان لنا برنامج دولي واحد جدير، ودائماً ظهر فيه قس مشوش يؤمن بوحي الشعب اليهودي وهو عضو في الكونغرس ويحارب حركة الـ بي.دي.اس بكل قوته، وهو قومي متطرف جداً، احمئير وحده من عرف اسمه، يعتقد أن إسرائيل هي منارة للعدالة، أو لعله مفكر يعتقد بأن كل شيء لاسامي. هذا هو الثمن المطلوب من المشاهد كي يرى تقارير تم شراؤها من شبكة التلفاز الأسترالية والشبكة الفرنسية الناطقة بالإنجليزية و”60 دقيقة”. الآن، ذلك انتهى أيضاً. وقد بقينا مع الفياضانات في نهاريا ومع مساعد دافيد بيتان.
بقلم: جدعون ليفي
هآرتس 12/1/2020