سألني أحد الأطفال المبدعين قبل أيام بحسرة كبيرة عن تفسيري لارقام تشير إلى أن إنفاق الأمة العربية على التدخين سنوياً يصل إلى نصف ترليون دولار، بينما تكلف وكالة الفضاء الأمريكية خزينة الولايات المتحدة الأمريكية سبعة عشر مليار دولار فقط؟ مستطردا بالقول: كم من وكالة فضاء كنا نستطيع أن نبني؟
استحضرت في مخيلتي وأنا أحاول أن انفض غبار اليأس عن كاهل هذا الشبل الفلسطيني الواعد كل الأرقام الصادرة عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي للعام 2003، وفي العديد من التقارير التي تلته والتي أشارت إلى ضحالة أنظمة التعليم في العالم العربي، وضعف الإنفاق على البحث العلمي والمسيرة التعليمية، وشح المنشورات العربية البحثية، وغياب الترجمة الحقيقية للكتب العالمية مقارنة مع دولة كإسبانيا، وندرة الابتكارات العلمية مقارنة مع إسرائيل وغيرها من أرقام الإدانة.
فكرت ملياً بحقيقة أن سعر طائرة واحدة من طراز اف 16 الأمريكية المقاتلة يكفي لحل مشكلة الري في جمهورية مصر العربية، وأن سعر طائرتين من نفس النوع يوفر ثمن التطعيمات اللازمة للأطفال العرب لمنع انتشار الأمراض السارية والمعدية. المال الذي يخصص وينفق من الموازنات العربية على الأسلحة والأمن بمقارنته نسبياً مع الأموال المخصصة للتعليم والصحة كان أيضاً حاضراً في الذهن أثناء الإعداد للإجابة.
الطفل انتظر الرد مني، وأنا أراجع في مخيلتي مسيرة الأحداث بعد الحادي عشر من أيلول/سبتمبر 2001، وهو التاريخ الذي غير العالم فأوصلنا إلى العالم الذي غير التاريخ، العالم الذي استحدث مفهوم الفوضى الخلاقة، واعلن الحرب على الإرهاب وغزا أفغانستان والعراق، والعالم الذي شهد صامتاً الاجتياحات الإسرائيلية للمدن الفلسطينية، وعاصر رحيل ياسر عرفات وشهد ولادة جدار إسرائيل العنصري واستفحال مشروعها الاستيطاني السرطاني، وصعود نجم الإسلام السياسي وحرب لبنان والانقسام الفلسطيني والحروب المتتالية على غزة، وولادة الربيع العربي وتغيير أنظمة الحكم التقليدية وقتل مئات الآلاف بكافة صنوف السلاح وصولاً إلى الكيماوي منها.. والعالم الذي يقرع اليوم طبول الحرب ويرتب بقية طبوله لحروب قادمة.. العالم الذي دون الدمار والموت ضد مجهول، بينما دون الحياة والكرامة والآدمية حقاً لحفنة من البشر.
كوارث الكون اجتمعت على جغرافية العرب فجاءت بهذا الطفل السائل عن كرامة العرب، وعما إذا كنا قد أصبحنا أمة ضائعة؟
حقيقة لا أكتب هذه الكلمات معتزاً بما يرد فيها من حقائق محزنة أودت بحالنا العربي اليوم إلى التيه، بل منبهاً لمآل الأمور لو أن ضبطاً للانهيار القائم لم يحصل يوماً ما، ومدى وقع ذلك على اجيالٍ ستتبع جيلنا وجيشٍ قائم من البشر.
ولأننا نحب جميعاً الحياة ونرفض الاستسلام والهوان ونكره الظلم والقتل والاحتلال والفقر والجوع والتركيع والبؤس والجهل والدمار وآلات الموت على تعددها، ونرفض الانتحار أمام انكسار مجتمعاتنا وتقهقر إرادتها، لم أجد ما يسعفني رأفة بالقلب اليافع وقلوبٍ كثيرة من أبنائنا الشباب الذي ملّ انتظار إجاباتنا تماماً، كما مل صديقنا الشبل إلا أن أقول: إن أمة لم يهزمها اليأس رغم كبواتها المتتابعة لن يكون من الممكن هزيمتها أبداً.. هل هذا شعار؟ أم منطق؟ أم جرعة من البنج المعنوي؟ الأيام بيننا وغداً لناظره ربما قريب…
‘ كاتب فلسطيني
العرب يغلب على الفرد منهم حب الأنا. الأنا هي مدمرة العرب في غياب “مكارم”
الأخلاق والإيثار وحب الخير للأخر. كل لا تهمه إلا نفسه. وذاك داء استفحل بين العرب ولا يمكن إصلاحه إلا بتضمين المصلحة “الخاصة” ضمن المصلحة العامة بدون شعور وبدون وعي من الفرد. فعلى سبيل المثال لو ضحت أي دولة بحفر آبار مياه حيث لا تتوفر أودية وأنهار ثم إسناد أراضي فلاحية لمعظم المواطنين إلا من أبى مع تسخير كل ما يلزم لإنطلاق أي مشروع قد ترى منتوجا يفوق الإكتفاء الذاتي للوطن العربي ما تنجر عنه مصانع تحويلية ودورة إقتصادية. بالمبادرة والعزم والتوكل يمكن لهذه الأمة أن تنهض وتتقدم.
اخي الفاضل
السؤال الذي يجب ان يردده كل مسلم وعربي هو : لماذا جميع بلدان المسلمين في عصرنا هذا تعاني من الفوضى والتخلف والدكتاتورية والتقاعس عن اداء العمل والاستسلام والقتل ؟
وماهو المخرج من هذه الازمات ؟
اعتقد ان السبب هو اننا نحصد جميعا مافعلته ايدينا عبر قرون مضت وان الامة الاسلامية بحاجة الى العودة الحقيقية لدينها وتربية جيل جديد على العلم والايمان ليتحمل المسئولية في تصحيح الاخطاء والاتجاهات السلبية التي خطاها السابقون ويبدا عهد جديد وهو الصحوة الاسلامية الحقيقية لعودة الامة الغائبة وليس الربيع العربي الموهوم .
هذا وبالله التوفيق
مريم