في تقرير منقول من صحيفة ‘اليوم السابع’ المصرية، وردت معلومات مفادها أنه، وفي تناقض مع موجة الربيع العربي التي أدت لانتخاب حكومات إسلامية في مصر وتونس بقوة دفع من التوجهات الدينية المتزايدة لدى شعوب الشرق الأوسط، أوضح مؤشر حديث لمركز تحالف الإلحاد الدولي، أن 333 مصرياً و221 تونسياً قد انضموا لتجمع الملحدين، والسؤال الذي يطرح نفسه هو: هل تؤدي الأخطاء المنسوبة لجماعات الاسلام السياسي، مثل اتباع سياسة التمكين والإقصاء والتضييق على الحريات الاعلامية، إلى زيادة عدد الملحدين في العالم العربي والاسلامي؟
ورد في موسوعة ويكيبيديا أنه ليست هناك مدرسة واحدة تجمع كل الملحدين، المنكرين لوجود الله، فمنهم من ينتمي للمدرسة المادية أو العلمانية وهم يشككون في عالم ما وراء الطبيعة، ويقول بعضهم إنه لا خلاف بين الإلحاد والبوذية لأن بعض البوذيين يعتنقون البوذية ولكنهم لا يعتقدون بوجود إله. من المؤكد أن فرضية وجود الالحاد يُمكن دحضها كالآتي: إن الإنسان العادي إذا دخل محلاً للنجارة ورأى كراسيا ومناضد خشبية ولم يجد النجار فإنه يستحيل عليه أن يقول إن الكراسي والمناضد قد صنعت نفسها أو أنها وُجدت بالصدفة، بل سيعتقد أنها من صنع نجار لم يتشرف بمقابلته، لهذا قال إعرابي في عصر الجاهلية (البعر يدل على البعير، والأثر يدل على المسير، فكيف بأرض فجاج وسماء ذات أبراج ألا يدل ذلك على العلي القدير؟!).
المعلوم أن القرآن الكريم لم يتحدث قطّ عن الملحدين بل تحدث عن المشركين وهم بشر يؤمنون بالله لكنهم يؤمنون أيضاً برموز أخرى، كالاصنام، اعتقاداً منهم بأنها تقربهم إلى الله، هذا يعني أن أغلب البشر مؤمنون بالله بالفطرة، وحتى الشخص اللاديني، يمارس الدين في سلوكه اليومي دون أن يشعر بذلك، فمعظم الأوامر والنواهي الدينية مضمنة في القوانين والأعراف التي يلتزم بها، وكل محاكم العالم تأمر الشهود بالقسم على كتاب ديني مقدس وليس على كتاب الكيمياء!
ألا يشاهد العالم اللاعب البوذي يرفع إصبعاً واحداً للسماء حين يحرز هدفاً في مباراة كرة القدم؟! هذا رمز للإيمان بالله حتى لو كانت البوذية تنكر وجوده، إن دولة الولايات المتحدة الأمريكية، التي يعلن دستورها أنها دولة علمانية، تضع على دولارها عبارة (نحن نثق في الله)، فلماذا لم تُوضع عبارة أخرى مخالفة للإيمان الديني؟!
إن اصطياد بعض أخطاء الإسلام السياسي كوسيلة للطعن في الأديان السماوية كلها هو تعميم غير معقول وهو أشبه بالقول إنه إذا تعرض شخص لحادث مروري مميت فيجب استخلاص تعميم مفاده وجوب التوقف عن استخدام جميع السيارات لخطورتها!
إن الدفع بأن الإيمان الديني يقوم على الغيبيات مردود عليه فالكهرباء التي يستعملها الناس هي أيضاً من الغيبيات فلا أحد يدرك كنهها، إن زعم بعض اللادينيين بأنهم تحرروا من الخوف وشعروا بالأمان بعد تركهم لأديانهم هو زعم كاذب فلا أمان مع الإلحاد (إن وُجد)، لأن كل العلوم المادية لا تعرف من أين جاء الانسان وإلى أين يذهب ولا تُوجد اجابات يقينية إلا في الإيمان الديني بل أن علم الفيزياء نفسه يثبت وجود الله فحركة الكواكب وحركة الذرات وحركة الدم داخل المخلوقات تسير كلها في اتجاه واحد ولو كانت هناك قوى إلهية متعددة متصارعة لما توحدت تلك الحركة المذهلة.
وفي الختام لا يملك المرء إلا أن يدعو الله أن يهدي الجميع إلى الصراط المستقيم.
فيصل الدابي/المحامي
قال الكاتب أن القرآن لم يتحدث قط عن الإلحاد فما تفسيره لهذه الآيات
سورة الأعراف: ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون(180)
سورة النحل: ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين (103)
سورة فصلت: إن الذين يلحدون في آياتنا لا يخفون علينا أفمن يلقى في النار خير أم من يأتي آمنا يوم القيامة اعملوا ما شئتم إنه بما تعملون بصير (40)