هل تريد أمريكا القضاء على «داعش»؟

حجم الخط
46

ترافق قرار مجلس الأمن ضد تنظيمي «داعش» و»جبهة النصرة» تحت الفصل السابع، مع قرار الاتحاد الأوروبي «تسليح الأكراد»، تبعه هجوم كردي بدعم جوّي أمريكي، كما تحدثت أنباء عن طلب الائتلاف السوري المعارض من الولايات المتحدة الأمريكية ضرب «داعش» داخل سوريا، وقد بدأت أمس طائرات حربية تحدث البعض عن أنها أمريكية بالهجوم على مواقع التنظيم المذكور في الرقة.
والقرار الأخير هو الثاني بعد قرار سابق وافقت فيه روسيا والصين على إدخال المساعدات للنازحين في سوريا، مما قد يؤشر الى تغيّر ما في الموقفين الروسي والصيني، على خلفية التقدّم العسكري الكبير الذي حققه تنظيم «داعش» داخل سوريا والعراق.
في المقابل تقوم روسيا بالتصعيد المدروس على جبهة أوكرانيا، وهو ما يدفع الحكومة الأوكرانية وحلفاءها الغربيين شيئاً فشيئاً نحو زاوية مظلمة يتردد «حلف الناتو» كثيرا قبل دخولها، فبعد قرار إدخال قافلة «مساعدات» كبيرة الى مناطق النزاع شرق أوكرانيا من دون موافقة الحكومة الأوكرانية او الغرب، جاءت أخبار أمس عن مدّ موسكو حلفاءها الإنفصاليين في أوكرانيا بطاريات صواريخ غراد إضافة الى إعلان هؤلاء عن إسقاط طائرة اوكرانية.
تبدو الرسالة غير المعلنة هي تأكيد التصلّب الروسي في أوكرانيا مقابل خطوات تراجع تكتيكية في الموضوع السوري، لكن الأدقّ القول أن روسيا تجد فائدة في تصدّي واشنطن لـ «داعش» في سوريا والعراق، فهي تعتبر الحكومتين في بغداد ودمشق حليفتين، وبالتالي فأمريكا تتدخّل، عملياً، في اتجاه لا يضرّ المصلحة الاستراتيجية الروسية، بل إن موسكو يسرّها بالتأكيد إعادة التورّط الأمريكي في العراق، وهو التدخّل الذي قلب المعادلة العالمية، بكلفته البشرية والمادية الباهظة لأمريكا، وبمنافعه الجلّى السياسية والمادية (مع ارتفاع أسعار النفط والانشغال الأمريكي عن الصعود المندفع للروس) على روسيا.
على الصعيد العربيّ تعمل المملكة العربية السعودية، من خلال حلفها المرتقب مع مصر السيسي، على إعادة رصّ الصفوف العربية وراء ما تعتبره الخطر الأكبر القادم عليها، أي تنظيم «داعش» وأخواته، وهو ما فهمه النظامان الإيراني والسوري، فسحة تكتيكية للحركة المشتركة لمواجهة «داعش»، بحيث لا يعود مهمّاً تبيان إن كان ضرب مواقع «الدولة الإسلامية» في الرقة وريف حلب، بطائرات سوخوي وميغ أم «إف 16».
تعكس السياسة الأمريكية الخارجية حالياً تقبّلاً لمنطق الغلبة الأمنية الذي فرضه المدّ المعارض للثورات، وخصوصاً في مصر، وابتعاداً عن النموذج المعتدل التركيّ (والتونسيّ الى حد ما)، لصالح سيادة «الدولة العميقة» والأنظمة التقليدية.
لكنّ الشيء الوحيد الذي لا يريد أحد الإعتراف به في موضوع «داعش» وأخواتها، هو أن غارات أمريكا، وحتى الهجمات الرديفة من الميليشيات الشيعية، ناهيك عن الحلف العربي الهزيل ضد «الإرهاب»، تصبّ كلّها النار على زيت المنطقة المشتعل، وتوسّع أكثر فأكثر الأسباب التي أطلقت «داعش» أصلاً وتعطي التنظيم أو أشباهه طاقة للتوالد والتكاثر والتوسع، لا العكس.
الحل العسكريّ ممكن لإسقاط أنظمة وكسر جيوش تقليدية، أما مع ظاهرة مثل «الدولة الإسلامية» فلا حلّ حقيقياً إلا بالعمل الدؤوب على أسباب نشوء الإرهاب، والأمثلة على ذلك كثيرة، بدءاً من أفغانستان أثناء الحكم الروسي، حيث انحسرت هجومات الأفغانيين على الروس مع انسحابهم، مروراً بالعراق نفسه، حين قدّمت للمكوّن السنّي خيارات المشاركة السياسية والأمنية، فتراجع تنظيم «القاعدة» (كما كان يعرف آنذاك) تراجعاً كبيراً، ووصولاً إلى أيرلندا (للتذكير بأن الإرهاب ليس خاصة بيولوجية بالمسلمين)، وصربيا وكرواتيا.
المجتمع الدولي، وعلى رأسه أمريكا وأوروبا وروسيا، والعالم العربي، لا يبديان إشارات الى أي رغبة بمعالجة الخلل الوجوديّ الكبير في هذه الجغرافيا الواسعة، من اليمن الى ليبيا، ولكن خصوصاً في العراق وسوريا ولبنان… وفلسطين، وهو ما سيعيد إنتاج الأزمات ولكن على نطاق أكبر.
مواجهة «داعش» من دون معالجة أسبابه كفيلة بإعطائه رخصة أطول للحياة، ولعلّ ذلك أمر مقصود؟

رأي القدس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول الكروي داود النرويج:

    كلام في السليم يا قدسنا العزيزه
    فداعش كبرت بسبب كثرة المظلومين من الأنظمه
    هذا عدا عن قوة تسلحها وقوة اقتصادها وقوة أفرادها الانتحاريين

    الحل العسكري وحده لا يفيد – الذي يفيد ازاحة الأسد كما زاح المالكي

    ولا حول ولا قوة الا بالله

    1. يقول balqis-uk:

      ناسف لعدم النشر بسبب طول التعليق

  2. يقول issam erreur:

    مع فلسطين ضالمة او مضلومة حتما ستزول اسرائيل الموت لي اسرائيل

  3. يقول غادة الشاويش:

    *هجومات الافغان على الروس لم تكن ارهابا بل كفاحا ضد الاحتلال الروسي لافغانستان وهو عمل جرئ شريف يستحق التحية والاحترام .
    * ايرلندا الشمالية محتلة وليست ارهابا ضدالبريطانيين .

    1. يقول عربي مسلم:

      أتفق معك أختي غادة الشاويش … تحياتي

  4. يقول غادة الشاويش:

    * ايضا لم افهم ما الارهاب الذي مارسته النصرة ضد العالم ؟ داعش فهمنا وراينا من معارضيها ومن موافقيها ومن سلوكها اما النصرة فليست داعش فما هي وجهة (الارهاب ) المزعوم في نموذج النصرة ؟ ولماذا ارهاب النصرة مرفوض وارهاب ابو الفضل العباس وحزب الله فيسوريا مقبول ؟الا يشي هذا بصفقة ما تحت الطاولة
    ؟ سؤال برسم كل من يستخدم عقله اذا كان( الارهاب الاصولي )يشكل عدوايجبسحقه من وجهة نظرالامريكيين فلماذا هو على جهة واحدة من العالم الاسلامي ؟

  5. يقول المتفرج ، بولندا:

    داعش : ؟
    لغز حير العالم اكثر من مثلث برمودا وخيوطه منسوجة بمعامل مشتركة ومعقدة تارة
    يخدم وتارة يشوش واخرى يجلب الانتباه والاهم مافي السيناريو ا ان يكون له
    صوت وصورة اعلى واوضح من ماسات سبتمبر ولو عملنا مقارنه بينهم الأفضلية
    لداعش لانه سيناريوا مستمر ومتجدد والضحية لاقيمة له ولامحاكم تطال المسؤل .

  6. يقول درعا_طريق السد:

    في تقرير سابق للبنتاغون ان الدولة الاسلامية تستقطب الكثير الكثير من المقاتلين في الثورة السورية بعدما تبين لهم خيانة الاركان لهم وعمالتها للمخابرات العربية ….والان بعدما دخلت امريكا على الخط اخذت الدولة مصداقية اكثر وخصوصا لاؤلئك المتشككين والمترددين وكما ذكر في المقال ليس ذلك بالطريق

  7. يقول tamim كندا:

    خطيئةاسقاط مرسي سيدفع الغرب لها ثمنا غاليا فاليوم تنظيم الدوله الاسلامية اصبح يحمل لواء السنه العرب و من يرى الجهاديين يهبون من مختلف اصقاع العالم و معهم اسرهم و اطفالهم يكتشف ان شيئا تغير و ان هؤلاء سيقاتلون حتى النهاية و ما تقوم به انظمه الخليج من استعداء العالم لن يودي الا الى تغيير وجهة الحرب نحوها .
    محاربة عقائديين هي حرب مكلفة و غير مصمونة و المستقبل العربي اصبح مفتوح على جميع الاحتمالات ونارالشام ستلتهم ااخضر واليابس ولا حول و لا قوة الا بالله
    والتنظيم يتغول كل يوم والبروباغانداضده لن تعود الا بمزيد من الدعاية المجانيه اليوم هوفي الع اق و الشام وغدا في ليبيا و صح اء مصر و ارجزائر واليمن. والاردن وجبل الشعابني! قدرتهم على الصمود و البقاء ترغمنا على النظر الى المستقبل العربي بكثير من الاسى والاحباط تكالب الغرب الاستعماري افشل الربيع العربي و فوت علينا الفرصة ان نلج المستقبل كباقي الامم الموحده و المست
    نيره
    اصبحنا بين نارين اما الاستبداد او مبايعة البغدادي غدا سيضطر كل عربي الى حمل البندقية مرغما

    1. يقول سوري في بريطانيا:

      ويل للعرب من شر قد اقترب. ويل للأنام مما أضرموا في الشام. كثيرا ما تحدثني نفسي كما قال الأخ تميم بأن أحمل سلاحا كيما أفعل شيئا. الخبر فيما يبدو تواتر بأن هذه الفتن و الزمان هي المقصودة بأن القاعد فيها خير من الماشي و الماشي خير من الراكب. و لو استطاع المرء ألا يحرك فيها يديه أو رجليه لكان خيرا له.

  8. يقول داعش من ورائها؟:

    داعش/ تقسيم البلاد العربية / إمارات / إقاليم / نهب بترول /نهب أثار وتاريخ الشعوب الأصلية/ نهب الثروات الطبيعية / تهجير الشعوب الأصلية/ تخريب الجيوش العربية … داعش صناعة أمريكية – بتمويل سعودي وبمساعدة كردستان البرزاني، وبالمرور من تركيا

  9. يقول تموز/ الأمارات:

    “بطاريات صواريخ غراد” الجملة خطأ، فالبطاريات تكون للدفاع الجوي، والغراد (BM-21) صواريخ ارض – ارض، فاقتضى التنويه.

    امريكا تحدد لداعش مجالها الحيوي: لا تقتربي من “اربيل”، اقتلي واذبحي الباقي! والمفارقة ان امريكا مثلاً لم تضع بالامس اسم “الخليفة” المزعوم على لائحة الإرهاب!!

    اعتقد ان المصيبة المقبلة التي لم ننتبه لها بعد، اذا ادبرت “داعش” عن اربيل فاين ستقبل؟؟!!

    وشكراً

    1. يقول سوري في بريطانيا:

      سيعودون من حيث أتوا و العود أحمد. و دخول الحمام مو متل طلوعه!

  10. يقول salem Ateek:

    إذا لم تواجه “داعش” بقوة وعزم وحسم الآن، فهي ستواصل حصاد الدعم الشعبي وبسرعة غير مسبوقة الى درجة يبقى من المستحيل القضاء عليها أو حتى تحييدها ولو مرحلياً فيما بعد. أجل، ستواصل “داعش” حصاد الدعم الشعبي، خاصة العربي والإسلامي، ليس حباً بها فما إرتكبته وترتكبه من معاصي بحق الخالق والمخلوق خير إدانة لها، وإنما كرهاً بأنظمة الإستبداد المحلي والإستكبار العالمي الرسمية التي كانت ولا زالت تسقي العلقم للشعوب، وهي تتمتع بالشهد. أجل، بقاء هذه الأنظمة مرهون بتقديمها الآن تنازلات كبيرة لصالح الشعوب، وطبعاً تضحيات أكبر لمحاربة “داعش”، لا نقول للقضاء عليها فهذا حالياً بحكم المستحيل لما لها من حاضنة شعبية، وإنما فقط لتحييد مخاطرها ولو مرحلياً، كما لا زال حاصل مع القاعدة وطالبان في أفغانسان بإنتظار فرج الإنسحاب الذي لا يكون طبعاً على مزاج أمريكا وحلفائها، وإنما مُجبرة عليه، أو كما كان حاصلاً في العراق حتى ظهور ما تُسمى بالدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، وإلا سوف تخسر خاصة الأنظمة الحاكمة في المنطقة كل شيئ فيما بعد على يد هذه الدولة وإن شريرة. نعم، دولة شريرة وداعرة، لأن الإسلام الصحيح لا يقبل بإكراه الآخرين على إعتناقه، ولا بالرق والإستعباد وهتك إعراض الناس وحريتهم وكرامتهم وأمانهم، ناهيك عن قتلهم وإستئصالهم وتشريدهم الجماعي على الهوية، فالدين المنزل سراطه مُستقيم.

1 2 3 4

إشترك في قائمتنا البريدية