هل تصل النجدة لبوتين من لوبان؟

حجم الخط
16

تغيّرت استطلاعات الرأي خلال شهر في فرنسا، فبعد توقع حصول إيمانويل ماكرون، على 57 إلى 61 بالمئة من الأصوات في الجولة الثانية من الانتخابات، وتحصل مارين لوبان، مرشحة اليمين المتطرّف، على 40 إلى 43 بالمئة، قدّرت استطلاعات جديدة أن يحصل ماكرون على ما بين 50 إلى 51 بالمئة فيما تحصل منافسته لوبان على 48.5 إلى 49 بالمئة، ومع السماح بهامش للخطأ، أو لمفاجأة (كما حصل في انتخابات 2016 الأمريكية حين فاز دونالد ترامب، بشكل أفسد على استطلاعات الرأي توقعاتها)، تقلب الطاولة على هذه الاستطلاعات، وتفوز لوبان، فماذا نتوقع أن يحصل؟
يقترح مقال رأي في صحيفة “فايننشال تايمز” أن يترك انتصار لوبان تداعيات أبعد بكثير من فرنسا، حيث ستكون النتيجة ضربة قاصمة للديمقراطية الليبرالية في العالم الغربي، وستغرق 27 دولة عضوا في الاتحاد الأوروبي في الاضطرابات، بالتزامن مع خوض الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين صراعا في أوكرانيا ضد روسيا.
قبل شهر من الانتخابات الرئاسية السابقة عام 2017، زارت لوبان بوتين في موسكو، وقارن الرئيس الروسي حينها مشروعية علاقته بالمرشحة، وعلى حق موسكو بـ”التواصل مع كل ممثلي القوى السياسية” في فرنسا “كما تفعل الولايات المتحدة”، وكان أحد بنود حديث لوبان خلال مؤتمرها الصحافي مع بوتين حينها ضرورة “توفير أفضل الظروف الممكنة لتبادل المعلومات” حول “الإرهاب الإسلامي”، كما سمته، وهو ما يشير إلى نوع “التبادل السياسي” بين البوتينية واليمين العنصري الفرنسي: ابتعاد فرنسي عن أمريكا وأوروبا، من قبل باريس، وتغطية لاضطهاد المسلمين والسود من قبل روسيا، وهو “تبادل منافع” تم تدعيمه بقرض بتسعة ملايين يورو لحزب لوبان من بنك روسي عام 2014.
تعرض ماكرون لنقد بدوره على اتصالاته المكثفة مع بوتين (16 اتصالا) وزيارته لموسكو قبيل الاجتياح الروسي لأوكرانيا، وخصوصا من قبل رئيس الوزراء البولندي ماتيوش مورافتسكي الذي سخر من فشل تلك الاتصالات وقال إنه لا يجب “التباحث مع المجرمين والتفاوض معهم”، وأدى ذلك إلى خلاف دبلوماسي بين البلدين، واضطر ماكرون إلى نقل معركته الداخلية إلى الخارج، منددا باستقبال مورافتسكي، الذي ينتمي لحزب يميني متطرف، لمارين لوبان مرارا، ولم يوفّر في حملته الموسّعة هذه زعيما آخر حليفا للوبان في أوروبا، هو فيكتور أوربان، المجريّ، حيث قال إنها لو وصلت إلى السلطة فستصبح فرنسا مثل المجر “التي تتقلص بها الحقوق تدريجيا”.
تعكس نتائج الاستطلاعات الأخيرة، عمليا، تقلّص الفجوة السياسية بين المرشحين، فلم يعد ماكرون ذلك السياسي القادم من “خارج المؤسسات”، ولم تعد هناك، بالنسبة لعديد من الناخبين الفرنسيين الطامحين للتغيير، فوارق جذرية تفصله عن لوبان، سواء في سياساته الداخلية، التي كانت مثار غضب شعبي، أو سياساته الخارجية، التي شهدت دعما لأنظمة الاستبداد العربية، ورفع يافطة “الإرهاب الإسلامي”، والتضييق على المسلمين، وهو ما يفسّر أن 70% من المسلمين في فرنسا صوّتوا لمرشح اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون، الذي احتل المركز الثالث في الجولة الأولى من الانتخابات.
ركزت لوبان بدورها على قضايا كلفة المعيشة، ووسعت قاعدتها الانتخابية ضمن العمال، الذين تظاهر كثيرون منهم ضد ماكرون عام 2018، وقد استغلّت لوبان اشتداد الأزمة المعيشية للفرنسيين وما ظهر مؤخرا من ارتباط لها بالحرب الأوكرانية لتغيير سرديّتها اللاحقة حول بوتين، بالحديث مؤخرا عن دعمها “تقاربا استراتيجيا بين الناتو وروسيا”.
يبدو أن حلم “انتصار” لبوتين في فرنسا، قد داعب آمال الكثيرين من أنصاره، وهو ما دفع صحافيا روسيا في صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” ألا يعلقوا الكثير من الآمال، لأن هناك آليات غربية لإسقاط “الانتخابات النزيهة” حين يكون المرشح مناصرا لروسيا، وأنه حتى في حال فازت لوبان، وبدأت بـتخفيف العقوبات على روسيا واتباع “سياسة مستقلة عن الناتو”، فإن “الاحتجاجات العفوية” المنظمة ستندلع، و”سيتوجب على لوبان المبدئية أن تغير مبادئها”!

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول alaa:

    هؤلاء القوم لاعهد لهم سبحان الله –الشر داخل انفسهم وقلوبهم شتى

    1. يقول ميساء:

      صدقت والله

  2. يقول محمد خميس قريشي:

    فرنسا من سيء الى اسوا في كل مجالات الحياة تعسا للشعب الفرنسي الغبي !

1 2

إشترك في قائمتنا البريدية