دمشق – «القدس العربي»: على مسرح الأراضي السورية، وقع تصعيد هو الأول من نوعه على خط الجولان المحتل، بين إسرائيل وايران، منذ تسلم النظام السوري منظومة الدفاع الجوي إس 300 الروسية، وتسليم سوريا أنظمة آلية للتحكم في جميع وسائل الدفاع الجوي، فقد هزت انفجارات ضخمة في وقت متأخر من ليلة الأربعاء/الخميس مناطق في الضواحي الجنوبية والجنوبية الغربية، للعاصمة السورية دمشق من جهة منطقة الكسوة، ومناطق بأرياف دمشق ودرعا والقنيطرة، في اعقاب قصف إسرائيلي استهدف مواقع قوات الحرس الثوري الإيراني والميليشيات العراقية واللبنانية التابعة لها.
وأغار سلاح الجو الإسرائيلي من داخل الأجواء اللبنانية بعدة صواريخ، على نحو سبعة اهداف اصابت مواقع قوات النظام وميليشيا حزب الله والحرس الثوري الإيراني، على خلفية تنامي قلق اسرائيل من الوجود الإيراني قرب حدودها، دون ان تتحرك منظومة الدفاع الجوية اس 300 التي تسلمها النظام السوري قبل نحو شهرين، وسط حديث عن تنسيق روسي – إسرائيلي حول الهجمات.
وأدى القصف الإسرائيلي على الأراضي السورية الى تدمير مواقع عسكرية تابعة للدفاعات الجوية في مثلث «دمشق- درعا – القنيطرة» جنوبي سوريا، واستهدفت الانفجارات كلاً من اللواء 75 و 67 في ريف درعا الشمالي، واللواء «121» التابع للفرقة السابعة ميكا «مشاة» في بلدة كناكر بريف دمشق بالإضافة إلى مواقع داخل كتيبة الدفاع الجوي في المنطقة الممتدة ما بين العاصمة دمشق ومحافظة درعا وهي «جبل المانع» قرب مدينة الكسوة بريف دمشق الغربي وضربت معسكرًا لتدريب الميليشيات المرتبطة بإيران عقائدياً وسياسياً ومالياً في الموقع.
كما استهدفت إسرائيل مواقع تابعة لحزب الله ومخزن أسلحة داخل سرايا في اللواء 90 في مرتفعات الجولان، كما نقلت رويترز عن مصدرين كبيرين في المخابرات في المنطقة ان المكان الذي قيل إن الواقعة حدثت فيه يضم مركزاً للاتصالات والدعم اللوجستي لجنوب سوريا قرب الحدود مع إسرائيل يتبع جماعة حزب الله اللبنانية.
وفي تصريح لـ«القدس العربي» علل الخبير العسكري والاستراتيجي، اللواء فايز الدويري عدم استخدام النظام السوري منظومة الدفاع الجوي، الى ان المتدربين لم ينهوا بعد فترة التدريب والإعداد اللازمة من أجل استخدام منظومة معقدة مثل اس 300، فالجنود السوريون الذين تدربوا قبل سنوات، اصبحوا خارج الخدمة، اما بانشقاقهم عن النظام او مقتلهم خلال الثورة، ولا يمكن اعداد فريق جديد يدير هذه ا لمنظومة، مشيرًا الى ان المنظومة لن يتم استخدامها «حتى إعداد الأطقم أولاً».
وحول التحديدات الروسية على استخدام المنظومة، قال الدويري ان طائرات الشبح الإسرائيلية ستبقى خارج المعادلة، فبالرغم من وصول منظومة الدفاع الجوي الى سوريا الا ان إسرائيل لديها وسائل اخرى من اهمها، استخدام طائرات الشبح اف 35 والتي لم تثبت حتى هذه اللحظة فاعلية صواريخ اس 300 ضدها، انما فاعليتها ضد الطائرات التقليدية اف 15 واف 16.
ولم يستبعد الدويري التنسيق المسبق بين إسرائيل وروسيا معللا ذلك «بأن حادثة إسقاط طائرة اليوشن لا تزال ماثلة ولَم يتم تجاوزها» مرجحاً الحفاظ على العلاقات الروسية – الإسرائيلية، كون موسكو ليست بصدد قطع العلاقة مع اسرائيل كما حدث بعد اسقاط الطائرة من قبل تركيا، مؤكداً ان «الأهداف محددة وتتعلق بأسلحة قادمة من إيران وفي طريقها الى احزب الله والميليشيات الشيعية». وأشار الخبير العسكري الى أن النقطة الأهم هي التعهد الروسي بإبعاد الميليشيات الإيرانية مسافة 84 كم، وهو ما لم يترجم حقيقة على ارض الميدان بالرغم من وجود الشرطة العسكرية الروسية.
ومن خلال مساحة الضربة الاسرئيلية على الرقعة السورية، وتنوع الاهداف، استدل مراقبون ان الاهداف كانت بمجملها إيرانية، وعلى مستوى عال من الاهمية من حيث قواعد الصواريخ البالستية والدفعات الجوية السورية، الامر الذي يؤكد ان الضربة ناتجة عن توافق روسي – إسرائيلي.
وتشير المعطيات الى ان الانتشار الإيراني في سوريا، لا تحميه قوات جوية، ما عدا تلك المستهلكة والتابعة لسلاح الجو لدى النظام السوري، ما يعني بان الأهداف الإيرانية سهلة المنال، وما يعيق إسرائيل حالياً بحسب مراقبين لـ»القدس العربي» هي ترسانة المضادات الجوية التي يمتلكها النظام، وهذا ما يبرر تعمد الجيش الإسرائيلي ضرب القواعد الجوية.
الجيش الإسرائيلي قال في بيان على تويتر «فيما يتعلق بإطلاق صواريخ أرض-جو سورية، رصدت الدفاعات الجوية الإسرائيلية مقذوفاً واحداً أطلق صوب منطقة مفتوحة في هضبة الجولان» نافياً التقارير السورية الرسمية التي تحدثت عن اسقاط الدفاعات الجوية مقاتلة إسرائيلية وأربعة صواريخ.
وعلق أفيخاي أدرعي، المتحدث الرسمي باسم الجيش الإسرائيلي، على الأنباء القائلة بإسقاط سوريا لطائرة عسكرية إسرائيلية، وقال في تغريده له على حسابه الشخصي في «تويتر»، مساء الخميس: «إن التقارير عن إصابة طائرة إسرائيلية، أو هدف جوي إسرائيلي هي تقارير كاذبة».
مصدر عسكري سوري رفيع، قال ان قوات الدفاع الجوي أسقطت غالبية الأهداف المعادية التي اخترقت الأجواء الليلة الماضية، دون استخدام منظومة «إس-300» التي استلمتها دمشق من روسيا مؤخراً، مشيرا الى ان ذلك تم بالوسائط التقليدية التي تمتلكها قوات الدفاع الجوي السورية، من مضادات جوية وصواريخ سام المطورة، التي تعاملت مع الموقف وأسقطت الأهداف المعادية بدقة متناهية».