هل ستعود تلك الايام؟

حجم الخط
0

المراقب للساحة العراقية يصف الوضع الحالي بالخطير، خصوصا بعد ظهور الميليشيات علنا، ويرى ان العراق على شفاه حفرة من نار وفوضى، وان الاحداث تُنذر بعودة العراق مجددا الى مربع القتل على الهوية.
تؤكد احدث التقارير لمنظمات حقوق الانسان والمنظمات الدولية الاخرى، ان الاشهر الماضية سجلت اعلى نسبة حوادث قتل للعراقيين بتفجيرات واستهداف طائفي مناطقي على الهوية. تقارير تُنذر بــــكارثة جديدة وان العراق في اسوأ حالاته، ومقبل على ايام حرب اهلية سوف تحرق الاخضر واليابس معا، وتغــــتال مستقبل العراق وتحصد ارواح الكثير من الابرياء، الذين لا ذنــــب لهم سوى انهم عراقيون. في زحمة الاحـــداث لابد من التركــــيز على حقيقة مهمة هي ان المرحلة الحالـــية التي يمـــر بــــها العراق في ظل حكومة وحكم المالكي هي مرحلة حرب اهلية، وان كانت هذه الحرب غير معلنة، حكومة يشوبها الكثير من الاخطاء، بداية من التجاذبات السياسية بين اطراف العملية السياسية المتناحرة المتصارعة، الى تطورات الملف السوري والصراع الدائر حوله بين روسيا وايران وامريكا واسرائيل والمعارضة السورية، كلها ستسير بالعراق نحو المجهول والى ساحة الاحتراب الطائفي مجددا.
ما يحصل اليوم يُعيد بنا الذاكرة قليلا الى الوراء لنتذكر عام 2006 الاسود بكل مآسيه، وما تلاه من قتل وتهجير وتدمير الانسان العراقي، عاما سجل فيه التاريخ وضمّ في سطوره قصصا لا يمكن حذفها، لانها حقبة لم يشهدها العراق من قبل حتى في زمن التتار والمغول …. والسؤال لماذا عادت الميليشيات من جديد؟
من يتابع اندلاع التظاهرات في المحافظات المنتفضة الست، وبعد مرور ثلاثة اشهر من الحراك كان الوضع هادئا والامن مستتبا الى حد ما، حتى ظهر علينا رئيس الوزراء نوري المالكي مهددا متذمرا متوعدا بقتل من في الاعتصامات، او فضها لنشهد سلسلة تفجيرات ذات طابع طائفي منظم بشكل دقيق ورصين، ترافقه تصريحات نارية من بعض اعضاء مجلس النواب، باتهام مباشر للمعتصمين بانهم من نفذ سلسلة التفجيرات، او بالاحرى الخطاب الطائفي المحرّض. الاعتصامات والتفجيرات مستمرة والوضع هادئ ولم يشهد الشارع اي ردة فعل على خلفية تلك التصريحات النارية الدافعة باتجاه القتل والفوضى والدم، وقد يكون ذلك بسبب ما يعيشه العراقيون يوميا من احداث دامية وتفجيرات والاهم هو الوعي لدى الطرفين السنة والشيعة، والانــــتباه لماذا يقــــتل بعضنا بعضــا ومن المستفيد؟ قد يتهم البعض ان كل الشيعة هم ميليشيات وان هذه الميليشيات تحظى بدعم كامل لقتل السنة، كما الاعتقاد السائد ان السنة كلهم قاعدة وان اي تفجير يستهدف المناطق الشيعية هو بفعل سني، او على الاقل الرضا عنه. من الواضح ان ظهور الميليشيات بهذا الوقت وشن حملة من الاعتداءات على عدد من المساجد السنية في بغداد والمحافظات، بالاضافة الى موجة الاغتيالات على الهوية واستهداف مناطق مختلـــطة ليس بمحض الصدفة، والموضوع برمته كبير واكبر من المواطن المسكين، فقد كشفت الايــــام الماضية عن وجــــود درجـــة عاليــــة من التنظيم والتسهيل لهــــذه العصـــابات الميليشياوية والتنقل بحرية في شوارع بغداد بسيارات دفع رباعي وظهورهم قرب سيطرات القوات الامنية بحسب شهود العيان.
ان مرتكبي هذه الاعمال لهم القدرة والامكانية للحصول على الموارد والمعدات المستخدمة بسهولة، لا اعرف جوابا لسؤالي لماذا الحكومة تغض الطرف؟ هل هي مشتركة ام داعمة ام مساندة؟ ام وام وام بحاجة الى جواب بنعم او لا !عندما تنظر الى ملف العراق الامني تشم ان رائحة مزعجة قادمة، انها رائحة الموت الطائفي المجاني، يبدو انها ستضع الرحال مجددا على ارض الرافدين لتستهدف من لا حول لهم ولا قوة، اعتقد من كان ومازال يقتل العراقيين بالسيارات المفخخة والكاتم ليل نهار، الآن حلمه بات اقرب للحقيقة، وهو يرى تلك الميليشيات تتجول بكل بحرية، هذا سوف يدفع بقاتل العراقيين إلى تكثيف العمليات بصورة جنونية هائلة في المناطق الشيعية، وتكثيف انتشار الميليشيات بالمناطق السنية، لتتناثر اشلاء الاجساد المقطعة بسبب التفجيرات وتنتشر الجثث على ارصفة شوارع بغداد، لن يكون بين الضحايا، الذين سوف تتناثر اشلاؤهم، عناصر الميليشيات او الايرانيون او حتى الامريكيون، بالتأكيد يبقى المقتول على الهوية او بالتفجير هو عراقي خرج من بيته لا يعلم ماذا يكسب غدا ولا يعلم كيف ومتى وعلى اي يد وفوق اي ارض يموت.

كاتب من العراق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

إشترك في قائمتنا البريدية