هل سقط القناع عن وجه مورينيو مجدداً؟

عندما قرر دانيال ليفي رئيس توتنهام، تعيين جوزيه مورينيو مدرباً في نوفمبر/تشرين الثاني 2019، خلفاً للمحبوب وصاحب الشعبية ماوريسيو بوتشيتينو، كان كثير من المتابعين على يقين ان الامر لن يطول كثيراً، وأن المشهد سيتكرر، من صدامات ومشاجرات فنتائج سلبية فاقالة مذلة، وكأنه سيناريو حفظه الجميع.

ليفي معروف عنه حرصه الكبير على المال، وليس من هواياته الانفاق ببذخ على ضم اللاعبين، لكنه تنازل لعيون المدرب البرتغالي، فأنفق النادي 100 مليون جنيه استرليني في الانتقالات الصيفية، وهو يعلم أنه ضحى بأسلوب بوتشيتينو، صاحب الكرة الجميلة لجلب صاحب الأسلوب الدفاعي العقيم الذي اشتهر به مورينيو، والهدف ضمان احراز لقب. ورغم البداية الايجابية، الا ان النتائج كانت عادية والعروض سلبية ودفاعية، بعيدة عما عرفته جماهير السبيرز في السنوات الخمس الماضية، الى درجة ان أحد المعلقين اعتبر ان مورينيو محظوظ لأن الجماهير ممنوعة من المدرجات، والا لعنفته ووبخته. لكن كانت هناك مؤشرات ايجابية بابتعاد مورينيو عن الانفعال العلني بعد النتائج السلبية، وقلص كثيراً من انتقاداته ولومه المنافسين والحكام وضغط مباريات، بل أبقى انتقاداته لنجومه الى أدنى حد، لتفادي العد التنازلي لصدام كبير متوقع مع الادارة، مع امكانية الاقالة الرابعة على التوالي.

وهذا الموسم فجأة انقلب الحال، منذ مباراة كأس المحترفين ضد تشلسي، حيث لعب الفريق بجرأة، قلما رأيناها تحت ادارة “السبيشال وان”، لتأتي بعدها الليلة الكبيرة في “أولد ترافورد” عندما سحق مضيفه مانشستر يونايتد 6/1 بعرض هجومي رائع ومثير، لتتغير الرؤية الى توتنهام، وبات التركيز على النجمين هاري كاين وسون هيونغ مين، وارتفع سقف التوقعات وبات المطلب تحقيق لقب الدوري، لكن فجأة أيضا بدأ ينكشف أسلوب مورينيو مجدداً، وبات مثل القوقعة ينغلق على نفسه ويلجأ الى أساليب دفاعية كلفته هزيمتين أمام البطل ليفربول في غضون أسابيع، آخرها ليلة الخميس الماضي، لتعود الانتقادات مجدداً، بل اعتبر البعض ان القناع سقط مجدداً، وان مورينيو مدرب دفاعي لا يجيد سوى ذلك، وانتقده أنصاره على تطبيق أسلوب مباريات الكؤوس على ماراثون الدوري، واعتماده الكلي على الثانئي كاين وسون وقتل الخيارات الهجومية الأخرى.

الاقالة من توتنهام لن تكون الاولى للمدرب الذي نعت نفسه بـ”السبيشال وان”، وعكس عنجهية وغرور وتكبر، وغلف هذا الادعاء بحقبة ناجحة مع بورتو وتشلسي والانتر، في ظل حماية من نجومه وجماهيره، الذين صدقوا كل ادعاءاته. هذا الأسلوب “العالم كله ضدنا”، نجح حتى النصف الأول من حقبة تدريبه لريال مدريد، وهو أسلوب اكتسبه وصقله منذ كان مترجما للمدرب روبسون عام 1992، ليتطور ويصبح مساعدا حتى 1997، وبعده مع فان خال الذي أعطاه المزيد من المهام، وأبرزها دور “الشرطي الجيد”، حيث صقل مورينيو مهارة اللباقة في التعامل مع اللاعبين، واكتساب ثقتهم، وهو ما نقله الى مسيرته التدريبية مع بورتو في 2003 و2004 فأحرز ثلاثيتين. وعندما جاء لتشلسي في 2004 جلس في مؤتمر صحفي مرتابا ومتردداً كون لا خلفية له في الملاعب كنجم بارز او حتى عادي، فخرجت منه هذه الكلمات التوضيحة: “أنا لست مدربا من القاع… أعتقد انني مدرب خاص (سبيشال وان)”، ومنذ ذلك الوقت التصقت به هذه الكلمات. لكن بعد عدد من الالقاب مع فرق جاهزة وراغبة في صرف الملايين لتحقيق الانجازات، صعدت أسهمه بسرعة الصاروخ، وباتت شعبيته جارفة، خصوصا في عالمنا العربي، وكان الصراع الحلم بين الريال والبارسا، بين ميسي ورونالدو، وبين غوارديولا ومورينيو. لكن في 2012 و2013 لم يعد يتحمل نجوم الريال أسلوبه، وباتت شكوك حول قدراته التكتيكية، والاهم التأثيرات السلبية على نفسيات اللاعبين وعلى المنتخب، فرحل بانتصار واحد بالدوري ومثله في الكأس، مع فريق يعج بالنجوم، أحرز دوري الأبطال 4 مرات في السنوات الخمس التالية لرحيله. 

بدأت سمعة مورينيو تكتسب طابع “المدمر”، مع انقسام الجماهير بين محب بشغف له، وبين من يتصيد هفواته وأخطاءه، لكن في تشلسي كانت أسهمه لا تزال مرتفعة، فعاد ونجح في احراز الدوري، لكن مجددا في الموسم الثالث دبت صدامات ونتائج سلبية واقالة مذلة. لكن مانشستر يونايتد كان يعلم في 2016 انه يغامر بتعيين مدرب متطلب وباهظ الثمن، ليست لديه القدرة التدريبية لصقل المواهب وتطويرها، عدا عن مشاكله، لكن الادارة التسويقية انتصرت، كونه مدربا ذات شعبية عالمية. وبدأت الشقوق تظهر بـ”ركن الحافلة” وبأسلوب دفاعي عقيم، أصاب أنصار يونايتد بالصدمة، وجاءت الضربة الثانية عندما سقط أمام المغمور اشبيلية في دور الـ16 لدوري الابطال، ليبجح بأعذار ان هذا هو الارث الذي ورثه من أسلافه، قبل ان تنفجر الامور في الموسم الثالث، من صدامات مع النجوم، أبرزها مع بوغبا الذي كلما مثل فرنسا تألق، بل وتوج بطلا للعالم، لكن ليس مع مورينيو، فطرد المدرب البرتغالي، واليوم هو يعلم أنه يسير على الطريق ذاتها.

كلمات مفتاحية

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

  1. يقول وليد:

    مورينو له انجازات اكبر من الجميع

  2. يقول AR:

    الكاتب متمكن في المجال الرياضي وله ذاكره موسوعيه، الا أنني اختلف مع كيفية قراءته للمعطيات للوصول إلى نتائج، والتي تشبه كمن يقرأ مستوى السكر في الدم مباشرة بعد الافطار، فأذا به يستنتج أن المريض مصاب بالسكري. يا استاذي الكريم، كرة القدم يجب تتبعها كخط بياني من الممكن أن تكون في لحظه معينه او حتى فترات هبوط حاد الا ان اتجاه الخط البياني تصاعدي. من الممكن أن الكاتب من فرط إعجابه بغوارديلا و يجد نفسه بالضروره ضد مورينيو ، الا أن الحق يقال أن الكاتب ثقافته ومعلوماته الرياضيه تبهر واحرص على متابعة كتاباته للاستفاده

  3. يقول Abdo:

    يبقى مورينيو أفضل من فيلسوف النفط غوارديولا والقابه تتحذث عنه.. لا تتعب نفسك في التقليل من إنجازاته لأن العالم كله يعرف من هو سبيشل وان..

  4. يقول يحي:

    لست الافضل في العالم لكن لا يوجد من هو افضل مني هكذا كان يقول.

إشترك في قائمتنا البريدية