يتسحاق لفانون
بدأت إسرائيل ومن هم خارجها يفكرون بغزة بعد توقف المعارك؛ أي نظام سيكون هناك وكيف سيبدو مقارنة بما كان عليه تحت حكم حماس؟ معاهد وأجهزة استخبارات تنكب على الموضوع بصمت في محاولة منها لإيجاد الصيغة الأفضل.
بعض المفارقات: يجب أن تكون غزة مجردة من السلاح تحت أي نظام تعمير. كما أن عودة السلطة الفلسطينية إلى الحكم في غزة ستشكل وصفة لمشاكل ونزاعات مستقبلية ربما تضر بنا أيضاً. لن تكون السلطة قادرة على الحكم في غزة؛ فقد كانت هناك وألقي بها. فضلاً عن أن عليها التصدي لحماس في الضفة، ولا يعقل أن يدمر حكم حماس في غزة كي نراها في الضفة.
الأفكار التي تطلق عندنا للعودة إلى غزة وإقامة “غوش قطيف” أو كبديل أن يبقى الجيش الإسرائيلي أمنياً في القطاع، هي وصفات لمشاكل مستقبلية. يجب إيجاد حل لم نفكر فيه حتى الآن يبقي إسرائيل خارج الدوامة الغزية: ألا تكون لها صلة بغزة.
هنا تدخل مصر إلى الصورة بشكل تلقي انتداب على القطاع، مثل الانتداب البريطاني والفرنسي اللذين كانا في منطقتنا في القرن السابق. لا نية لإعادة غزة إلى مصر، بل لإعطاء مصر انتداباً مؤقتاً لتكون حاضرة في غزة. في هذه الفترة، تشرف مصر على بناء غزة بمساعدة مالية دولية كي تكون مختلفة عما هي عليه اليوم. مصر تعرف غزة، والغزيون يحترمون المصريين جداً. للقاهرة تجربة ومعرفة غنية عن غزة، وهي ستفرض النظام في صالح تعميرها.
سيخلق تلقي مصر للانتداب تواصلاً أمنياً من غزة حتى سيناء، مما سيؤدي إلى الاستقرار الذي تبحث عنه. كما أنها ستتفرغ لهزيمة الإرهاب، وهذا سيساهم بأمن مصر القومي. ستكون غزة مفتوحة على العالم عبر المعابر إلى مصر التي ستحكم في سيناء وفي غزة على حد سواء.
دنيس روس وأرون ميلر من معهد واشنطن، يطرحان إمكانية أن تحكم غزة قوة تتشكل من الدول العربية الخمس التي وقعت اتفاقيات مع إسرائيل. هذه إمكانية، ولكن أن تحكم غزة دولة واحدة كمصر، أفضل من المصاعب التي ستتكل بين الدول الخمس.
ربما يبدو اقتراح الانتداب المصري على غزة في هذه اللحظة خيالياً، بل وصعباً تحقيقه، لكن محادثات هادئة مع القاهرة تبرز فضائل الخطوة لأمنها القومي كفيلة بأن تحملها على النظر بالاقتراح بجدية. بل إن هذا سيعطي أملاً لغزة التي ستصبح غير مهددة، وسيعزز قوة مصر في العالم العربي، وسيساعدها في حربها ضد الإرهاب ويهدئ روعها من إسكان الفلسطينيين في سيناء.
من المجدي دراسة الاقتراح وإعطاؤه فرصة.
معاريف 16/11/2023