تحليل الاستطلاعات السياسية يركز على سؤال “نعم أو لا لبيبي”. حسب معظم الاستطلاعات، فإن صورة الوضع الحالية أن نتنياهو فقد أي احتمالية ليكون رئيس الحكومة القادم. في الاستطلاعات المتعاطفة، لديه فرصة لمنع معارضيه من تشكيل ائتلاف وجر الدولة إلى جولة انتخابات أخرى. السؤال الأهم هو: إذا خسر نتنياهو، من سيكون رئيس الحكومة؟ إلى ما قبل فترة قصيرة، كان الجواب على هذا السؤال هو بني غانتس، كان يبحر في منطقة الـ 35 – 40 مقعداً. أما الآن فالأمر لا يبدو تماماً.
المنافسة الأساسية هي بين غانتس ورئيس حزب اليمين الجديد عند تشكيله. يقول نفتالي بينيت وجدعون ساعر إنه لن تكون هناك أي مشكلة. من يملك الفرص سيكون الأول. في هذه الأثناء، يبدو أن حزب بينيت وساعر ويوسي كوهين، سيكون المكان الأول فيه مضموناً لبينيت. والاندماج مع افيغدور ليبرمان أكثر إشكالية. لن يوافق ليبرمان على أن يكون رقم 2. قدرته على تشكيل الائتلاف تقريباً غير موجودة، فالحريديم لن ينضموا إليه ولا شركاء طبيعيين له. ولكنه سيعود إلى مكانة متوج الملوك، وبشكل كبير سيقرر من سيكون رئيس الحكومة. من المرجح أنه سيميل لليمين أكثر، توجهه الطبيعي.
لدى غانتس حدبة كبيرة؛ فهو يحتاج دعم لبيد، وليس في علاقتهما أدنى يقين بامتناع لبيد عن اختيار بينيت. جمهور لبيد سيجد صعوبة في الموافقة على هذا الاختيار، لكن قد يدعي بأن “غانتس سيتنازل لبينيت كما تنازلت أنا في المرة السابقة”. بدون لبيد إلى جانبه، لا فرصة لغانتس. ويئير غولان في موقف غريب؛ ومع عدم تقديره لغانتس، سيتنافس فقط مع كراهيته الكبيرة لبينيت، الذي ينسب إليه ضياع رئاسة الأركان (بينيت هو الذي كرر خطاب “المسيرات” لغولان)، لكن لا خيار له؛ يجب عليه الانضمام لكل حكومة، وجمهوره سيطلب منه دعم غانتس.
المعضلة الكبيرة أمام غانتس ستكون إذا كان سيواصل مقاطعة نتنياهو. أعلن ساعر في السابق بأن المقاطعة ليست ذات صلة بالواقع بعد 7 أكتوبر. لا يحب غانتس فكرة المقاطعات، وهو الذي جلس مع نتنياهو حتى قبل ثلاثة أسابيع. من جهة أخرى، ما الذي يفرقه عن بينيت وأصدقائه؟
احتمالية جلوس بينيت في حكومة برئاسة نتنياهو، صفر. ندب ماكينة السم ما زالت محفورة في جسده. سبق أن أظهر ساعر أكثر من مرة بأن لديه قدرة على الوقوف أمام إغراء نتنياهو. ولكن السؤال هو: ما الذي سيقولونه لجمهورهم الآن؟
اعتاد غانتس على التلويح بالقول إنه يستطيع جلب الحريديم. قبل بضعة أيام، أغدق الثناء على آريه درعي وذكر الأحلام المضللة لشمعون بيرس في الأيام غير السعيدة. هذا هو المعنى العملي للمنافسة المستقبلية على السياسة الحالية. المنافسة بين غانتس وبينيت قد تنشئ وضعاً يبدأ فيه السباق على كسب الأحزاب الحريدية إلى أن يصلا إلى الانتخابات وقد تم التخلص من نتنياهو، ليس لأنها مطلوبة لتشكيل الائتلاف، بل لأن كلاً منهما سيكون مرتبطاً بالحريديم للوصول إلى منصب رئيس الحكومة. ففي هذا السباق، سيبيعان قانون التجنيد والمخصصات وكل ما هو في الطريق.
مكان منصور عباس مهم بدرجة لا تقل عن ذلك. كل الزعماء في المنظومة السياسية، والشركاء في المنافسة على “اليوم التالي”، يغدقون عليه الثناء بشكل كبير، ويقولون إنه هو الآمر الحقيقي. ولكنهم يقولون بحزن إن نتنياهو نجح في إحراقه جماهيرياً، وإنه لا يمكن دمجه في الحكم. غانتس مجبر على الحفاظ على مسافة عن هذا الموقف. يجب عليه الأمل بتشكيل قيادة أخرى في حداش – تاعل بدلاً من أيمن عودة الذي أعلن بأنه سيقدم استقالته، وبدلاً من أحمد الطيبي وعوفر كسيف. قيادة ستمكنه على الأقل من الاعتماد على الدعم من الخارج.
10 – 12 مقعداً للعرب قد تبني الجسر الذي سيمكن غانتس من الفوز على بينيت في المنافسة وتحقيق حلمه في انتخابه لرئاسة الحكومة أخيراً.
رفيف دروكر
هآرتس 1/7/2024