في اللحظة التي وصل فيها الإمام الخميني إلى السلطة في إيران في نهاية سبعينات القرن الماضي قادماً من بلاد الغرب «اللعين»، رفع فوراً شعار محاربة الشيطان الأكبر، ألا وهي أمريكا وكل الجهات المتحالفة معها في الشرق الأوسط. وبالتالي كانت إسرائيل على رأس قائمة الجهات التي استهدفتها القيادة الإيرانية الجديدة التي استلمت مقاليد الحكم بعد الثورة.
وكلنا سمع وقتها كيف بدأ الإيرانيون الجدد يرفعون شعار تحرير القدس وإغراق الصهاينة بالماء. وقد دعا الخميني حينها كل المسلمين لكب سطل ماء فقط على إسرائيل فتغرق إلى غير رجعة. ولا ننسى هجوم الطلبة الإيرانيين على السفارة الأمريكية في طهران واحتجاز طاقمها لفترة طويلة، ناهيك عن إغلاق السفارة الإسرائيلية في طهران وتسليمها لمنظمة التحرير الفلسطينية.
باختصار، لا بد وأن أمريكا وإسرائيل استلمتا الرسالة الإيرانية عن كثب، وهي أن العهد الإيراني الجديد بعد الثورة اتخذ من إسرائيل وأمريكا العدو الأول للجمهورية الإسلامية. وبالتالي، كان لا بد لواشنطن وتل أبيب أن تتخذا كل الاحتياطات، وترصد كل التحركات الإيرانية الجديدة لحظة بلحظة خوفاً من حملة الثأر الإيرانية الرهيبة التي أطلقها الخميني ضد الشيطان الأكبر وربيبته إسرائيل. لكن لو نظرنا إلى التغلغل الإيراني في المنطقة بعد سنوات قلائل على الثورة الإيرانية، لوجدنا أن إيران وصلت فوراً إلى الحدود الإسرائيلية بلمح البصر بعد تهديداتها النارية للإمبريالية والصهيونية. في بداية الثمانينات، وبعد ثلاث سنوات أو أقل، ظهر فجأة إلى الوجود «حزب الله اللبناني» كأول طليعة وذراع عسكري لإيران في المنطقة. ولو ظهر ذلك الحزب مثلاً في بلد عربي بعيد عن إسرائيل، لبلعنا القصة. لكن الذي حصل أن إيران أسست حزب الله على الحدود مباشرة مع ما تسميه وسائل الإعلام الإيرانية «الكيان الصهيوني» بعد أن قضت بالتعاون مع النظام السوري على كل الفصائل اللبنانية والفلسطينية والوطنية واليسارية والإسلامية وغيرها في لبنان التي كانت تخوض حرب العصابات ضد إسرائيل.
فجأة ظهر حزب الله ليرفع شعار تحرير القدس من على الحدود مع إسرائيل مباشرة، وليس من طهران. صحيح أن التغلغل الإيراني في لبنان، ومنطقة جبل عامل تحديداً بدأ منذ الستينات، لكن العلاقة بين إيران الشاهية وكل من إسرائيل وأمريكا في ذلك الوقت كانت سمناً على عسل، وكان التحالف على أشده بين «السافاك» الإيراني و«الموساد» الإسرائيلي، ناهيك عن أن أمريكا في مرحلة ما قبل الخميني كانت تعتمد على إيران كشرطي لضبط المنطقة بأكملها. وبالتالي، لم تكن إسرائيل أو أمريكا تخشيان من أي تغلغل إيراني في لبنان أو غيره طالما أن الطرفين حليفان ومشتركان في إدارة المنطقة برمتها.
أما بعد تولي الخميني مقاليد الحكم في إيران ورفعه شعارات تقطر عداء لإسرائيل وأمريكا، فكان لا بد للمرء أن يتساءل: كيف سمحت إسرائيل وأمريكا لذراع عسكري إيراني ضارب أن ينشأ على حدود إسرائيل مباشرة مع لبنان بعد فترة قصيرة جداً من وصول الخميني إلى السلطة، وبالتالي أن يهدد «الصهاينة» من على مرمى حجر؟
بعض الساخرين يتهكم قائلاً: يبدو أن أمريكا وإسرائيل اللتين تراقب اقمارهما الاصطناعية دبيب النمل في المنطقة، كانتا نائمتين في تلك اللحظات التي ظهر فيها حزب الله على الحدود مع إسرائيل، فنشأ الحزب ونما، ودجج نفسه بالسلاح الإيراني والسوري بلمح البصر، وعندما استفاقت أمريكا وإسرائيل وجدتا أن هناك قوة عسكرية إيرانية ضاربة على الحدود الإسرائيلية، فأسقط في أيديهما، وندمتا على الساعة التي أخذتا فيها غفوة، فاستغلتها إيران في إنضاج حزب الله، وجعله سيفاً مسلطاً على رقبة إسرائيل بين ليلة وضحاها.
وبما أن النظام الإيراني الجديد رفع منذ بداية الثورة شعار القضاء على الصهيونية، فكيف سمحت له إسرائيل وأمريكا أن يتغلغل في سوريا جارة «الصهيونية» المباشرة بهذا الشكل الرهيب، بحيث أصبحت سوريا على مدى عقود بعد الثورة الإيرانية (عدوة الامبريالية والصهيونية)، أصبحت مربط خيل إيران في المنطقة. يبدو أيضاً أن الاستخبارات الأمريكية والإسرائيلية أثناء التغلغل الإيراني في سوريا والهيمنة عليها كانت نائمة، ربما بسبب التعب، أو بعد تناول وجبة ثقيلة من الأسماك، فاستغلت إيران الغفوة أيضاً، ووصلت إلى حدود «الكيان الصهيوني» لتهدده مباشرة. وها هو الحرس الثوري الإيراني الذي يريد أن يدمر الصهاينة يصول ويجول الآن في سوريا حتى وصل إلى تخوم الجولان، وإسرائيل «المسكينة» غافلة عنه. يا سلام.
وليت أمريكا أخذت غفوة فقط في لبنان وسوريا، فاستغلتها إيران. لا أبداً، فقد اقترف الأمريكيون «الغفوة» نفسها في العراق، فذات ليلة استيقظ الغازي الأمريكي في بغداد بعد عشاء دسم وقليل من المسكرات، فوجد أن إيران سيطرت على العراق، وهيمنت على كل مفاصله الحيوية. ولم يكن بمقدور أمريكا وإسرائيل عندئذ إلا أن تسلما بالنفوذ الإيراني في العراق كما سلمتا به على حدود لبنان وسوريا مع إسرائيل بعد غفوة أمريكية وإسرائيلية قصيرة أيضاً.
لقد قال الشيخ محمد بن راشد حاكم دبي نقلاً عن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد: «لا يمكن أن تطلق إيران طلقة واحدة على إسرائيل، لأننا نعرف أن أمريكا وإسرائيل لن تبقيا حجراً على حجر في بلادنا». هذا هو الموقف الإيراني الحقيقي من إسرائيل وأمريكا، أما ما نسمعه من عنتريات إيرانية فهو لذر الرماد في العيون والضحك على الذقون. لم يبق لنا إلا أن نصيح قائلين ونحن نعاين الخلطة السرية للعلاقات الإيرانية الأمريكية الإسرائيلية: «أسمع كلامك أصدقك، أشوف عمايلك أستغرب».
٭ كاتب واعلامي سوري
[email protected]
د. فيصل القاسم
مقال مهم جدا لكل ذي لب منصف يبتغي الحقيقة .
«لا يمكن أن تطلق إيران طلقة واحدة على إسرائيل، لأننا نعرف أن أمريكا وإسرائيل لن تبقيا حجراً على حجر في بلادنا».
آخر ما يمكن ان يتوقعه عاقل ان يكون عداء حزب الله لاسرائيل مجرد كذبة
نشكك في نوايا ايران وكأن جيوش العربان تتزاحم لتحرير القدس و حكامنا يمطروننا صناعات متطورة و ديمقراطية.
ماذا فعلت الامة النائمة ممثلة بجامعتها في القاهرة غير الاذعان لاسرائيل و من خلفها؟
لن تقوم لكم قائمة.
لنكن صادقين. ماذا فعل العرب في المقابل ؟ ألم يتنازلوا عن كل شيء سرا وعلانيه ؟ اذا كانت ايران على الأقل ترفع شعارا وتحميه وتنفذ استراتيجيات قلبت الخارطه في المنطقه بينما العرب لاهم لهم سوى كيفية كسب ود امريكا واسرائيل وحاليا يسعون الى ايران ..هنا اعتقد ان السبات العربي هو المصيبه وليس ايران كما تدعون وتنظرون.ايران لها مصالح واستراتيجيات تعمل على تنفيذها بغض النظر عن مصالح الاخرين علينا ان نستفيد مما يحدث وليس العكس.
شكرا للدكتور فيصل على هذا المقال وبعد أود ذكر نقاط ربما البعض من القراء يعرف حقائقا نجهلها نحن هي:
1- لماذا قتل عماد مغنية من طرف الموساد
2- لماذا قتل عباس الموسوي
3- لماذا قتل الصدر في ليبيا
4- في إجتياح غزة الأخير و الذي دام 33 يوما كنا نسمع من سلفي الجزائر أن الذي تقوم به حماس أثناء دفاعها عن غزة ليس جهادا لأن شيوخ الحجاز لم يتفوهوا بكلمة
5- حصار إيران من طرف الغرب منذ 1979
6- تسليح العراق بكل الأسلحة الفتاكة
7- رامسفيد صديقا لصدام رحمة الله عليه
8- معاهدة كامب ديفد المذلة
دع إيران الفارسية فهي على الأقل تحترم شعبها و تطور قدراتها وتكون إطاراتها
بالنسبه للنقطه الثالثه، سيدي الكريم، قُتل السيد الصدر في ليبيا بطلب من حكومة الخميني، وإليكم الأسباب -مما عايشه أهلنا في حينه:
1) كان السيد -رحمه الله، صمام الأمان الأخير أمام إندلاع الحرب الأهليه في لبنان، وهي بعكس ما أرادت دول الجوار في حينه.
2) بمجرد تصفيه السيد، ظهر حزب الله، للعلن، وبدأ -مدعوما من حلقة الخميني، بتغيير مراكز القوى الشيعيه داخل لبنان، فتم -وبأقل من سنه، عزل وإقصاء كل من كان يدين للسيد الصدر بأي ولاء داخل لبنان، وبالتالي تغيير البيت الشيعي اللبناني بالكامل ليصبح إيراني الهوى.
3) بالنسبه للقذافي، فخدماته لإيران، لوجيستياً ومالياً خلال سنين الحرب مع العراق معروفه، ومنها غير المباشر كتسليح الأخوه الأكراد خلال حروب الشمال.
4) إستدرج القذافي، برغبة إيرانيه، السيد الصدر -والذي كان له كلمة وإحترام بين كل طوائف لبنان، وقام بتصفيته، وبالنتيجه:
1) عالمياً: تصفية التوجه المعتدل الأخير والرافض للحرب الأهليه.
2) إقليمياً: إقصاء الشيعة العرب في لبنان، وبداية المد الصفوي.
هذا جوابنا لسؤالكم الثالث، أما عن باقي أسئلتكم، فليس عندي من العلم ما يسعف. ودمتم
نضيف الى ما قاله السيد حكمت من الولايات المتحدة في اعلاه .
في فضيحة ” ايران غيت ” الشهيرة والتي نشرتها مجلة ” الشراع ” اللبنانية الاسبوعية وكادت تودي بريغن الى السجن , من مضامينها : على اثر ميل كفة الحرب بين العراق وايران لصالح العراق , قدّمت الولايات المتحدة دفعات من الاسلحة المتطورة الحديثة الى ايران , واسرائيل هي التي نقلتها على وجه السرعة الى ايران باقامة جسر جوي استمرّ لاسابيع برفقة خبراء عسكرين اسرائيلين لتدريب الجيش الايراني والحرس الثوري على هذه الاسلحة .
امّا فضيحة من خلق نظام الخميني في المنطقة فهي من اجمل واعقد القصص البوليسية بكيفية سهر المخابرات المركزية الامريكية ليل نهار على سلامة وحياة الخميني يقابله ضغط هائل على قيادات الجيش الايراني العليا حتى لا تتحرك ضد التجيش في الشارع لصالح الخميني .ذلك وغيره في كتاب رئيس المخابرات الفرنسية المتقاعد ” د ـ اس ـ ت ” في كتابه تحت عنوان ” الملالي ” .
هذا الكتاب بقي في الاسواق لحوالي السنتين حتى سحبه رئيس وزراء فرنسا في حينه جاك شيراك بنتيجة الاتفاق الذي تمّ مع ايران بعد الموجة الارهابية بتفجيرات باريس مع حل مشكلة المليار دولار موضوع الخلاف على عقود البترول والغاز .
كذلك مؤخرا الطائرة الامريكية بدون طيار التي هبطت ” او جذبوها مغناطيسيا بفعل سحرهم ” سالمة معافاة بعد ان تعبت اجنحتها وخوت معدتها . لتكن نموذجا لصناعة الاسلحة الايرانية لصنع مثائل لها وهذا ما حدث . يبقى كيف سيتم ارسال صاروخ باتريوت كنموذج لاستكمال المهمة .
هذا ما استبان , وأمّا ما خفي من هذه العلاقة الاستراتيجية بين ايران وامريكا فالمستقبل كفيل بكشفه وليس بعيدا فيه ان نرى بأنّ ايران كانت قاعدة انطلاق للتوسع الامريكي في العالم القديم .
وماذا فعل العرب ؟هل كانو على غفلة من التغلغل الايراني ؟؟ ام انهم في ثبات عميق ، الم يتحالف العرب مع امريكا واسرائيل وكامب ديفيد ووو. عجيب امرنا ، بدنا كل العالم يخدم قضايانا ويحل مشاكلنا ونحنا الله خلقنا لناكل مناسف وننام ونتزوج اكبر عدد ممكن من النساء ، نحنا امة مريضة
تخيل ماذا يحصل لو قامت إيران غداً بمصافحة اسرائيل ولجمت السيد حسن نصرالله وتخلت عن علاقتها بسوريا…؟
وهل كانت اسرائيل نائمة عندما تغلغلت النصرة في الجولان؟
الم تسيطر اسرائيل على معظم الجنوب البناني ومياهه قبل وجود حزب الله, ولم يدخل شارون بيروت نفسها خلال حقبة الاحزاب اليسارية ذات حروب العصابات؟
الم تعلن اسرائيل بان ايران هي العدو الاول لها, ولم تفقد اكثر من ٢٠٠ جندي في حربها ٢٠٠٦ مع الحزب المذكور؟
ولماذا لم توقع سوريا تحت حكم الاسد الدكتاتوري الشامل معاهدة سلام مع اسرائيل لتريحها من كل التوتورات هذه؟