رغم ضبابية المشهد الاقليمي والدولي وتخبط قادة وزعماء دول من احجام كبرى وصغرى اثبت رجل المفاجآت الكبرى السيد نصر الله من خلال اطلالته الشخصية الحية والمباشرة من على منبره التاريخي في الضاحية الجنوبية وتصويبه لمسار الاحداث في بلاده بالاتجاه الذي ينبغي ان يكون اي باتجاه القدس الشريف انه لا يزال الاكثر نفاذا للرؤية الاستراتيجية والابلغ تعبيرا في تحديد البوصلة التي لا تخطئ وتحديد قواعد الاشتباك السياسية والحربية طبقا لموازين القوى الحقيقية في الميدان.
من جهة ثانية فانه ورغم ضراوة المعارك في بلاده من جهة وتذبذب المواقف حول مستقبلها من جهة ثانية فقد اثبت بشار الاسد هو الآخر بانه الرئيس الاكثر شجاعة في الميدان والاكثر يقينا بتحقيق النصر والاكثر ملامسة لوقائع الارض مهما تدافعت مزادات الحرب والتسوية بشأن بلاد الشام او من حولها !
على الجانب الآخر من بقعة الاشتباك العالمي بين المعسكرين ورغم كل اشكال الترهيب والترغيب التي استعملت ضد ايران قبل واثناء وبعد انتخابات الرئاسة الايرانية فقد اثبتت القيادة الايرانية العليا بدورها من جديد بانها الاكثر تماسكا وعقلانية وقدرة على المناورة والامساك بزمام المبادرة من اي وقت مضى !
ادري ان البعض قد يظنني بصدد الترويج لمحور المقاومة واطلاق مواقف استعراض قوة رغائبية وشعارية عن هذا المحور قد لا تعبر عن الحجم الحقيقي لقدرات هذا المحور كما قد يظنون !
لكن ورفعا للالتباس او الترديد فيما ذهبنا اليه دعونا نتكلم حول حالة هذا المحور كما هو على ارض الواقع بالمعطيات الدامغة التالية:
– ماذا يعني ان يتحول حزب الله الى قوة عالمية تضطر اوروبا العجوز واوروبا الفتاة مجتمعة الى منازلته في المحافل الدولية ولا تجد شجاعة مواجهته بالميدان الا بالتحايل على قناعاتها لتعلن ‘جناحه العسكري’ منظمة ارهابية وكأنها تريد القول للعالم بان سيد المقاومة هو رئيس ‘الشين الفين’ الذي لا بد من اشراكه في اية تسوية في المنطقة كأمر واقع لا يمكن الفرار منه ناهيك عن الاذعان بان كل الحكومات في المنطقه هي مجرد ‘حكومات تصريف اعمال’ وانه لا دولة ولا حكومة ولا حكم ليس في لبنان وحده بل وفي كل بلاد الشام من دون هذا الرقم الصعب؟ !
– ماذا يعني ان يسلم الغرب وكل ادواته المحلية ويذعنوا ولو بعد لأي ‘بان الاسد باق لسنوات طويلة في الحكم’ وانه تبعا لذلك فانه هو الممثل الشرعي الوحيد للدولة السورية التي لابد من التفاوض معها بعد سنتين ونيف من محاولات الاسقاط او الاستنزاف الفاشلة وان ما تبقى لهم من امكانيات مصارعته هو احداث تكافؤ ما على الارض قد يمنع ان تكون له اليد المطلقة في مستقبل سوريm والاقليم؟!
ماذا يعني ان يتدافع ممثلو العالم الغربي وعلى رأسهم الاستكبار الامريكي لفتح قنوات اتصال مباشرة مع ايران الاسلامية كما هي ، بعد سنوات طويلة عجاف من محاولات اسقاط النظام او تغيير سلوكه كحد ادنى قبل ان تتحول صاحبة الفيتو الوحيد من خارج ما يسمونه بالمجتمع الدولي حول كل ملفات المنطقة الساخنة؟!
ثم يتبادر السؤال التالي الى الاذهان بعد ذلك فورا لماذا اندفعت السعودية وجرت او تحاول جر دول مجلس التعاون معها بالاكراه (كما تؤكد مصادر ديبلوماسية خليجية من داخل مطبخ صنع القرار) في مغامرة الغرق في المستنقع المصري رغم معرفتها بان ليس بين اي من الافرقاء السياسيين الدوليين منهم ام المحليين المصريين اللاعبين القدامى منهم او الجدد من يرتاح لهذه الاندفاعة المغامرة والمحرجة او يراهن عليها بجدية او يراهن عليها حتى على المستوى المنظور؟!
او ماذا يعني اضطرار رجل القرار الاول في السعودية للذهاب ان يذهب بنفسه الى موسكو للتفاوض مع قيصر روسيا لاجل اقناعه بحجز مقعد لبلاده في جنيف 2 وهو الذي تسلم لتوه ملف ‘خلق التكافؤ الميداني المناسب’ مع نظام الرئيس بشار الاسد على قاعدة كسب معركة حلب الكبرى؟!
او ماذا يعني محاولات اردوغان المتكررة والحاحه على ضرورة ارسال ظله الذي لا يفارقه (مجاهد ارسلان) الى طهران لتفتح له الاخيرة باب الولوج مجددا الى دارة بشار الاسد ، وكأنه يسابق رياح الميدان في ماراتون اكثر ما يقلقه فيه ليس الاخفاق في انتزاع ذهبية هذا السباق، بل يقينه بانه لن يحصل على اية ميدالية فيه ، ما يجعله في موقع المكتفي بحجز مقعد له بين صفوف المدعوين البروتوكوليين في مؤتمر جنيف2؟!
الا يعني كل ما تقدم بان واشنطن باتت القوة الاضعف بين اللاعبين الكبار والمتوسطين في منطقتنا العربية والاسلامية وان ما دونته مخابرات الناتو اخيرا بان قوة عسكرية كبرى او عظمى في المنطقة قد تبلورت وباتت جزءا لا يتجزأ من المعادلة الدولية اسمها جيش حزب الله الاعظم (العابر للحدود اللبنانية البتة)، صارت امرا واقعا لا يمكن الفرار من تداعياته في معادلات الحرب والسلام ؟!
يتساءل كثيرون في هذه الاثناء ان كانت لحظة دخول قوات هذا الجيش الاقليمي العظيم للجليل الاعلى باتت قريبة ، الى الحد الذي دفع باوروبا العجوز والفتاة ان تضحي بكل مصداقيتها التاريخية وتنحدر الى مستنقع سلوك الكيان الاسرائيلي الآسن لتعلن المقاومة ‘ارهابا’ خوفا من سقوط ‘النموذج’ الغربي الذي بذلوا من اجل الغالي والنفيس وقدموه لشعوب المنطقة بانه مثال نمط الحياة الغربية ‘اسرائيل’ كما كتب يوما رئيس وزراء اسبانيا الاسبق في مقالة له في صحافة بلاده المحلية: ‘بانكم في حال قضيتم على اسرائيل تكونون قد هزمتم نمط مدنيتنا الغربية الذي نفاخر به’؟!
انها وقائع ما قبل القيامة المشرقية الكبرى، والتي يبدو ان ثمة قادة عظاما عقدوا العزم على وضع احجارها واحدا واحدا محل كل حجر يتهدم من عمارتي سايكس بيكو ومعادلة المنتصرين في الحرب العالمية الثانية منعا لقيام سايكس بيكو جديد !
نعم ولكن اسمها خميني بيكو بدل سايكس بيكو
ان كان هناك من سايس بيكو جديد فقد حدث مع غزو العراق من التحالف الخفي الذي ظهر للعلن بعد ذلك بين جورج بوش الصغير زعيم المحافظين الجدد ونظام ملالي ايران, ذاك التحالف الذي تم بموجبه تسليم بلاد الرافدين على طبق لحكام طهران , ذاك الغزو فضح كل شيئ واظهر زيف الشعارات الخداعة التي يتغنى بها ما يسمى بمحور” الممانعة والمقاومة” حيث سكت نصرالله عن الكلام المباح واعتبر استباحة بلد في حجم العراق” تحريرا” حيث هل غربان الطائفية في المنطقة الخضراء وحولوا بلاد الرافدين الى خراب كما نراه اليوم
السيد محمد صادق الحسيني انه استشراف وتحليل في منتهىا الدقة واعتقد ان العرب اليوم يعانون من فايروس طائفي من الرأس حتى القدم وهذا يظهر من ردودهم على ماتكتبون أحياناً فهم اقل أمة في التاريخ تقرأ
وهي اخر الامم في إصدار العناوين حسب تقارير اليونسكو في كل عام.